ثقافة وفن

عصرنة التراث… طموح للشباب وأسلوب فريد يميز الفنان السوري .. الأعمال اليدوية السورية مميزة عالمياً وعربياً … تنبكجي: الأعمال اليدوية الصينية تملأ الأسواق

| سوسن صيداوي

احتفالية «أيام الآداب الثقافية» شأنها شأن الكثير من الفعاليات الناجحة والتي تسعى إلى ترسيخ فكرة محددة وهي بأن دمشق حاضرة كما في السابق وما زالت غنية بكل ما فيها من علوم وأدب وفنون وخاصة الأعمال اليدوية التراثية، فلقد احتوت الفعالية حب عشاق التراث مساهمة في نشره مع تأكيد رعاته بأنه حاضر ولن يغيب. من بين الفنانين المتواجدين في الاحتفالية الفنان التشيكلي عدنان تنبكجي، وهو حرفي وعضو في عدة جمعيات وهيئات منها الجمعية الحرفية وهيئة ريف دمشق للرسم على الزجاج، كما أنه شارك في العديد من المعارض المحلية والعربية والدولية، وهو يعتبر لمشاركاته ضرورة للتركيز على أهمية الحرف اليدوية السورية لأنها تمثل الهوية السورية.

علاقتي بالنحاس… عشقيّة
بالطبع تعلم الفنان التشكيلي عدنان تنبكجي الكثير من أنواع الفنون منها النحت والرسم التشكيلي إلا أن حرفة النحاس لديها طابع خاص وعلاقته بها مميزة عن غيرها من الفنون التي يجيدها، شارحاً «أنا أعشق مهنة النحاس كثيراً فهي حرفة أنا أخذتها وراثة من جدي الذي كان المساهم الأكبر في عشقي لها ودفعي لمتابعتها من خلال دراستي، كما أنني أتغزل دائماً بالنحاس فهو معدن مرن ويمكن التحكم فيه، وطبعا لم أكتف بحرفة النحاس القديمة إلا أن لي بصمات جديدة عليها من خلال تطويرها لتكون معاصرة وتتماشى مع الديكورات الحديثة».

النحت… حكاية تاريخ
للنحت ركن خاص في نشاطات الفنان عدنان تنبكجي الذي يتميز بأسلوبه فيه فهو يؤرخ به التاريخ من خلال منحوتات صغيرة تمثل الحضارات السورية القديمة وتجسد شخصيات عاشت خلالها كما أوضح «محبتي للفن دفعتني لتجربة كل ما يتعلق به وحتى النحت كان له نصيب في فني وخصوصاً أنني قمت بنحت قطع صغيرة تمثل مراحل تاريخية ومعالم تاريخية سورية وذلك بغرض ترسيخها بالآذهان».
الأعمال السورية مميزة عالمياً وعربياً
الجودة والأصالة والعراقة في الأعمال الفنية السورية عناصر يسعى الفنان جاهدا أن تتمتع به الأعمال أو القطع الفنية ليكون هذا أسلوباً متفرداً للفن السوري، هذا ما أكده الفنان عدنان تنبكجي «تميّز الأعمال السورية دائماً حاضر وبالرغم من كل الظروف الصعبة التي تواجه الفنان سواء في نوعية المواد المتوفرة أم حتى في التصدير إلا أن ما يبعث فينا السرور هو تمييز الأعمال السورية مباشرة والزبائن يقولون بمجرد رؤيتها إنها أعمال سورية، بالإضافة إلى نقطة بأنه رغم صعوبات تصدير البضائع إلا أن المشتري الأجنبي والعربي يتمسك بالصبر رغم الزمن الطويل الذي يتطلبه الشحن وذلك فقط لأن القطع الفنية هي سورية الإنتاج».

