ثقافة وفن

التلفزيون.. لماذا يسترقون النظر إليه في المقهى؟!

| يكتبها: «عين»

المقهى تاريخيا، مكان للثرثرة وتفريغ كل شحنات القلق وموجات السأم عند الناس، واستغل المقهى سياسياً، فأصبح مكانا للتنظير والحكي على الدولة وعلى الأحزاب وحتى على المسؤولين، واستغل إعلاميا فأصبح مكانا لالتقاط المصادفات والنوادر وإجراء المقابلات مع أنصاف النجوم والنجوم، والغريب أن كل ذلك يتراجع الآن في المقهى لمصلحة حالة واحدة، هي: الصمت!!
لماذا يصمت الجميع في المقهى؟! ويسترقون النظر إلى التلفزيون؟
عندما ترصد الجالسين فيه تلاحظ بدقة: الذي يشرب النرجيلة صامت. يسحب من دخانها إلى أن تجحظ عيناه، ولا يتحدث بصوت عال أبدا، ولكنه ينظر بين لحظة وأخرى إلى جهاز التلفزيون الموجود في أكثر من مكان في المقهى!
الذين يلعبون الورق، يلعبون بصمت إلى أن يخطئ أحد الشركاء برمية ما، فيعلو الصوت، وترافقه غالبا شتيمة، ثم يعود الصمت، وبين رمية وأخرى يمكن ملاحظة لاعب ما يسترق النظر إلى جهاز التلفزيون!
ومن غرائب المصادفات، أن بإمكانك أحياناً أن تشاهد عاشقين، يجلسان من دون كلام. أحدهما يدخن والآخر يشرب النرجيلة، وبين لحظة وأخرى تلتقي عيونهما وهما يحاولان استراق النظر إلى التلفزيون!
القصة بدأت مع أول الأزمة في سورية، فكان جهاز التلفزيون مثل الحكواتي الذي يتحدث عن الزير سالم يقسم الناس الموجودين في المقهى، فهذا يريد الخبر العاجل على الجزيرة، وهذا يريد الخبر العاجل على الفضائية السورية، ثم فجأة قرر أصحاب المقاهي إغلاق التلفزيون، ثم أعادوا تشغيله من دون أخبار!
هذه المسألة شغلتني، فلماذا يسترق رواد المقهى النظر إلى التلفزيون؟
اكتشفت المسألة سريعا: فالمحطات التي يفتح عليها أصحاب المقاهي هي من نوعية خاصة، فإما أن ترى على الشاشة خليجيين يرقصون في ساحة واسعة بالدشداشة، وإما أن ترى لبنانيين يرقصون مع ملكات جمال بالشورت، وإما أن ترى مصريين يحتشدون حول شعبولا ويرقصون كالهنود.. ارتفع صوتي في المقهى: افتح التلفزيون على الفضائية السورية يا رجل! افتح على سورية دراما! افتح على نور الشام بس خلصنا!
لم يرد صاحب المقهى، وبعد أن نظرالجميع إليّ، وكأنني معتوه، عادوا إلى صمتهم وطريقتهم الخفية في النظر إلى التلفزيون؟!

يوميات فيلم وثائقي سوري
•عرضت الفضائية حلقة من سلسلة وثائقية «موقع وحضارة» عن دمشق، والطريف أن المشاهد سيلاحظ حالتين: الأولى أن المواطنين كانوا يشترون اللوز والصنوبر والبهار بالكيلو، وأن العريس الشاب يدخل مع خطيبته لانتقاء الخواتم والأساور من سوق الذهب بأريحية، والثانية هي صوت المذيع جمال الجيش الجميل قبل أن يمل!
•الفضائية السورية، وبعد أن اشتكت في أحد برامجها أن أحداً لا يسمع الصوت عرضت في هذا البرنامج أوعية لبضائع تتعلق بالتدليس وخداع المواطن، فهو يشتري بأسعار عالية ناهيك عن خدع سد فراغات في الأوعية البلاستيكية!

يوميات تغطية مهرجانات
لا أحد «أبداً» يريد الاستماع إلى تقارير المهرجانات التي يستخدم فيها الخطباء العبارات نفسها التي وردت قل ثلاثين سنة. رد الفعل هو تغيير محطاتنا!

يوميات البرامج الحوارية
في برنامج «قولاً واحداً» على قناة سما سأل المذيع ضيفه المسؤول في المدينة الجامعية عن سبب حوادث الانتحار فيها، فرد المسؤول إنها حالة واحدة سببها أن الطالبة كانت تريد نشر الغسيل على البلكون، فإذا بعدد الحالات أكثر من واحدة، وهنا سأله المذيع: هل طلابنا يطيرون من بلكون إلى بلكون لنشر الغسيل؟

برنامج إلى حد ما!
في برنامج إلى حد ما «الدسم» تطرق الحوار إلى موضوع يتعلق بالعلاقة بين الثقافة والإعلام، وهو موضوع مهم جدا، وكان الضيف هو الدكتور نضال الصالح، وهو في موقع مهم جدا، وكان معد البرنامج المذيع نضال زغبور وهو مثقف جدا..
طيب لماذا كان انتقاد الإعلام ودوره الثقافي التنويري عادياً جداً و((غير واضح)) إلى حد ما؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن