أقل من شهر على انطلاق النسخة الخامسة عشرة (يورو 2016) … هذه حكاية بطولة كأس أمم أوروبا
| خالد عرنوس
في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات كنا منشغلين كثيراً استعداداً لبطولة كأس أوروبا للمنتخبات والتي باتت تعرف بـيورو وقد أصدرنا يومها مؤلفاً خاصاً قدمنا فيه تاريخ البطولة وكل الأرقام المتعلقة فيها إضافة إلى تقديم منتخبات تلك النسخة التي أقيمت في بولندا وأوكرانيا ولذلك فقد قدمنا للقارئ العزيز كل ما يطيب ذكره وما يشتهي عن كل شيء يتعلق بالبطولة، اليوم على أبواب يورو 2016 التي تستضيفها فرنسا الوضع مختلف تماماً، منذ اليوم نحاول عبر صفحاتنا تقديم بعض المواضيع المتعلقة بهذه البطولة في محاولة لن ترضي طموحنا ولن تشبع نهم القارئ العزيز إلا أن عذرنا موجود فلا المساحة كبيرة ولا الوقت مناسب للتعمق في الكثير من التفاصيل… ونأمل أن نقدم الشيء المفيد كما نحاول دائماً.
حكاية فرنسية
اخترع الإنكليز أو وضعوا قوانين كرة القدم التي نعشقها ونتابعها اليوم وقد كان لهم قصب السبق في بطولتي الدوري الكأس، لكن الفرنسيين سبقوهم إلى الأفكار الخلاقة على صعيد المسابقات خارج الجزر البريطانية ومنها بطولة كأس أمم أوروبا التي تأخرت عن كل من نظيراتها في أميركا الجنوبية وآسيا وإفريقيا من دون سبب مقنع على الرغم من طرح الفرنسي هنري ديلوني لفكرة بطولة أوروبية مجمعة منذ عام 1927 ومات عام 1955 من دون أن يرى فكرته على أرض الواقع.
في عام 1958 وبعد نجاح بطولة كأس الأندية (أبطال الدوري) أقر الاتحاد الأوروبي إقامة بطولة المنتخبات على غرار بطولة الأندية على أن يقام دور نصف النهائي والنهائي في بلد واحد بعدما تصدت فرنسا لتنظيم هذا التجمع وشهدت العاصمة باريس أول بطل رسمي للقارة العجوز في العاشر من تموز 1960 وكان يومها الاتحاد السوفييتي الذي تفوق في النهائي على جاره اليوغسلافي.
وبدأت النسخة الأولى بـ17 منتخباً مع غياب ملحوظ لكل من إنكلترا وإيطاليا وألمانيا التي انضمت إلى ركب المشاركين في البطولة الثالثة على حين سبقها الأولان فشاركا في النسخة الثانية، واليوم بلغ عدد المشاركين في تصفيات البطولة القادمة 55 منتخباً.
نظام البطولة
انطلقت البطولة بنظام الأدوار الإقصائية بعد مباراتي (ذهاب وإياب) ومباراة فاصلة في حال التعادل ومن ثم أدرجت أفضلية الهدف خارج الأرض، وعلى الرغم من إقرار نظام المجموعات في تصفيات إيطاليا 1968 إلا أن النهائيات اقتصرت على أربعة منتخبات حتى النسخة الخامسة التي استضافتها يوغسلافيا عام 1976.
وفي إيطاليا 1980 تمت زيادة عدد المشاركين في النهائيات إلى ثمانية منتخبات مما توجب توزيعها على مجموعتين وتم إلغاء دور نصف النهائي على أن يتقابل بطلا المجموعتين في مباراة التتويج مباشرة ومع بقاء العدد حتى بطولة 1992 أدرجت مباراتا نصف النهائي من جديد مع إلغاء مباراة الترتيب على المركز الثالث.
في بطولة 1996 وجد اليويفا (الاتحاد الأوروبي لكرة القدم) أن اقتصار النهائيات على 8 منتخبات أمر لم يعد مقبولاً مع التقدم الرهيب للكرة في القارة العجوز وانتشار الفضائيات وزيادة الطلب على مباريات البطولات الكبرى فرأى مضاعفة العدد إلى 16 منتخباً توزع على 4 مجموعات وبقي هذا النظام قائماً حتى البطولة الفائتة فتم رفع العدد إلى 24 منتخباً في البطولة القادمة على أن يتأهل إلى الدور الثاني أول وثاني كل مجموعة من المجموعات الست إضافة إلى أفضل أربعة من أصحاب المركز الثالث ليكتمل العدد إلى 16 يخوضون دور ثمن النهائي ومن ثم مواصلة المشوار حتى النهائي.
أبطال وبطولات
بعد أربع عشرة نسخة من البطولة استطاعت تسعة منتخبات الظفر بلقبها منها اثنان لم يعودا موجودين على أرض الواقع هما الاتحاد السوفييتي الذي ورثه منتخب روسيا عقب تفكك الإمبراطورية المترامية الأطراف واستطاع السوفييت أن يكونوا أول أبطال للقارة العجوز، ومنتخب تشيكوسلوفاكيا الذي بات منتخبان حالياً يتبع الأول لتشيكيا التي لم تعد القوة الكبيرة في عالم كرة القدم والثاني لسلوفاكيا وقد تأهل للمرة الأولى إلى نهائيات البطولة الحالية، أما الأبطال الآخرون فهم المانشافت الألماني صاحب الريادة قبل أن يأتي اللاروخا الإسباني ويعادله بعدد الألقاب (3 كؤوس لكل منهما) علماً أن التتويجين الأولين للألمان جاءا في عهد الانفصال أيام ألمانيا الغربية ويحسب للألمان أنهم توجوا بألقابهم الثلاثة بعيداً عن أرضهم على حين استفاد الإسبان من هذه الميزة عندما أصبحوا أول بطل بين أصحاب الأرض.
ويأتي خلفهما منتخب الديوك الزرق الفرنسي الذي لم يستطع الظفر باللقب في أول نسخة على أرض بلاده وانتظر حتى استضافتها مرة ثانية بعد 24 عاماً ليتوج بأولى بطولاته الكبرى وهاهو يطمح إلى معادلة الألمان والإسبان متخذاً من ملاعبه وسيلة إضافية لذلك، واستغل الآتزوري الإيطالي فرصة استضافته للنسخة الثالثة ليصبح بطلاً لأوروبا على غرار ما فعل بكأس العالم ليصبح أول أوروبي يجمع اللقبين القاري والعالمي.
وإذا كان منتخب الطواحين الهولندي تأخر بالفوز بكأس البطولة إلى الجيل الثاني الرائع في تاريخ مملكة الأورانج فإن نظيره الدانماركي فجر أكبر مفاجآت البطولة بالتتويج على أرض جيرانه السويديين بعدما استدعي بدلاً من اليوغسلافي المعاقب ليتوج بلقب 1992، ثم أتى منتخب (فلاسفة) اليونان ليفجر مفاجأة أكبر عندما سطر ملحمته الخاصة في البرتغال 2004 ليكون آخر أبطال القارة.
ضيافة ووصافة
كما جاء في سياق الحديث عرفنا أن فرنسا نظمت البطولة مرتين وهاهي تستضيفها مرة ثالثة وهو رقم قياسي على هذا الصعيد واستضافت إيطاليا المسابقة مرتين ومثلها بلجيكا التي استقبلت مربع الكبار في 1972 قبل أن تتشارك مع جارتها هولندا فنظمتا نسخة 2000، ونظمت البطولة مرة واحدة كل من إسبانيا ويوغسلافيا وألمانيا والسويد وإنكلترا والبرتغال وبالمشاركة النمسا مع سويسرا وكذلك بولندا مع أوكرانيا.
وإضافة إلى الأبطال التسعة فقد سجلت المباريات النهائية وصول ثلاثة منتخبات أخرى فقط فخسرت يوغسلافيا نهائي 1960 وبلجيكا نهائي عام 1980 والبرتغال نهائي 2004 ليبلغ عدد الذين سجلوا حضورهم في النهائي 12 منتخباً والغريب أن منتخباً مثل الإنكليزي اقتصرت إنجازاته على حضور نصف النهائي في مناسبتين.
الحدث الأبرز
يعتبر الكثير من متابعي اللعبة الشعبية الأولى أن بطولة أوروبا هي البطولة الأهم على صعيد نظيراتها حتى إن البعض يعتبرها أهم وأقوى وأكثر إثارة وجمالية من كأس العالم، ذلك أن أوروبا هي مركز القوة في عالم الكرة ومحط أنظار اللاعبين والمشاهدين على حد سواء، ويعد كوادر اللعبة أن غياب ثلاثي أميركا اللاتينية (البرازيل والأرجنتين والأورغواي) فقط يميز المونديال عن اليورو.
هذه المقدمة لابد منها للدخول في الحديث التاريخي عن أفضل بطولات المنتخبات والتي تتفوق على كوبا أميركا بالطبع، ونحاول في الأيام القادمة التعمق أكثر في تاريخ يورو للوصول إلى تقديم كل ما هو جديد عن النسخة القادمة.