الصيني يملأ الأسواق
بالرغم من انتشار البضائع الصينية وبالرغم من منافستها القوية إلا أن الأعمال اليدوية السورية هي بالمرتبة الأولى، هذا ما كشف عنه الفنان عدنان تنبكجي «نعم الظروف الحالية أثرت على السوق وكذلك المنافسات من الدول الأخرى وخصوصاً الصين، وبتطور التكنولوجيا التي أصبحت تستغني عن اليد العاملة، هذه كلها وضعت الأعمال اليدوية في مكان لا تحسد عليه ولكن ورغم كل ذلك من عقبات إلا أنها تبقى حاضرة ومرغوبة ومحبوبة».

عصرنة التراث… طموح للشباب
يعاني التراث الدمشقي من هجوم التطور والعصرنة فكل ما هو قديم في نظر الكثيرين هو غير جميل، كما أن الديكورات في الوقت الحالي تتوجه بكل تفاصيلها لمواكبة الحداثة، شارحاً الفنان عدنان تنبكجي «الأعمال اليدوية التراثية تهاجم من أشخاص لا يقدرون قيمتها الفنية كما أنهم، ويمكننا القول، لا يتمتعون بذوق فني، حتى إنهم يعتبرونها «دقة قديمة» أو «كركوشة» في المنزل، ولأن هذه الأعمال هي هويتنا وهي تراثنا الذي يقدره كل العالم ويسعى للحصول عليه، لذلك قمت بما يسمى «عصرنة» المنتج مهما كان نوعه، أي أنني أقوم بتطويرها كي نرضي أذواق الشباب ولكن من دون أن نمس بهويته، فالنحاس مثلاً نقوم بترصيعه بالكريستال، كما أدخلنا النحاس مع الخشب الأمر الذي يجعل عليه إقبالاً أكثر».

لولا ما ورّث لي… لم أكن
ليس من السهل معانقة ما نحب والاحتفاظ به كي يكون قوتا يوماً نستلذ به ومصدرا للعيش واستمرارا للحياة، فالكثير والكثير من الموهوبين تخلّوا عن أحلامهم كي يسعوا لتحصيل قوتهم اليومي والحال واضح عند الكثير من الفنانين عموماً والرسامين خصوصا، شرح الفنان التشكيلي عدنان تنبكجي «نعم أنا فنان محظوظ لقد ولدت في عائلة تحب الفن وتمتهنه في الحياة وهذا ما شجعني كي ألتزم الفن منهجا في حياتي وأثابر به أكثر وأطوره حتى في النهاية أحافظ عليه وعلى قيمته الفنية والتراثية ومن جهة ثانية كي أتمكن من خلاله من تأمين رزقي».

الدعم ليس بالإثناء
الأزمة السورية أثرت على كل سوري بشكل عام وصّعبت كل أمور الحياة، حتى إنها وصلت إلى إعدام الحياة من خلال تدمير ورش العمل الأمر الذي دفع الكثير إلى هجر البلاد والرحيل عنها مخلفيّن وراءهم الدمار ومستغنين عن الأمل بإعادة الإعمار وزاهدين بدفء نفس الصبر بأن القادم ربما يكون أفضل الفنان عدنان تنبكجي «لقد تأثر الكثير من أصحاب الورش والمهن بالأزمة، فلقد احترقت ودُمرت ورشهم، حتى إن الرحيل ومغادرة سورية أوصلتنا إلى مكان نحن نفتقر فيه لليد العاملة، وكنا طالبنا بوجود ورشات مصغرة ومأجورة، أو مثلا أن يقوم القطاع العام أو الخاص من خلال البنوك بإقامة مبنى خاص للحرفيين، وأن يكون العمل تجارياً وليس بالضرورة أن يكون مجانياً، كي نقوم بجمع ما تبقى من يد عاملة للحرف اليدوية، ولكن للأسف نقص المتابعة والاهتمام من الجهات المعنية دفعت بالكثيرين للمغادرة، كما نحن بحاجة لتعليم هذه الحرف في المدارس والمهاهد كي لا تندثر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن