ثقافة وفن

نزعة المحبة

| د. اسكندر لوقا 

من المفاهيم البديهية أن يقال بأن الكتلة المتماسكة بين سكان هذا البلد أو ذاك، هي الأقدر على الصمود في مواجهة أعدائهم وهزمهم، وتحديدا في الأوقات الصعبة، على غرار الأوقات التي نعيشها نحن في بلدنا الحبيب سورية.
إن هذه المعادلة تعكس، بشكل أو بآخر، غلبة نزعة المحبة بين سكان البلد على نزعة التفرد بنتاج البلد، وخصوصاً النتاج المتصل بلقمة العيش، على حساب المحتاج إليها، بسبب من الظروف الضاغطة عليه، لا ماديا فقط بل نفسيا أيضاً. إن حدوث شيء من هذا القبيل لا بد أن ينسف جسور التلاقي بين الثري والفقير، بين القوي والضعيف، بين صاحب العمل والعامل وسوى ذلك من عناوين أخرى.
ومعروف أنه حين تقترن المحبة بالعزيمة الصادقة وصولا إلى تماسك أطرافها فإن الكتلة لا شك تزداد قوة ومنعة على الصمود وبالتالي على تحقيق النصر. وفي أيامنا هذه تأخذ هذه القاعدة لدينا بعدا تحت عنوان الالتزام بواجب الحرص على وحدتنا الوطنية وتغليب نزعة المحبة بيننا على سواها من نزعات النفس.
إن سورية، التي تعاني تبعات الواقع الذي تعيشه، لا يمكنها أن تتغاضى عن تداعيات حضارتها وتاريخها في الزمن الراهن، وبشكل خاص بعد أن ذاقت طعم الحرية والخروج من دائرة الاستعمار وطردته إلى غير رجعة. سورية اليوم تستمد صمودها من صمود الأسلاف الذين أعطوا الوطن أغلى ما يملكونه. ومن هنا بدأ ما يقال عن معجزة الصمود، وأسطورة الصمود، وتلاحم أبناء الوطن مدنيين وعسكريين، حتى لا يفقد تاريخها ألقه على مدى القرون وسنوات طويلة.
وبالمحبة وحدها، تتجلى صور الأخوة بين المواطن وأخيه المواطن، بعيداً عن الجهد المتواصل الذي يبذله إعلام العدو الذي لم يعد دوره يخفى على أحد، في سعيه وسعي مموليه لتشويه صورة التلاحم بين أبناء الوطن.
وفي سياق الأحداث التي تلف المنطقة برمتها، تدفع سورية عن العرب، كل العرب، تدفع الثمن، الثمن الذي لا يخضع لحساب مهما بلغ.
يقول الشاعر العراقي المعاصر أحمد مطر «1954»: نموت كي يحيا الوطن. نحن الوطن. إن لم يكن وطننا حرا فلا عشنا ولا عاش الوطن.
كذلك هو يقين أبناء سورية الذين لم يساوموا يوماً على مصيرهم ومصير وطنهم. وبنزعة المحبة لن يهزموا وسوف ننتصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن