مقتبس عن رواية «عندما يقرع الجرس» لمحمود عبد الواحد … «ماورد».. حكاية سورية بنكهة الورد الشامي
| وائل العدس
بين أدغال «رخلة» وطبيعتها الساحرة، هذه القرية التابعة لمنطقة قطنا بريف دمشق على ارتفاع 1500متر، وتحديداً على الحدود السورية اللبنانية، دارت كاميرا المخرج أحمد إبراهيم أحمد في ريف دمشق لتصوير أول أفلامه السينمائية الروائية الطويلة بعنوان «ماورد»، على أن ينتقل لاحقاً إلى مواقع أخرى في طرطوس وحمص، انتهاءً بريف العاصمة مجدداً.
الفيلم من سيناريو سامر إسماعيل مقتبس عن رواية «عندما يقرع الجرس» للروائي السوري محمود عبد الواحد، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما.
ويتناول الشريط تاريخ سورية بعد الاستقلال، عبر ثلاث مراحل زمنية، تبدأ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وصولاً إلى ثورة الثامن من آذار 1963، مبرزاً الصراعات الفكرية التي عاشها السوريون خلال تلك المراحل، وتأثيراتها الممتدة حتى يومنا الحالي مع ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي.
ويؤدي أدوار البطولة كل من: رهام عزيز، ونورا رحال، وعبد اللطيف عبد الحميد، ورامز أسود، وفادي صبيح، وأمانة والي، ووسيم قزق، ولجين إسماعيل، ويوسف المقبل، ووفاء العبد الله، وسعيد عبد السلام، والطفل علي حسين، علماً أن الشريط أول تجارب المخرج السينمائية الروائية الطويلة.
وتؤدي ملكة جمال الأردن لعام 2015 (السورية– الأردنية) رهام عزيز دور البطولة بشخصية «نوارة» وهي شابة تسكن في قرية تعتاش على زراعة الوردة الدمشقية، وتقطيرها، وتجفيفها، والصناعات التي تتعلق بها، من خلالٍ رمزيّة، تعكس جمال الطبيعة السورية الساحرة.
يقع في حب «نوارة» ثلاثة أساتذة، وتجري أحداث قصص الحب الثلاث، بموازاة المراحل التاريخية التي يرصدها الفيلم.
«الوطن» زارت موقع التصوير وكان لها هذا التقرير:
حكاية سورية
بداية، تحدث المخرج عن رمزية اسم الفيلم التي تحمل روح المكان، حيث إن الاسم تغير من «ثلاث حيوات للوردة» إلى «ما ورد».
وأشار إلى أن الشريط حكاية سورية لقرية فيها مدرسة تمر بثلاث مراحل، معتبراً أن الورد يحمل قيمة الإنسان السوري، وخاصة أن الوردة الشامية هي بطل الفيلم والتي تحمل قيمة عظيمة بالنسبة للعالم أجمع.
وقال: يمر الفيلم عبر ثلاث مراحل، المرحلة الأولى شيخ الكتاب ويؤدي دورها عبد اللطيف عبد الحميد، والمرحلة الثانية مرحلة الليبرالية (البرجوازية الوطنية في سورية) ويجسدها رامز أسود، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة ثورة الثامن من آذار ويؤديها فادي صبيح، وقد تم تعديل بعض مشاهد الفيلم لتضاف إليه أحداث الحالة السورية عبر تقنية (فلاش باك) بطريقة الدلالات والرمزيات.
وأكد أنه لا يجوز إنجاز عمل فني من دون تناول الأزمة، الأمر الذي اضطرنا لتعديل بعض المشاهد، فالعمل لم ينته عند عام 1963، بل بدأنا من زماننا هذا وعدنا بـ«فلاش باك» عن طريق إحدى الشخصيات بتوظيف درامي صحيح، ومررنا على الأزمة بدلالات رمزية من دون أن نغوص بالتفاصيل.
وأكد أحمد إبراهيم أحمد أنه لاقى صعوبة في اختيار الشخصيات لكون العمل يجري في بيئة طبيعية للغاية وتتطلب مواصفات معينة في الشخصيات التي تؤدي الأدوار بعيداً عن أي عمليات تجميلية.
التعاون الأول
بدورها كشفت نورا رحال أنها تؤدي دور امرأة فرنسية قدمت إلى سورية لاستغلال خبراتها، تعمل بالعطور وتصل إلى قرية لسرقة نوع العطر الذي تتميز به.
وأكدت أن العمل بعيد عن الحالة التي نعيشها حالياً كصورة وطرح بوجود البساتين والورود والألوان، على الرغم من تشابه الفكرة بوجود الاستغلال الدائم، ويبتعد الفيلم عما توجهت إليه الأفلام السورية في الفترة الأخيرة، ويتحدث عن الحالات الإنسانية والبشرية والعاطفية والغناء ويضم صوراً إنسانية.
وشددت: إننا بحاجة للغناء الدائم للوطن بعيداً عن الوضع الحالي، والعمل مكتوب منذ زمن قبل الأزمة ولكن تم تعديل بعض أحداثه لتتماشى مع الواقع الحالي.
وأضافت: إن العمل السينمائي بالنسبة لها كالقيام برحلة إلى مخيم كشاف، حيث تتعرف إلى مناطق وأشخاص جدد، والطبيعة تفرض نفسها في الفيلم وتضفي عليه بهجة، ونفت أن يكون بعد المكان قد أزعجها، معتبرة أن جمال الطريق وسحر الطبيعة ينسيانها المسافة.
وقالت إن الفيلم هو أول تعاون سينمائي مع المخرج أحمد ابراهيم أحمد، وصفته بأنه شخص رحب الصدر ومرتاح مع الكاميرا، كما أن فريق العمل بشكل عام يشبه الأسرة الواحدة.
العمل السابع
أما رهام عزيز فبينت أنها تؤدي دور «نوارة» وهي فتاة ريفية جميلة، يقع في حبها شباب القرية وتقوم باستغلالهم لمصلحة أهوائها، ومنهم شيخ الكتاب الذي يحبها ويحلم بها، وأيضاً «غانم»، وأستاذ المدرسة.
وكشفت أن (ماورد) العمل السابع لها في الفن السابع، وهي حصيلة جيدة جداً بالنسبة لي، لأن السينما أرشيف الفنان وتاريخه، وقد كانت لي فرصة جيدة لتجسيد شخصيات متعددة عبرها، بعيداً عن التكرار.
مشكلة صحية
ويؤدي وسيم قزق دور «نايف» الأخرس، وهو شقيق «نوارة» ساحرة الضيعة، وهو شخص طيب وبسيط، يتعرض لمشكلة صحية هي أن لسانه عقد منذ صغره بسبب حادثة تعرض لها.
وتتسم شخصيته بصعوبة الأداء وقد كان هناك حاسة ممنوع أن يستخدمها هي النطق، يتعرض لكمّ كبير من الضغوطات في هذه القرية بسبب جمال شقيقته، في المراحل الثلاث التي نراه بها ومع الأحداث التي تدور في هذه القرية، والأساتذة الثلاثة الذين مروا بالقرية، يكتشف «نايف» في المرحلة الثانية بحضور الأستاذ «غانم» وزوجته الفرنسية، أن الأمر أكبر من كون «نوارة» فتاة طبيعية وبريئة، فتحدث نقطة تحول بشخصيته، ينكسر ويتحول من شخص طيب عفوي وطفل إلى إنسان كئيب وعميق.
وقال: في سبيل ضمان حسن أداء الشخصية قمت ببحث حولها، وقابلت كثيراً من الناس المشابهين الذين لديهم هذه المشكلة، واضطررت للقيام بمجموعة من التمارين والتدريبات لأعرف كيف يمكن للأبكم أن يعبر من دون لغة الإشارة، لأنه في الخمسينيات لم يكن هناك لغة إشارة في سورية، وبالتالي إشاراته بسيطة جداً، وتعابير الوجه تلعب دوراً مهماً كي يوصل الفكرة التي يريدها أو شعوره الذي لديه.
وتابع: حاولت أن أؤدي الدور بشكل منطقي قريب من الواقع وغير متخيل فهو واقع موجود لنماذج شبيهة موجودة في حياتنا، لكنهم يستخدمون لغة الإشارة، فحاولت جمع كل هذه النماذج في «نايف».
وختم: العمل مع الأستاذ أحمد ممتع جداً، وأنا أثق به وأثق بالنتيجة التي سننتهي إليها في هذا الفيلم، هناك نوع من التفاهم والانسجام بيني وبينه، ونتقاطع بكثير من الأفكار حول بعض المشاهد، هو لديه رؤيته الإخراجية، وأنا أحاول التحرك بحرية ضمن الإطار المحدد لي من دون الخروج عن رؤية المخرج.