رياضة

العمل بالمجان لا يثمر إنتاجاً … إلى متى ستبقى (البيروقراطية) تعوق عمل كرة القدم؟

| ناصر النجار

«زنقة» اتحاد كرة القدم في التعاقد مع مدرب على مستوى عال فتحت جروحاً كثيرة، بعضها اندمل وبعضها ما زال نازفاً والحكاية هنا يجب أن نعود بها إلى نقطة البداية، لنكتشف أن كرتنا تسير على (ما يسّر) من إمكانيات ومواهب وظروف وهبات وأعتقد أن مثل هذه الأوضاع لن تنعش كرتنا، ولن تطورها إلى الدرجة التي يتمناها عشاق الكرة السورية، أو على الأقل القائمون عليها.
وعملية تطوير الكرة بعيدة كل البعد عما يبحثه اتحاد الكرة اليوم، أو ما يطالب به الجمهور، فالطلبات هذه محصورة بمدرب محترم، وكم لاعب هنا وهناك، ومباريات ومعسكرات، ورغم أن هذا أساسي ومفيد إلا أنه ليس كل شيء في عالم التطوير الذي يجعل الكرة متفوقة ومنتجة على الدوام.
وفي التوصيف الحقيقي لكرتنا فإنها ليست محترفة ولا هاوية، وهي تقع في حلقة مفرغة تتمسك بها الهواية من جهة وتحاول أن تمسك بالاحتراف من جهة أخرى، لذلك لن تحصل كرتنا كما يقول المثل (عنب الشام أو بلح اليمن)!
ولذلك قلنا في وقت سابق كرتنا فوق الصغار وتحت الكبار، وهذا ما أثبتته كل المنتخبات الوطنية بكل الفئات، فحدودنا باتت معروفة، ونحن أفضل من أكثر من ثلاثين منتخباً آسيوياً، لكن ماذا يفيد كل ذلك إن كنّا لا نقوى على منتخبات الصفين الأول والثاني في آسيا؟
لذلك علينا أن نتساءل كيف نتجاوز الموقع الذي نحن فيه، وعلى الأقل كيف نكون منافسين لكبار آسيا؟

العمل التطوعي
منظومة العمل في اتحاد كرة القدم غير قادرة على التطوير لأن عملها مجاني وتطوعي، وهذا يقودنا إلى نتيجة طبيعية مفادها: إن العمل هو آخر اهتمام العاملين في هذا الاتحاد سواء كانوا أعضاء اتحاد أو أعضاء في اللجان العليا.
والعمل الرياضي في اتحاد كرة القدم (وكذلك بقية الاتحادات الرياضية) بات لا يُطعم خبزاً، والمهرولون إلى هذه المناصب (الخلبية) يبحثون عن بقعة ضوء من خلالها يتسللون نحو آفاق خارجية، كعضو لجنة آسيوية، أو دورة محترمة على الصعيد الآسيوي، وغير ذلك لا يقدم ولا يؤخر، فمراقبة مباراة لم تعد أجورها تحمل همّها وأجور السفر صارت أغلى من إذن السفر.
لذلك بماذا نطالب أعضاء اتحاد الكرة؟ وإذا غاب عضو لجنة عن اجتماع مرة أو مرتين، فما الضوابط الرادعة التي سنواجه بها هذا الغياب!

تحديد الهدف
في الدرجة الأولى للتخلص من حالة عدم التوازن، تحديد الهدف، وبناء عليه يمكن الانطلاق وفق الهدف الذي سنحدده.
فإن اعتبرنا كرتنا هاوية مثلها مثل اليمن والصومال وغوام وبوتان فلا حرج من موقع كرتنا أينما كان، وهنا علينا أن نعلن ذلك للملأ، ونعلن لمن يرغب في العمل بكرة القدم أن عمله حب وكرامة بكرة القدم وتطوع لها, وإن أردنا أن تكون كرتنا محترفة فعلينا أن نخطو الخطوات المفترضة لدخول عالم الاحتراف.

الإدارة أولاً
أولى الخطوات تبدأ بالإدارة الجيدة المختصة المتفرغة لكرة القدم ومن دون هذه الإدارة لا يمكن لكرة القدم الحقيقية أن تبصر النور، فالإدارة فيها توزيع مهام، وفيها تنظيم وفيها محاسبة، بالمختصر المفيد يجب أن يكون اتحاد كرة القدم شركة تجارية ربحية ما دام لها مدخول مالي، ولديها استثمارات، ولديها عوائد كثيرة من النقل التلفزيوني والاعلانات وغيرها، وهذا يمكن استثماره بشكل دائم، وخصوصاً أن كرة القدم لها محبوها وعاشقوها الذين يحبون أن يستثمروا فيها.

المال ثانياً
كل الاتحادات الوطنية تملك مالها الكروي، إلا اتحادنا الذي لا يملك أي حرية بالتصرف المالي حسب النظام الداخلي للاتحاد الرياضي العام، وهذا يعني أن اتحاد كرة القدم عاجز عن التصرف بحرية لأن أي قرار يمكن أن يتخذه يجب أن يحصل على الموافقة عليه، وقد لا يحصل على هذه الموافقة، وهذا يقودنا إلى أن العمل في اتحاد كرة القدم تغلفه (البيروقراطية) وقد لا يصل إلى مبتغاه، وإن وصل إلى ذلك فسيكون بعد وقت (وأخذ ورد).
في الحقيقة فإن الاحتراف الرئيسي يبدأ من الكوادر العاملة في اتحاد كرة القدم، والعمل فيه يجب أن يكون مأجوراً، ونقصد هنا اللجان العليا، فليس من الضروري أن تكون اللجان فضفاضة في عددها، ولا يجب أن يتجاوز عدد أفراد اللجنة الواحدة خمسة أعضاء، وعلى سبيل المثال لجنة الحكام العليا، تعمل وتجتهد، والمطلوب منها أن تطور وتخترع وتكتشف الحكام، وبعد كل هذا ماذا نعطيها أو نقدم لها؟ لا شيء سوى بضع مباريات يراقبها الأعضاء ومجموع ما يراقبه العضو الواحد في الموسم الكروي لا يعادل راتب موظف! والشيء نفسه ينطبق على بقية اللجان الحيوية.
أخيراً نقول: كرة القدم ليست مدرباً ولاعبين فقط، بل هي إدارة وتخصص ومال، والمفترض أن نبادر إلى تسوية أوضاع اتحاد كرة القدم ليتمكن من تنفيذ برامجه وبالتالي تطوير كرتنا لنستطيع مقارعة كبار الدول الآسيوية فكرياً وإدارياً وتنظيمياً قبل مقارعتهم على أرض الملعب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن