سؤال «صعب» في فيينا اختصر مستقبل الحل
| سامر ضاحي
جاء المؤتمر الصحفي الذي تلا اجتماع الأمس لمجموعة الدعم الدولية لسورية في فيينا برئاستها الأميركية الروسية المشتركة ليضفي «شيئاً من السخونة» على الاجتماع الذي جاء بيانه الختامي «فاتراً».
السخونة فجرها سؤال أحد الصحفيين لوزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أدوات مجموعة الدعم «الأقل» للضغط على الرئيس بشار الأسد مقارنة بتلك التي كانت على إيران خلال المفاوضات النووية في فيينا أيضاً، إذ رأى الصحفي أن الرئيس الأسد «أكثر أماناً» اليوم بالمقارنة مع تشرين الثاني الماضي يوم إعلان بيان فيينا 2، وأنه «يقاوم الضغوط الأميركية»، ولاسيما أن كيري بدا محرجاً في الإجابة فأقر أن بلاده حصلت على تأكيد روسي بأن الرئيس بشار الأسد التزم بعملية جنيف وهو جاد بالمشاركة فيها وأنه مستعد لإصلاحات دستورية وإجراء انتخابات.
ورغم أن واشنطن دأبت على طلب «رحيل» الرئيس الأسد ثم بدا لاحقاً أن موقفها من هذا المطلب لم يعد واضحاً إذ إن كيري بدا بالأمس أكثر دبلوماسية من ذي قبل وقال: «نريد منه الالتزام بإجراء الانتخابات» أي أن واشنطن ترى اليوم، كما يبدو، بأن الرئيس الأسد شريك أساسي في صياغة مستقبل سورية وباتت «تريد» منه بعدما كانت «تطالب»، وقد سعى وزير خارجيتها لاحقاً إلى القول: إن بلاده لديها أدوات وخيارات متاحة وأن الرئيس الأسد وداعميه لا يمكن أن ينهوا الحرب.
ورأى كيري أيضاً أن ثقافة تصعيد الأوضاع قد تؤدي لتدمير سورية وتجلب المزيد من الجهاديين إليها، قبل أن يتدخل الوزير لافروف للمشاركة بالإجابة مشدداً على أن الجيش العربي السوري هو القوة الوحيدة ذات الجدوى في محاربة الإرهاب.
ورغم ترجيحات كيري أن يشهد الثامن من شهر آب المقبل بدء عملية الانتقال السياسي في سورية إلا أن هذا الموعد لا يزال منوطاً بالاتفاق حول طبيعة الانتقال السياسي الذي يمكن ربطه بإجابة كيري السابقة وتصريحات سابقة للرئيس الأسد أبدى فيها الأخير استعداده لقبول حكومة وحدة وطنية موسعة تضع دستوراً جديداً للبلاد، وذلك في إطار بيان فيينا 2 الصادر منتصف تشرين الثاني الماضي والذي أكد على «سورية موحدة علمانية».
أما بيان اجتماع الأمس فقد تطابق مع البيان الروسي الأميركي المشترك الصادر في التاسع من الشهر الحالي فقد تمحور حول وقف الأعمال العدائية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، ودعم التسوية السياسية، والأهم دعوة الأطراف المختلفة للانخراط الجدي في المفاوضات ولاسيما أن كيري شدد على أنه «لا أعذار لأي طرف للقيام بأي أنشطة لأن لديه أجندة تختلف مع أجندة السلام» في إشارة إلى وفد معارضة الرياض الذي يهدد في كل جولة من جولات جنيف بالانسحاب وهو ما أقدم عليه فعلياً في الجولة الماضية، في أمر كان متوقعاً قبل اجتماع الأمس لاسيما مع جولات كيري المكوكية التي سبقته.
ورغم أن منسق الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة رياض حجاب حاول استباق اجتماع مجموعة الدعم من أيام بإعلان نية بعض الدول تسليح المعارضة بتزامن لافت مع تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أكد أن تنظيم القاعدة الإرهابي ينوي فتح فرع له لمحاربة داعش، إلا أن بيان الأمس لم يشدد فقط على توصيف النصرة بالمجموعة الإرهابية بل هدد بـ«إبعاد بعض الأطراف عن ترتيبات وقف الأعمال العدائية» ما لم تفك ارتباطها بداعش والنصرة.
أما الأمم المتحدة فواصلت إظهار ضعفها كمنظمة دولية هدفها الأول حفظ الأمن والسلم الدوليين عندما أكد بيان الأمس على إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة وتوصل إلى إيصالها جواً ما لم يمكن ذلك ممكناً براً بعدما نجحت تجربة برنامج الأغذية العالمي بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في دير الزور وفي ذلك إقرار بأهمية مفتاحية دور موسكو في الأزمة السورية وأن أي ترتيبات مستقبلية لن تصاغ من دون مصادقتها من جهة وإقرار بضعف المنظمة الدولية التي بإمكانها فرض الأمر على أطراف الأزمة في مجلس الأمن الذي تستمر الأطراف المختلفة في خرق قراراته لاسيما بعض القوى الإقليمية وأهمها طبعاً تركيا التي تستمر بخرق القرارين الدوليين 2253 و2254 المتعلقين بوقف دعم الإرهابيين في سورية، وهذا ما فشلت مجموعة الدعم بتسميته علناً، رغم أن الوزير لافروف تحدث مطولاً عن تدفق الأموال والسلاح عبر الحدود التركية.
أما استئناف محادثات جنيف فقد أخفق اجتماع مجموعة الدعم في تحديد موعده رغم أن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا أعرب عن أمله في أن يكون قبل شهر رمضان المقبل وأمل وزير خارجية فرنسا جون مارك أيرلوت بأن يكون بداية حزيران المقبل، في حين حددت المجموعة الدولية موضوع الجولة المقبلة بأنه سيدور حول مصير المعتقلين والمخطوفين، في ظل استمرار استبعاد كردي أملت موسكو وواشنطن أن يتم تداركه دون أن يتفق مجتمعو الأمس عليه.