ثقافة وفن

ازدواجية أميركية!

| د. اسكندر لوقا 

منذ سنوات ليست بعيدة، ضجت أوساط أميركية، بمختلف شرائحها وأطيافها، عندما ألقي القبض على طبيب بتهمة المتاجرة بأعضاء أجسام الموتى. واعترف هذا الطبيب ويدعى سبيكتور، بأنه يشتري الرأس البشري بـ100 دولار ويبيعه بـ200 دولار، بحجة تلبية حاجات الطلبة في بعض كليات الطب في بلده نيوجرسي. وهكذا كان الأمر بالنسبة لبقية أعضاء الجسم البشري مثل الأذرع والآذان والحناجر وإلى آخر هذه المنظومة التي دخلت في صلب التجارة التي بدأ الدكتور سبيكتور يمارسها في حينه.
طبعا لم يكن سبيكتور الوحيد في هذا المجال، فقد تبين أن ثمة من يساعده أو يشاوره، فضلا عن وجود شركاء وعملاء إلى جانبه، ما أدى في النهاية إلى القبض عليه وعلى أفراد من عصابته، وهكذا أثيرت الفضيحة التي شغلت الرأي العام الأميركي، على غرار الفضيحة التي سبقت، أعني بها فضيحة ووترغيت الشهيرة.
إلا أن الغريب في الأمر ليس وجود طبيب من هذا النوع في مجتمع خليط من أجناس عدة كالمجتمع الأميركي، الغريب في الأمر هذه الحساسية المفرطة وهذا الشعور المرهف لدى الشعب الأميركي حيال سرقة أعضاء الجسم البشري الأميركي، والصمت الذي يغلفه حيال سرقة أعضاء جسم بشري وهو حي يرزق، وتناول البعض من أطرافه على وضح النهار وأمام ملايين الناس، كما شاهدنا وشاهدوا كيف يتم قطع الرؤوس وتبادلها بين الأرجل ككرة القدم، وكيف يتم قطع الأيدي والأذرع وأكل الأكباد وسوى ذلك من مشاهد تقشعر لها الأبدان، ولكن ليس أبدان الأميركيين والغرب عموما بطبيعة الحال، فقط لأن الضحية هنا ليس أميركياً أو أوروبيا، ولكنه من العرب وتحديدا من العرب السوريين.
وحين تسأل مواطنا أميركيا اليوم لماذا لا تقل كلمتك في ارتكاب مثل هذه الجرائم بحق الإنسانية يجيبك ببرود وما شأني أنا لأجعل منها مشكلة تلهيني عن أمور تخصني في عملي؟
على هذا النحو، تكون الازدواجية في السلوك الأميركي والغربي المعاصر عموما، ولهذا الاعتبار تبقى الحقيقة ضائعة ولو إلى حين سقوط الأوراق عنها وانكشافها.
يقول المناضل العربي الشهير شيخ المجاهدين عمر المختار (1858-1931): إنني أؤمن بحقي في الحياة وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح. ولكن حينما أقاتل كي أغتصب وأنهب لأعيش أكون غير جدير بحمل صفة إنسان ولا بالدفاع عن حقي في الحياة.
تلك هي تبعات المعادلة التي تنطبق اليوم على غزاة بلدنا سورية العرب والعروبة فرداً فرداً..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن