سورية

الأولى التي تستهدف طرطوس خلال الأزمة.. ووصفت بـ«الأكثر دموية» منذ ثمانينيات القرن الماضي … الإرهاب يطول المنطقة الساحلية بتفجيرات «غير مسبوقة» ومئات الشهداء والجرحى

| الوطن – وكالات

استهدفت سبعة تفجيرات إرهابية «متزامنة» و«غير مسبوقة» صباح أمس مدينتي جبلة وطرطوس غرب البلاد، هي «الأكثر دموية» منذ ثمانينيات القرن الماضي، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من المدنيين، وتبناها تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية الذي يمنى بهزائم فادحة في أماكن سيطرته.
وفي التفاصيل، قالت وكالة «سانا» للأنباء: ارتقى عدد من الشهداء وأصيب عشرات الأشخاص نتيجة تفجيرات إرهابية متزامنة استهدفت صباح أمس (الإثنين) مدينتي طرطوس وجبلة.
وذكرت، أن تفجيرين إرهابيين وقعا صباح أمس (الإثنين) على المدخل الرئيسي لكراج مدينة جبلة بريف اللاذقية الجنوبي ما تسبب بارتقاء عدد من الشهداء وإصابة عشرات المواطنين وإلحاق أضرار مادية كبيرة في المكان».
ولفتت الوكالة إلى وقوع تفجير إرهابي قرب مديرية كهرباء جبلة بالتزامن مع تفجير إرهابي انتحاري نفسه بحزام ناسف على مدخل قسم الإسعاف في مشفى جبلة الوطني ما تسبب باستشهاد وإصابة عدد من الأشخاص.
وذكر مدير صحة اللاذقية الدكتور عمار غنام أن التفجير الإرهابي ألحق أضراراً مادية كبيرة بالمشفى وسيارات الإسعاف التي كانت تنقل الجرحى.
وفي طرطوس أفادت «سانا»، بوقوع 3 تفجيرات إرهابية صباح أمس (الإثنين) في الكراجات الجديدة والضاحية السكنية مقابل الكراجات بمدينة طرطوس حيث انفجرت سيارة مفخخة على باب الكراج على حين قام إرهابي انتحاري بتفجير نفسه بحزام ناسف ضمن الكراج.
وذكرت، أن إرهابياً فجر نفسه بالتزامن مع التفجيرات التي وقعت في الكراجات الجديدة في الضاحية السكنية مقابل الكراجات من الجهة الغربية ما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات.
ولفت محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى في تصريح صحفي إلى أن وقوع التفجيرات الإرهابية في مكان مكتظ بالحركة المرورية تسبب باستشهاد وإصابة العديد من الأشخاص، مبيناً أن المشافي العامة والخاصة المنتشرة في المدينة قامت بتقديم جميع الخدمات الطبية والعلاجية للجرحى الذين أصيبوا في التفجيرات.
وهذه المرة الأولى التي تشهد فيها طرطوس مثل هذه التفجيرات منذ بداية الأزمة الدامية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، ذلك أنها محافظة حافظت على الهدوء والأمن والأمان منذ اندلاع الأحداث ونزح إلى المدينة مئات الآلاف من أهالي المحافظات الساخنة ليعيشوا إلى جانب سكانها الأصليين والذين يقدر عددهم بنحو 800 ألف نسمة.
وما ميز الانفجار الأول في منطقة الكراج الجديد شمال مدينة طرطوس ضخامته، حيث نتج عنه سحابة دخان كبيرة وحصوله في فترة تشهد ازدحاماً كبيراً بالمارة. وبدت على مدخل الكراج سيارة تكسي متفحمة، قال شهود عيان: إن انتحارياً فجر نفسه أمامها على حين علا صوت أحدهم عن وجود بعض الأشلاء في آخر الطريق أمام مبنى سادكوب ثم تتابعت الأحاديث عن أشلاء متناثرة هنا وهناك ما يؤشر إلى عدد الضحايا الكبير في الكراج.
وروى أحد شهود العيان: أن السيارة المتفحمة التي كان يقودها انتحاري حليق الذقن أبيض البشرة قام بتفجيرها في ساحة الكراج بالقرب من كافتيريا.
الأضرار المادية لم تقتصر على السيارات العامة أو الأكشاك بل تعدتها إلى الأبنية المجاورة بحيث شوهدت نوافذ مكسرة في مبنى الاتصالات «2» والأبنية البرجية المجاورة.
شاهد عيان آخر، ذكر أن انتحاريين فجرا نفسيهما قرب موقف بانياس وآخر قرب موقف خط الجديد وانتحارياً ثالثاً تمت مطاردته فقام بتفجير نفسه قرب سوق الشهداء على مدخل ضاحية الأسد.
وتحدثت المعلومات الأولية عن عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين، وشوهدت سيارات الإسعاف وهي تتجول في الشوارع وتدعو عبر مكبرات الصوت إلى التبرع بالدم ومن كل الزمر الدموية، كما تتحدث بعض المعلومات عن وجود شهداء أطفال ويافعين فالكراجات تزدحم هذه الأيام بالطلاب الذاهبين أو العائدين من امتحاناتهم.
وتفيد المعلومات بأن تفجيرات طرطوس خلفت 45 شهيداً و100 جريح في حصيلة غير نهائية كون حالة بعض الجرحى خطرة جداً.
من جانبه، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض الذي يتخذ من لندن مقراً له ويعتمد على شبكة من النشطاء لتغطية الأحداث الجارية في سورية: أن «ثلاثة تفجيرات في طرطوس أسفرت عن مقتل 48 شخصاً و100 آخرين في أربعة تفجيرات استهدفت جبلة»، فضلا عن إصابة العشرات بجروح، لافتاًً إلى أن «من بين القتلى، ثمانية أطفال وعاملين في المجال الطبي وطلاب وعاملين في شركة الكهرباء».
ووقعت التفجيرات في مدينة طرطوس بالتزامن عند الساعة التاسعة صباحا، وفق ما قال مصدر في شرطة المدينة لوكالة «فرانس برس».
وأوضح المرصد بدوره أن انتحاريين فجرا أحزمتهما الناسفة في محطة طرطوس بعد تجمع الأشخاص في المكان إثر انفجار السيارة المفخخة. وبعد ربع ساعة، ضربت أربعة تفجيرات مدينة جبلة التي تبعد 60 كيلومتراً شمال طرطوس.
وأفاد مصدر في شرطة جبلة لـ«فرانس برس»، أن «تفجيراً انتحارياً استهدف قسم الإسعاف في المستشفى الوطني، ووقعت التفجيرات الثلاثة الأخرى بواسطة سيارات مفخخة في محطة حافلات المدينة وأمام مؤسسة الكهرباء وأما مستشفى الأسعد» عند مدخل المدينة.
ونقل عبد الرحمن عن مصادر في المدينة أن «أحد الانتحاريين ساعد على نقل الجرحى الذين سقطوا في أحد التفجيرات إلى المستشفى الوطني، وحين وصل إلى هناك فجر نفسه في قسم الإسعاف».
وبثت «الإخبارية» السورية صورا لمكان التفجير في موقف للحافلات في جبلة. وأظهرت الصور عدداً من الحافلات المحترقة والمحطمة، فيما تناثرت على الأرض الإطارات وركام السيارات إلى جانب برك من الدم والأشلاء.
وقال محسن زيّود، طالب جامعي (22 عاماً)، وكان في زيارة لذويه في جبلة، «كان صوتا مدوّيا واهتزّت جدران المنزل بشكل كامل».
وأضاف: «نزلت إلى الشارع لأرى ماذا يحدث وسمعت بعدها تفجيرات متتالية، وهرع الناس إلى منازلهم خائفين وأغلقت المدينة بشكل كامل». ووصف عبد الرحمن التفجيرات بأنها «غير مسبوقة» في كل من جبلة وطرطوس، موضحاً أن «المدينتين لم تشهدا انفجارات بهذا الشكل منذ ثمانينيات» القرن الماضي.
وفي طرطوس، قال علاء مرعي وهو رسام في الثلاثينيات من العمر «تركتُ دمشق منذ أكثر من عام بعدما كثرت فيها قذائف الهاون، هربتُ من الموت لأجد أني ذهبتُ إليه بأقدامي».
وأضاف في حديث عبر الهاتف مع «فرانس برس»: «كنتُ نائماً واستيقظتُ مرعوبا، ظننتُ للحظات أني في دمشق»، وروى مشاهداته من نافذة غرفته «الناس كانت تركض في الشوارع، والمحلات أغلقت بشكل كامل، ودخلت المدينة في حالة شلل تام».
وتابع «هذه المرة الأولى التي تختبر فيها طرطوس معنى الحرب».
وأكد شادي عثمان (24 عاماً)، موظف في أحد مصارف طرطوس، «هذه المرة الأولى التي تسمع فيها طرطوس أصوات انفجارات، والمرة الأولى التي نرى فيها شهداء وأشلاء».
وتعد هذه التفجيرات وفق «فرانس برس» الأكثر دموية في طرطوس منذ العام 1986 حين استهدفت تفجيرات عدة المدينة ما أسفر حينها عن استشهاد 144 شخصاً وإصابة 149 آخرين. واتهمت الحكومة السورية وقتها النظام العراقي برئاسة صدام حسين بالوقوف خلف الاعتداءات.
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن التفجيرات، وقالت وكالة «أعماق» للأنباء التابعة له: «هجمات لمقاتلين من» داعش «تضرب تجمعات للعلوية في مدينتي طرطوس وجبلة على الساحل السوري»، علماً أن مدينة جبلة تقطنها أغلبية سنية.
وليس هناك وجود معلن لتنظيم داعش في محافظتي اللاذقية وطرطوس الساحليتين. ويقتصر وجود تنظيمات إسلامية مسلحة منها حركة «أحرار الشام الإسلامية» و«جيش الإسلام» و«الفرقة الأولى الساحلية» وكذلك مجموعات من تنظيم جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سورية على ريف اللاذقية الشمالي.
وتأتي هذه التفجيرات بعد هزيمة تنظيم داعش من مدينتي تدمر والقريتين بريف حمص الشرقي، وخسائر فادحة يتكبدها في دير الزور، وتقارير عن عزم «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات الأميركية شن عملية ضده بالتعاون مع «قوات سورية الديمقراطية» لطرده من الرقة معقله الرئيس في سورية.
وتعرضت مدينة اللاذقية التي تقع شمالي جبلة عدة مرات لتفجيرات وهجمات صاروخية شنتها جماعات مسلحة.
واستشهد المئات في تفجيرات في ريف العاصمة دمشق ومدينة حمص في وقت سابق هذا العام وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن