سورية

أردوغان يرى أنه لا سلام في المنطقة من دون حل الأزمة السورية ورئيس الأركان التركي يشن هجوماً على داعش والعمال الكردستاني

| وكالات

رفعت أنقرة أمس من حدة المواجهة مع روسيا عندما دعت إلى «أطلسة» البلقان والبحر الأسود ومحاسبة القيادة الروسية على ما ترتكبه قوات الجيش السوري من «جرائم وحشية». ودافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن سجل بلاده في مواجهة تنظيم داعش، متعهداً بتطهير الحدود التركية منه، ومعلناً في الوقت نفسه، أن السلطات التركية قتلت 3 آلاف عنصر من التنظيم المدرج على لائحة الأمم المتحدة للتنظيمات الإرهابية. واللافت التناقض بين الرقم الذي أعلنه كل من أردوغان والجيش التركي بشأن قتلى داعش. وأكدت هيئة الأركان التركية أن قتلى داعش على يد التنظيم 1300 عنصر.
وفي افتتاح المؤتمر العاشر لرؤساء أركان دول البلقان بمدينة إسطنبول التركية، شدد أردوغان على أن «المسألة السورية لم تعد مجرد أزمة محلية أو إقليمية، بل أصبحت تشكّل تهديداً عالمياً، بالنظر إلى نتائجها وانعكاساتها، وباتت دول البلقان مثل تركيا، تواجه مصاعب مالية كبيرة، وتتحمل أعباءً ثقيلة نتيجة الأزمة». واعتبر «الخطوط الحمر» جميعها تم تجاوزها في سورية، وأنه ما من خطوات جادة من قبل العالم للحد من هذه التجاوزات.
وخلص أردوغان في كلمته التي نقلتها وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، إلى أن السلام لن يحل في المنطقة ولا في مناطق العالم الأخرى، من دون التوصل لحل في سورية يقوم على المطالب المشروعة للشعب، وشدد على أن تركيا مصممة على اتخاذ الخطوات اللازمة، من أجل إنهاء استخدام المنظمات الإرهابية للطرف المقابل لحدودها، وذلك لضمان أمن مواطنيها في المقام الأول. وأكد أن «ما تقوم به تركيا حالياً في مواجهة داعش لا تفعله أي دولة أخرى في العالم، والخسائر التي لحقت بنا في تلك المواجهة لم تتعرض لها أي دولة أخرى، وبالطبع نحن أيضاً ألحقنا خسائر كبيرة بداعش»، متسائلاً كيف يمكن لدولة تقوم بتلك المواجهة أن تدعم داعش؟. وتابع: «تم القضاء على ما يزيد 3 آلاف عنصر تابع لتنظيم داعش، وسنستمر في تطهير الحدود التركية من العناصر الإرهابية جميعها».
ووجه انتقادات للدول التي لم تتعاون مع أنقرة في مجال تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن داعش. وقال: «في الوقت الذي لم تقم فيه دول المصدر (للمقاتلين الأجانب الذين يصلون إلى تركيا من أجل الالتحاق بداعش في سورية أو العراق) باتخاذ أي خطوة فيما يتعلق بمكافحة التنظيم، ولم تكن تتبادل المعلومات الاستخباراتية اللازمة، كانت تنتظر من تركيا أن تقوم بكل شيء». واعتبر أن تركيا تعرضت للعديد من «الاتهامات الظالمة (..) وصل الأمر بالبعض لاتهام تركيا بمساعدة داعش»، وأضاف: «لا يمكن أن يستمر هذا إلى مالا نهاية».
وجدد أردوغان انتقاداته للولايات المتحدة، من دون أن يسميها، مشيراً إلى أن أسلحة ألقتها في ساحة القتال وصلت في النهاية لأيدي عناصر داعش. وقال: «نعرف جيداً من أي الدول الغربية جاءت الأسلحة التي بيد داعش، وقد قلنا للعديد من أصدقائنا إنهم يرتكبون خطأً، وطلبنا منهم أن لا يقوموا بإلقاء مساعدات من الطائرات في بعض المناطق»، وأردف «لكنهم قالوا إنهم مجبرون على فعل ذلك لأن بعض المناطق على وشك السقوط، وكانت النتيجة أن ذهب نصف المساعدات التي ألقوا بها إلى داعش، والنصف الآخر إلى منظمة «ب. ي. د» (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) الإرهابية». وفيما يتعلق باللاجئين، انتقد الرئيس التركي «الدول الغربية التي تفكر في الكيفية التي توقف بها الهجرة».
من جهة أخرى، أشار أردوغان إلى ضرورة جعل البحر الأسود حوضاً للاستقرار مرة أخرى، مشيراً إلى أنه أبلغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ، خلال زيارته إلى تركيا مؤخراً، أن البحر الأسود بات «بحيرة روسية»، وأن على جميع الدول المشاطئة له أن تضطلع بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها، وأن تتخذ دول «الناتو» الخطوات اللازمة براً وبحراً وجواً، وإلا فإن التاريخ لن يغفر لها.
وقال: إن تركيا ستقوم في الفترة المقبلة، بعرض مقترحات ملموسة بخصوص هذا الأمر، على الدول المطلة على البحر الأسود. وكرر دعم تركيا لدمج دول البلقان، في المؤسسات الأوروبية والأطلسية، وعلى رأسها الناتو، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وفي كلمته أمام المؤتمر، ذكر رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي أكار، أن القوات المسلحة التركية، قتلت قرابة 1300 إرهابي من داعش، في كل من سورية والعراق حتى اليوم، ودمرت كميات كبيرة من أسلحة، وصواريخ، ومواقع، ومركبات، وأبنية تابعة للتنظيم. وأشار أكار أن الإرهاب يعد تهديداً كبيراً موجها نحو العالم، وأنه لا يمكن إضفاء الشرعية على أي عمل إرهابي، مؤكداً ضرورة التعاون في محاربة الإرهاب. ولفت إلى أن أنقرة تواصل محاربة حزب العمال الكردستاني «بي. كا. كا» المحظور في تركيا، بكل عزيمة، موضحاً أن حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه المسلح وحدات حماية الشعب ذات الأغلبية الكردية يعدان جناحاً لـ«بي. كا. كا»، معتبراً أن العلاقة بينهما وتعاونهما واضحان وجليان.
وشدد على أن داعش يعد أحد التنظيمات الإرهابية الوحشية، وأن بلاده أدرجته على لائحة التنظيمات الإرهابية في 2013، مشدداً على أن التنظيم أصبح يُشكل تهديداً للمنطقة والعالم، وأن الأخير لا يمثل الإسلام والمسلمين بأي شكل من الأشكال. وأردف أن داعش استهدف أهم المدن التركية بهجماته الانتحارية الدموية، وبدأ في الفترة الأخيرة باستهداف ولاية كليس الحدودية مع سورية.
في الغضون صعدت وزارة الخارجية التركية من لهجتها حيال سورية وروسيا. وفي بيان نددت فيه بما أسمته استهداف طائرات الجيش السوري لسوق شعبي في مدينة بنش بريف إدلب الشمالي، اعتبرت أن نظام (الرئيس بشار) الأسد يستمد الجرأة من دعم مناصريه، وعلى رأسهم «القيادة الروسية» «شريكة» الرئيس الأسد في «جرائمه» ضد المدنيين، ودعت المجتمع الدولي إلى التعامل بجدية مع الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام ضد الأبرياء في سورية، وعدم ترك النظام وداعميه من دون محاسبة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن