سورية

فضيحة شاحنات الأسلحة التركية للإرهابيين تتفاعل وتصبح عقدة انتخابية والمعارضة تطالب بمحاكمة أردوغان

تتفاعل قضية شاحنات الأسلحة التي أرسلها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى التنظيمات الإرهابية في سورية مطلع عام 2014، لتصبح قبل أقل من أسبوع على الانتخابات البرلمانية ورقة انتخابية تتجاذبها جميع الأطراف السياسية في تركيا، حيث تؤكد الأحزاب المعارضة أن هذه الفضيحة تكشف حقيقة سياسة أردوغان وارتكابه لأعمال تندرج ضمن «جرائم الحرب» وانتهاكات القانون الدولي، مطالبةً بمحاكمته ومحاسبته على هذه الجرائم، على حين يعمل أردوغان وحزبه من أجل قلب الصورة، ليس بالاكتفاء بما اعتاد عليه من كم الأفواه وقمع أي تحرك مناوئ له بذرائع أن مرتكبيه ممن يسميهم «الكيان الموازي»، أو حتى الاكتفاء بالاعتقال وتهديد كل من شارك في كشف ونشر المعلومات والفيديوهات المتعلقة بالفضيحة، بل ليذهب أبعد من ذلك هذه المرة ويعتبر ما حدث عملاً «تجسسياً» يهدد الأمن التركي، ويحاول التلاعب بالانتخابات.
وقبل أيام نشرت صحيفة جمهورييت شريط فيديو يظهر الشاحنات التابعة لجهاز المخابرات التركي تنقل أسلحة وذخائر إلى التنظيمات الإرهابية في سورية مخبأة تحت علب الأدوية، لكنها اضطرت إلى حذفه بعد قيام أردوغان بالضغط على القضاء الذي أصدر أمراً بوقف النشر في القضية وسحب الفيديو.
وهدد أردوغان علناً الصحيفة، وقال: «أعتقد أن الشخص الذي كتب هذا المقال الحصري سيدفع ثمناً باهظاً لذلك.. لن أسمح له بالإفلات من العقاب»، معتبراً تعامل وسائل الإعلام المعارضة مع القضية «أنشطة جاسوسية وعمالة». وأصر في مقابلة مع قناة «تي آر تي» على مزاعمه السابقة، بأن الشاحنات كانت تنقل «مساعدات إنسانية» إلى «التركمان في ريف اللاذقية الشمالي»، رغم أن القيادي في حزبه ياسين أكتاي اعترف أنها كانت تنقل أسلحة ولكنه برر ذلك بأنها غير مرسلة لتنظيم داعش. ورد رئيس تحرير صحيفة جمهورييت جان دوندار على تهديدات أردوغان، وقال في حسابه على «تويتر»: إن «الشخص الذي ارتكب هذه الجريمة لا بد أن يدفع الثمن غالياً ولن نتركه يتملص من جريمته».
وفي مقابلة مع وكالة «فرانس برس» للأنباء، وصف رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو ما نشرته الصحيفة بأنه «تلاعب بالانتخابات»، زاعماً أن حكومته قدمت المساعدات للتركمان في سورية، وقال: «إن جهاز المخابرات تصرف وفقاً لتعليمات الحكومة، وأما موضوع ما كانت تنقله الشاحنات فليس من شأن أحد»، مكرراً مزاعم رئيسه بوصف نشر شريط الفيديو بأنه «نشاط جاسوسي وتمرد ضد الحكومة».
في المقابل أكد رئيس أكبر أحزاب المعارضة «حزب الشعب الجمهوري» كمال كيليتشدار أوغلو، أن حكومة العدالة والتنمية اعترفت بإرسال السلاح إلى سورية في نهاية المطاف، وزعمت أن الشاحنات كانت تنقل السلاح للتركمان الذين نفوا تلقيهم هذا السلاح.
بدوره قال رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهتشلي: «إن داود أوغلو حاول أن يعطينا درساً حول عمل الدولة ولكنه ارتكب خطأً كبيراً إذ إنه لا يحق لشخص عميل يزود المجموعات الإرهابية المتطرفة في سورية بالسلاح ويحرض على الحرب أن يعطينا دروساً في عمل الدول».
ودعا باهتشلي في كلمة له أمام تجمع جماهيري انتخابي في اسطنبول، أوغلو إلى الإفصاح عن الحقيقة والإجابة عن الأسئلة التالية: «إلى أي جهات وبالنيابة عن أي طرف كنتم تنقلون السلاح إلى سورية، وممن أخذتم السلاح وإلى من كنتم ترسلونه، وما هي علاقتكم بالمجموعات المتطرفة».
بدوره أكد رئيس اتحاد نقابات المحامين في تركيا متين فيزي أوغلو، أن الشاحنات كانت متوجهة إلى مناطق ينتشر فيها تنظيما جبهة النصرة وداعش الإرهابيان وليس إلى التركمان.
وفي السياق أكد رئيس جمعية حقوق الإنسان التركية اوزترك تان دوغان أن الأسلحة التي كانت تحملها شاحنات جهاز المخابرات التركية كانت مرسلة إلى المجموعات الإرهابية وهذا أمر يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة، كاشفاً أنه «من المتوقع أن يتم رفع دعوى قضائية على مستوى دولي من أجل التحقيق في إرسال السلاح إلى الإرهابيين في سورية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وقضية الشاحنات دليل كبير». بدورها نقلت صحيفة «يورت» عن قانونيين وحقوقيين أتراك قولهم: إن «احتمال محاكمة أردوغان بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية كبير لأنه كان يهرب السلاح إلى المجموعات الإرهابية في سورية تحت غطاء المساعدات الإنسانية».
يذكر أن قوات الشرطة المحلية أوقفت الشاحنات وفتشتها بأمر من القضاء في منطقتي أضنة ولواء اسكندرون السليب في 19 كانون الثاني عام 2014، وهو ما دفع بأردوغان وحكومته إلى شن حملة اعتقالات ضد القضاة وعناصر الشرطة وزجهم في السجون بتهمة محاولة تشكيل كيان مواز والارتباط بجهات خارجية.
(سانا- أ ف ب- الأناضول)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن