اقتصاد

الأستاذ الدكتور العمادي مكرماً

| نزار نسيب القباني

كرمت دمشق أحد رجالاتها الكبار الأستاذ الدكتور محمد العمادي.. من خلال تكريم جمعية أصدقاء دمشق.. ولم يكن هذا التكريم لما يتمتع به من صفات شخصية كعلمه وأخلاقه ونزاهته وتواضعه ووطنيته وتفانيه في خدمة الجمهورية العربية السورية فحسب بل لكونه أحد ركائز التخطيط في سورية وواحد ممن كان التخطيط العلمي والتنمية هاجسه.. لإيمانه أن بناء الدولة العصرية الفتية يتطلب الاستناد إلى التخطيط العلمي والمنهجي لنمو هذه الدولة.
فلقد تبوأ المناصب المختلفة خلال واحد وأربعين عاماً (1960-2001) كان وزيراً للتخطيط ثم وزيراً للاقتصاد والتجارة حيث أمضى ثلاثة وعشرين عاماً وهي أكبر مدة أمضاها وزير في تاريخ هذه الوزارة حيث حمل عبء الاقتصاد الوطني على كتفيه… وخاصة في فترة عصيبة مر بها القطر إضافة إلى المشاكل والعثرات التي تمر بها الدول النامية.
ولم يتوقف عطاؤه بل كان أستاذاً جامعياً في كلية الاقتصاد في دمشق وأستاذاً محاضراً في مركز التدريب الإحصائي وفي معهد التخطيط إضافة إلى المناصب العربية كرئيس لمجلس إدارة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.
إن هذا التكريم لفكر وقاد وعقل ديناميكي يتطور ويتنامى مع التنمية التي آمن بها وحمل همها وعمل لها وأراد أن تكون محراب عمله أينما كان خدمة لبلده.
ولم تكن معرفتي لفكر الأستاذ الدكتور العمادي من خلال كتابيه هموم التنمية وتطور الفكر التنموي في سورية، بل دخلت أعماق فكره حينما تشرفت برفقة سيادته في مؤتمر الديمقراطية والتنمية في مراكش عام 2002… حيث كانت مداخلات الدكتور العمادي في المؤتمر المذكور والجلسات الخاصة المطولة بيننا جعلتني أعرف الدكتور العمادي فكراً وعلماً. حدثني عن مساعي فريق العمل برئاسة المهندس نور الدين كحالة نائب رئيس الجمهورية ورئيس المكتب التنفيذي أيام الوحدة ورئيس مشروع هيئة سد الفرات بعد ذلك حيث كان الدكتور العمادي أحد أعضاء هذا الفريق الذي سعى لتمويل سد الفرات… وعن دوره في المهمات الصعبة أثناء تسلمه وزارة الاقتصاد حين مرت البلاد في أوقات عصيبة أدت إلى نقص العملة الصعبة… وعمله لتأمين الدواء والأمن الغذائي وسعيه لتأمين القمح… حيث بات احتياطي القمح لصناعة الخبز في الخط الأحمر، وكيف استطاع تحويل مسار باخرة تحمل القمح إلى موانئنا وشراء محتواها بعد أن كانت متجهة إلى دولة مجاورة… وكيف أعطى الأوامر بخلط القمح بالشعير على مسؤوليته الشخصية لتأمين حاجة الخبز للمواطنين.. والدور الذي قام به في تسوية الديون الخارجية المترتبة على سورية وحسم مبالغ كبيرة منها.. ومعالجة نقص المواد والسلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج وسياسة تشجيع الاستثمار والانفتاح على الدول العربية والأجنبية ودعم القطاع الخاص وتوجيه المدخرات نحو الأهداف الإنتاجية وتشجيع إقامة الشركات المساهمة والشركات المشتركة بين القطاعين العام والخاص ومساهمته في مشاريع القوانين الناظمة لهذه الشركات، وكيف كانت الهجمة الشرسة على شخصه حين تحدث عن دعم القطاع الخاص حيث بين أن سيطرة القطاع الخاص وتحكمه واستغلاله هي أمور أصبحت في غياهب النسيان.. وأن ما يقدمه هو ليس إلا نظرية مستلهمة من واقعنا وحياتنا، وكيف توجه طاقات شعبنا نحو تحقيق الأهداف التي تهمّنا جميعاً.. وكيف نعد الدراسات للمشاريع.. ونفتح قنوات الاستثمار.. وكيف نساوي بين الناس في الميزات.. وكيف نحمي المجتمع بالضوابط التي نضعها.. وأن الضمانة الحقيقية هي بناء الوطن.. فإذا كرمت جمعية أصدقاء دمشق الأستاذ الدكتور محمد العمادي فإنما تكرم فكراً نقله إلى واقع علمي وعملي معالجاً ومنظماً لاقتصاد دولة فتية ولرجل من أهم رجال التنمية في سورية.
فالتحية للدكتور العمادي ولكل مخلص ساهم ويسهم في بناء الوطن وعمل ويعمل على تقدمه وازدهاره.
نائب رئيس غرفة تجارة دمشق الأسبق

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن