التهديد بالحماية الجوية للمجموعات المسلحة حرب نفسية فاشلة
تحسين الحلبي:
إذا كانت واشنطن وتل أبيب وحلفاؤهما قد وضعوا مخططاً لتقسيم دول المنطقة وفي المقدمة العراق وسورية فإن مسار تنفيذ هذا المخطط بدأ يفرض وحدة مقاومة رسمية وشعبية عربية عراقية وسورية تتصدى لأدوات هذا المخطط من داعش إلى النصرة إلى المجموعات الإرهابية كافة التي تمولها الدول المتحالفة مع أصحاب هذا المخطط.. ولاشك أن مظاهر وأشكال وحدة الموقف ووحدة التصدي ضد المجموعات الإرهابية ستحمل معها نتائج على الأرض رغم كل أشكال التواطؤ الأميركي مع الحركات الإرهابية في العراق وسورية، فلا العراق سيعود إلى عهد النفوذ والاحتلال الأميركي بعد الانتصار على داعش وأمثالها، ولا سورية ستبقى معزولة عن التأثير المباشر في جوارها العربي، وخصوصاً أن السنوات الأربع الماضية في مجابهة هذا الإرهاب ولدت قواعد عمل ضرورية ومشتركة مع الجوار السوري الذي يتصدى للإرهاب في لبنان وفي العراق ويتلقى الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من القوة الإقليمية الكبرى في المنطقة التي تتمثل في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.. فقد أصبح من اللافت أن يولد اتساع رقعة نشاط المجموعات الإرهابية تلاحماً شعبياً على مستوى كل دولة تجاور سورية مع جيشها الوطني العراقي أو اللبناني ونتج عن هذا التلاحم إنشاء لجان دعم شعبي للجيش في العراق ولجان دفاع وطنية شعبية لدعم الجيش العربي السوري واحتل حزب الله دوراً مركزياً في دعم الجيش اللبناني في حماية لبنان وحدوده مع سورية ضد الإرهابيين.
وبموجب قساوة هذه الحرب وخصوصاً فيما يتعلق بأخطر أهدافها وهو تقسيم هذه الدول يظهر جلياً أن شعوب هذه الدول وقياداتها السياسية تدرك الآن أنها تتصدى لحرب إرهابية هدفها التقسيم والتفتيت وتدمير كل ما يجمع هذه الشعوب في أوطانها، ولهذا السبب بالذات لا يمكن لواشنطن وتل أبيب تحقيق أهدافها هذه ضد الإرادة والمصلحة الوطنية والقومية في هذا الجزء من العالم العربي..
ويبدو أن واشنطن شعرت بأن مخطط التقسيم يصطدم في العراق بصعوبات واضحة وبأنه يصطدم بصعوبات مماثلة ومتزايدة في سورية فدفعت أنقرة إلى الإعلان بأن واشنطن اتفقت مع تركيا على تقديم حماية جوية أميركية للمجموعات المسلحة الإرهابية في بعض المناطق، وهذا ما يتعارض نهائياً مع السيادة السورية ويشكل إعلان حرب مكشوفة تشنها أميركا ولذلك يستحيل الاعتقاد أن واشنطن تتجرأ على فتح حرب مباشرة على سورية لحماية أي منطقة تسيطر عليها مجموعات إرهابية وخصوصاً في هذه الفترة التي تنتظر فيها المنطقة التوقيع في حزيران المقبل على اتفاقية الدول الخمس + واحد مع طهران ورفع العقوبات عنها وهي الدولة المتحالفة بشكل وثيق مع سورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد كل أعداء سورية في المنطقة.. وهذا ما يعتقده (جيسون ديتس) محرر أخبار وتحليلات موقع (أنتي وور) في تحليل جاء فيه أن الولايات المتحدة لم تنتهِ بعد من التمهيد والإعداد لاحتمالات المجابهة العسكرية مع حلفاء إيران وسورية وخصوصاً روسيا والصين، فالولايات المتحدة تنشغل بنشر الإرهاب والحروب الداخلية منذ سنوات ولم تصل بعد إلى المرحلة التي تسبق إطلاق شرارة الحرب والمجازفة بتحمل نتائجها الشاملة.
ويرى محللون في الموقع نفسه أن أوروبا سترفض أي مشاركة أميركية مباشرة في حماية مناطق وقعت أو تقع تحت نفوذ أو سيطرة أي مجموعات مسلحة لأن ساحة هذه المجموعات تختلط فيها بشكل شامل اتجاهات داعش والنصرة وكل المسلحين القادمين من حدود تركيا أو الأردن يصبحون احتياطياً لمجموعات داعش والنصرة مهما كان اسم المنظمة التي ترسلهم للقيام بالعمليات الإرهابية ضد سورية وفي النهاية لن يتجاوز التصريح الذي يهدد بحماية جوية أميركية للمسلحين خطوط كتابته في وسائل الإعلام الأميركية أو التركية ولن يكون سوى محاولة شن حرب نفسية فاشلة.