ثقافة وفن

زمن تأبَّط شراً

| رحيم هادي الشمخي

هذا زمن العجائب والمصائب والغرائب
زمنٌ صار فيه الأبطال النبلاء يتسوَّلون الكلمات على أرصفة الزمن الفاجر، والمهرجون الخصيان في الوطن العربي الذين هم الآن يعتلون منصَّة التتويج، ونحن ننشدهم قصائد المديح ونزفّهم على بوابة التاريخ الملعون.
هذا زمن الحق الباطل والباطل الحق، الكلمة السكين، والسكين المجزرة، والشعراء الموهوبون النبلاء على مقاهي الزمن الوغد، يحتسون كلمات الرثاء، ويشربون مرارة الأيام، على حين يبحثون عن أجمل ما في القصيدة وأنبل ما في الحياة، والشعراء التعساء البلهاء الأجراء للأجنبي المحتل يضعون أحذيتهم في وجه التاريخ ويأكلونه في موائد العشاء، وهو يتغنون بأساطيرهم البليدة.
هذا زمن الصوت الأجوف، والرجل الأجوف الذي يطنطن بالكلمات العارية الساقين، والغربان التي تنعق من أجل تدمير الحضارة العربية في العراق وسورية وليبيا واليمن ومصر وكل أرض العرب من المحيط الأطلسي وحتى الخليج العربي، تنعق على أشرطة الكاسيت كل صباح، على حين شعراء الأمة يبحثون عن غزالة الكلمات الشاردة العصية في صحرائنا.. سدى.
زمن الوجوه الزائفة الملساء كالنعام، التي تلقي تحية الصباح، وعندما تستدير عائداً، تطعنك بالكلمات المسمومة، زمن لا يعرف الحكماء ولا الشرفاء، على حين يختال البلهاء الواصلون كالطواويس العمياء.
هذا زمن تباع به القصائد في أسواق النخاسة، وتصير الأصوات الزائفة، لافتاتٍ بالنيون على واجهات المدن العربية، على حين تبحث الأصوات الجميلة عن مساحةٍ صغيرةٍ تكسر هذا الليل الظالم، صارت الأبواب الذهبية مطلسمة أمام الموهوبين مفتوحة، أمام الفاشلين تنابلة السلطان.
هذا الزمن الهراء، لا يحتفي فيه أحد بأشعار صلاح عبد الصبور وعبد المعطي حجازي وأمل دنقل وبسيسو والسياب والجواهري ومحمود درويش ونازك الملائكة، على حين يقف شعراء وفنانون يمدحون الحكام العرب في قصورهم المصنوعة من السحت الحرام، هذا زمن الشطار والعيارين والقتلة، فمن اختلف معنا فهو كافر وجاسوس ودمه حلال، ومن نَقَدَنا فليس منا.
هذا زمن تأبط شراً، فقد صرنا لا نهتم ولا نبالي، «وكله زي بعضه»، وأشتري دماغك وأسلب هويتك العربية، فهل نحن مقبلون على الكارثة! أم نحن نعيش في زمن الكارثة في هذا الزمن العربي الرديء وهي تحرقنا.
نعم إنه زمن العجائب والمصائب والنكبات والاحتلالات الأميركية والإسلاموية.
فهل يتعظ العرب..؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن