سورية

الجيش يستهدف منصات القذائف والدعوات إلى الإضراب في حلب لم تنجح

| حلب – الوطن

انتصرت إرادة الحياة في حلب على التقوقع والانزواء والتخاذل الذي دعت إليه بعض الأصوات المنادية بتنفيذ إضرابات واعتصامات رداً على المصاب الجلل الذي أصاب المدينة خلال الأيام الثلاثة السابقة لأمس التي شهدت سقوط 500 قذيفة متفجرة أودت بحياة 44 شهيداً وأكثر من 300 جريح من المدنيين.
«الوطن» رصدت مظاهر الحياة العامة في أنحاء المدينة كافة التي تقع تحت سيطرة الجيش العربي السوري والتي دبّ فيها النشاط بمزاولة السكان لفعاليات حياتهم الطبيعية حيث قصد الموظفون دوامهم في القطاعين العام والخاص وافتتحت المحال التجارية أبوابها أمام حركة المتسوقين على الرغم من مخاوفهم المحقة بتجدد سقوط القذائف الصاروخية التي أعملت الخراب والدمار الكبيرين في الأحياء والهلع والذعر في نفوس السكان الذين تغلبوا على قوى الإرهاب التي تريد النيل من صمود وممانعة المدينة في وجوه مخططاتهم.
التحدي الأبرز الذي واجهه أهالي الشهباء أمس بإصرارهم إلى إرسال أبنائهم إلى المدارس بعدما شهدت خمس منها سقوط قذائف عليها أو في محيطها أودت بحياة 6 أطفال أمس الأول فقط فبدت الحركة من وإلى المدارس طبيعية وفي حدودها المعتادة في ظل اقتراب موسم الامتحانات الذي فرض هو الآخر مخاوف جديدة من استهداف المدارس خلال أوقاته. كما توجه الأهالي إلى المساجد في أوقات الصلاة جميعها في مناطق خطوط التماس التي شهدت 7 من مساجدها سقوط قذائف عليها أثناء دخول أو خروج المصلين منها واستشهاد أعداد منهم لم تمنع البقية عن أداء واجباتهم الدينية في المدينة التي تعيش الإسلام والتسامح الديني على الرغم من تطرف المسلحين.
وكانت دعوات انتشرت شفاهية بين عامة الناس وعلى بعض مواقع التواصل الاجتماعي حضت على تنفيذ إضرابات بالجلوس في المنازل وعدم الذهاب إلى الوظائف والعمل والمدارس عدا عن تنفيذ اعتصامات لم يقصدها أحد، وذلك بهدف الضغط على الحكومة لمنح المدينة المنكوبة مزيداً من العناية وتحسين الخدمات ودفع الجيش إلى شن عملية عسكرية واسعة تقضي على منابع الإرهاب وتطهير الأحياء التي تعتبر موئلاً للإرهابيين ومقراً لاستخدام أدوات إجرامهم بإطلاق القذائف وفي مقدمتها حي بني زيد الذي حصد أرواح آلاف الشهداء وأقعد آلافاً أخرى من المعوقين خلال السنوات الأربع المنصرمة.
من جهة ثانية، نفذ سلاح الجو في الجيش العربي السوري أمس طلعات مكثفة استهدفت مقرات ومراكز وتجمعات المسلحين في الأحياء التي تطلق منها القذائف الصاروخية، كما سددت مدفعية الجيش ضربات قوية حققت إصابات مؤكدة في مجاميع المسلحين وأسلحتهم.
مصدر ميداني أكد لـ«الوطن» أن الجيش دمر العشرات من منصات إطلاق القذائف الصاروخية من قذائف الهاون و«مدفع جهنم» وصواريخ «حمم» محلية الصنع في أحياء بني زيد وبستان القصر وبستان الباشا وصلاح الدين وسيف الدولة والزبدية وجمعية الزهراء ومنطقة الليرمون التي تعد المراكز التقليدية لإطلاق القذائف على الأحياء الآمنة عدا عن مناطق أطراف المدينة في الراشدين الأولى والرابعة والخامسة وأرض الجبس غربي المدينة التي شن منها المسلحون هجوماً عنيفاً أمس الأول بقيادة جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سورية، ولقنهم الجيش درساً قاسياً وحال دون تحقيقهم لأي من أهدافهم بتغيير خريطة السيطرة فأطلقوا مئات القذائف على الأحياء الآمنة كرد فعل على فشلهم وخسائرهم البشرية الكبيرة وهمجيتهم.
وشهدت بعض أحياء المدينة مساء أمس الأول سقوط قذائف على أبنيتها السكنية وشوارعها مثل الأعظمية والأكرمية وشارع النيل وسيف الدولة والسليمانية والعزيزية والأشرفية وجمعية الزهراء وضاحية الأسد وبنك الدم ومشفى ابن رشد ونزلة الحريري من توافر إحصائية عن الخسائر البشرية في صفوف المدنيين.
وعلى حين أعلنت غرفة صناعة حلب عن إغلاق مقرها لثلاثة أيام حداداً على أرواح الشهداء، أعلنت بعض المشافي الخاصة عن استعدادها لاستقبال المصابين من القذائف على حلب وتقديم خدماتها الطبية مجاناً مثل العمليات الجراحية والإسعاف وأجور غرف الإقامة والتحاليل الطبية والصور الشعاعية في بادرة جديدة تضامناً مع السكان ومصابهم الأليم.
في غضون ذلك، أدى تصاعد المعارك بين تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية والمسلحين بريف حلب الشرقي خلال اليومين الماضيين، إلى نزوح آلاف العائلات متجهة إلى الشريط الحدودي القريب من معبر باب السلامة مع تركيا، حسبما أفادت مصادر أهلية لوكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء.
ووصف محمد العبد اللـه في تصريحات للوكالة الحياة في مناطق الاشتباكات بـ«المأساوية جداً»، لافتاً إلى أن الضربات استهدفت جامع البدوي ومنطقة الصناعة وكازية النجار وشارع زمزم والطريق الواصل بين مدينة الباب وبلدة تادف، ما أوقع قتيلين وعدداً من الجرحى بين المدنيين، لافتاً إلى أن الضربات وقذائف الهاون طالت محيط بلدتي بزاعة وقباسين، ما أدى إلى خلق حركة نزوح كبيرة للعائلات من مدينة الباب وريفها.
وأشار العبد اللـه إلى أن داعش واصل حملة التفتيش بين المدنيين في الباب عبر مداهمة المنازل بحثاً عن خطوط الاتصالات التركية وذلك بعد قطع الانترنت بنصب أبراج (الجاممر) التي تستخدم لتجميد الاتصالات.
ولقد قصف داعش مخيم إكدة وحرق خياماً فيه، ما أدى إلى حدوث حالات هلع بين الأطفال والنساء، ونزوح أهالي المخيم إلى مناطق أكثر أمناً بعد تقدم التنظيم داخله قبل أن ينسحب منه مجدداً وتعاود مجموعات المسلحين السيطرة عليه. كما قصف التنظيم المخيمات الحدودية القريبة من محاور الاشتباك مع الفصائل المعارضة المسلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن