يجب قلب العالم!
| حسن م. يوسف
بكثير من اللهفة وقليل من الصبر تابعت أخبار مشاركة فرقنا السورية الثلاثة من جامعات حلب ودمشق وتشرين، في النهائي العالمي الأربعين للمسابقة البرمجية ACM التي جرت يوم الخميس الماضي في مدينة بوكت بتايلاند. وهذه هي المرة الرابعة التي يشارك فيها شبابنا في هذه المسابقة التي تعتبر أقوى وأعرق المسابقات البرمجية على مستوى العالم.
بعقلانيته الرزينة كتب الدكتور المهندس جعفر محسن الخير المدير التنفيذي للمسابقة في سورية، على صفحته في الفيس بوك: «وصول ثلاثة فرق سورية لهذا النهائي يعتبر إنجازاً متميزا بحد ذاته، وخاصة أن سورية جديدة نسبيا على هذا النوع من التنافسية الذي يتعارض تماما مع التعليم الكلاسيكي التلقيني الذي يسود مدارسنا وجامعاتنا».
كما أعلن من دون أوهام أنه «لا خروقات متوقعة في هذه المسابقة… لا مراكز أولى… ما يجب التنويه به هو: إثبات القدرة على التنافس والإبداع والتشارك مع كبريات الجامعات العالمية في ظل إمكانيات متواضعة وظروف صعبة جداً».
والحقيقة أننا لن نعرف مدى أهمية الإنجاز الذي حققه شبابنا، في هذه الظروف القاسية، إلا إذا علمنا أن عدد الجامعات التي شاركت في التصفيات الإقليمية والقارية للمسابقة بلغ 2700 جامعة، تأهل منها للتصفيات العالمية 128 فريقاً من بينها فرق أشهر جامعات العالم، ما يجعل الفوز بمراتب متقدمة في المسابقة تحدياً صعباً. رغم ذلك فقد شاركت فرق جامعات حلب ودمشق وتشرين في المنافسة، وأحرز فريق جامعة حلب المركز 86 عالمياً والمركز الثالث على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقية والمركز الأول سورياً بعد أن تمكن من حل 4 مسائل. كما حل فريق جامعة دمشق في المرتبة 122، لكن المفاجأة كانت في تراجع فريق جامعة تشرين إلى المرتبة 124 من أصل 128 فريقاً مشاركاً.
وقد جاء ترتيب الفرق الفائزة بالمراتب الثلاث الأولى منطوياً على إيحاءات ودلالات، إذ حاز فريق جامعة بطرسبرغ الحكومية الروسية المركز الأول، وحاز فريق جامعة جياو تونغ الصينية المرتبة الثانية في حين جاء فريق جامعة هارفارد الأميركية الشهيرة في المركز الثالث.
وقد انطوت نتائج المسابقة على مفاجآت عديدة، فجامعة ستانفورد التي صنفها موقع Webmetrix عام 2015 كثاني أفضل جامعة في العالم حصلت في المسابقة على المركز 49. كما حل فريق جامعة ويسكونس ماديسون التي صنفها الموقع نفسه في المرتبة الثامنة بين جامعات العالم، في المرتبة94 في المسابقة!
في دردشة قبل بدء المسابقة سألت الصديق الدكتور جعفر محسن الخير المدير التنفيذي للمسابقة في سورية عن العوامل التي تحول دون تفجير إمكانات الشباب السوري واحتلاله المكانة التي هو أهل لها، فأجابني بإيجاز بليغ: «عقم النظام التربوي المدرسي والجامعي».
وقبل قليل من كتابة هذه الكلمات قرأت على صفحته في الفيس بوك قوله: «يحتاج إنجاز عمل في بلاد «إن شاء اللـه» إلى أضعاف مضاعفة من الجهد الذي يحتاجه إنجاز العمل نفسه في بلاد «الكفار أعداء اللـه».
والحق أنني شعرت بالغيظ من التغطية البائسة التي حظي بها هذا الحدث العلمي العالمي الكبير في صحفنا ووسائل إعلامنا، فكتبت على صفحتي في الفيس بوك:
تصوروا معي ماذا كان يمكن أن يحدث لو كنا نشارك بفريق كرة في النهائيات العالمية لكرة القدم؟
عندما يكون العلْمُ في القاع يجب قَلْب العالم رأساً على عقب!