أكثر من 120 شهيداً ومئات الجرحى في جبلة وطرطوس.. والسوريون يدافعون عن هويتهم بدمائهم … الوهابية المتوحشة تضرب سورية من جديد
| طرطوس- محمد حسين – اللاذقية – عبير سمير محمود
مرة جديدة ضربت الوهابية المتوحشة قلب سورية والسوريين في محاولة لزرع الفتنة بين أبنائها وقتل أكبر عدد ممكن في لحظة واحدة، فكان السوريون أقوى منها ومن محاولاتها ودافعوا عن هويتهم وحضارتهم بالدماء والصبر والإيمان بأن الانتصار على الإرهاب آت لا محالة وأن لا مكان لقوى الظلام على أرض سورية المقدسة مهما بلغت التضحيات وارتفع الثمن.
وأمس وفي ساعة الذروة، ولقتل أكبر عدد من الأبرياء، قامت مجموعتان وبعد تنسيق الزمان والمكان، بهجوم مزدوج على مدينتي جبلة وطرطوس في أول خرق إرهابي لهاتين المدينتين، كانت حصيلته مرتفعة وبلغ في حصيلة غير نهائية 117 شهيداً.
وبعد التفجيرات تبنت حركة «أحرار الشام» العمليتين كما نقل التلفزيون الرسمي السوري، وبعدها بساعة صدر بيان من «داعش» تبنى بدوره العمليات، رغم أن داعش لا خطوط تماس لديه مع محافظتي طرطوس واللاذقية، وهما في الحالتين تنظيمان يتبعان المصدر ذاته وهو الوهابية السعودية المدعومة من تركيا ودول أخرى، وتعمل منذ خمس سنوات على تدمير سورية وقتل شعبها.
وكان أول تهديد تعرضت له مدينة طرطوس يعود إلى منتصف عام ٢٠١٤ حين تم ضبط سيارة مفخخة على طريق حمص طرطوس مجهزة ومرسلة مما كان يسمى بالجبهة الإسلامية التي تتشكل غالبيتها من جبهة النصرة وحركة أحرار الشام.
وفي حال أثبت التحقيق مسؤولية داعش عن الهجومين فهذا يعني أنه استعان بمجموعات حليفة له على تماس مع منطقة الساحل، مع الإشارة إلى أن «جيش الفتح» كان قد طالب أيضاً بزيادة عدد الإنغماسيين في صفوفه لضرب الداخل السوري في محاولة جديدة لزرع بذور الفتنة وخلط الأوراق وتغيير الواقع الميداني على الأرض، الأمر الذي صرح عنه جهاراً وزير خارجية بني سعود مطالباً «بتغيير الواقع الميداني لاستئناف محادثات جنيف».
وكانت واشنطن ودوّل غربية رفضت منذ أيام إدراج حركتي «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» على لوائح الإرهاب الدولي ولا تزال تدافع عن التنظيمين أمام التصميم الروسي لمحاربتهما.
وفي تفاصيل ما حصل في مدينة جبلة ذكر سائق أحد «السرافيس» وكان شاهداً على التفجيرات التي حدثت داخل الكراج قائلاً لـ«الوطن»: كنت أقود سيارتي باتجاه اللاذقية وبرفقتي 14 راكباً وبعد خروجي من الكراج بقليل سمعت الانفجار الأول وقبل أن أستوعب ما حدث وبالدقيقة نفسها سمعت دوي تفجيرين آخرين ورأيت الجثامين حولي من كل جهة فيما كانت الدماء تغطي الأرض».
شاهد آخر أكد أن انتحارياً فجر نفسه حين بدأ الناس بالركض بعد التفجير الأول داخل الكراج، في حين قام إرهابي ثالث، ويرجح أنها امرأة، بتفجير نفسه داخل قسم الإسعاف في مشفى جبلة الوطني بعد أن ركب مع المصابين مدعياً بأنه مصاب فيذهب ضحيته أكثر من 30 شهيداً وعشرات المصابين بمن فيهم كادر قسم الإسعاف من أطباء وممرضين وعاملين.
وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الشعار زار مواقع التفجيرات وفي تصريح من كراج جبلة ذكر لـ«الوطن» أن التحقيق لا يزال مستمراً للوصول إلى مصدر الوسائل التي تم استخدامها بالتفجيرات، مؤكداً أن الإجرام الذي يمثله هؤلاء الإرهابيون ليس له حدود ولا يفرق بين طفل وامرأة وشيخ، وأضاف: لن نتوقف عن مكافحة هذا الإرهاب التكفيري بكل أشكاله ووسائله.
بدوره بين محافظ اللاذقية اللواء إبراهيم خضر السالم لـ«الوطن» أن الجهات المختصة اتخذت الإجراءات اللازمة لتوثيق كافة الأضرار ومتابعة التحقيق للعمل والحفاظ على أمن هذه المحافظة وحماية شعبها.
وفي وقت لاحق أكدت مصادر لـ«الوطن» من محافظة اللاذقية أنه وبإحصائية غير رسمية فقد تم تسجيل ما يزيد على 70 شهيداً و190 جريحاً.
من جهتهم تناقل ناشطون على فيسبوك فيديو يؤكدون فيه اعتقال أحد الإرهابيين كان يحاول تفجير نفسه أيضاً في مستشفى جبلة، وتسليمه للجهات المختصة.
وفي طرطوس قال أحد شهود العيان لـ«الوطن»: تفاجأنا نحو الساعة العاشرة إلا ربعاً صباحاً بانفجار على باب الكراج الواقع في الجهة الغربية، تبعه بثوان انفجار آخر داخل الكراج بجانب السيارات العاملة على خط طرطوس الدريكيش من جهة كافتيريا الكراج، تبين لاحقاً أنه ناجم عن حزام ناسف وشوهد رأس الإرهابي قرب الرصيف منفصلاً عن جسده، ومن ثم انفجار ثالث على مخرج الكراج من جهة مشفى الباسل على اعتبار أن مخرج الكراج الآخر من جهة نهر الغمقة مغلق تماماً منذ مدة».
وفي حصيلة شبه نهائية أكد مصدر طبي في طرطوس لـ«الوطن» أن عدد الشهداء بلغ حتى السابعة من مساء أمس 47 شهيداً، على حين بلغ عدد الجرحى 62 حالات كثير منهم خطرة، مرجحاً ارتفاع حصيلة الشهداء، بينهم خمسة من أبناء حلب بحسب مصدر آخر.
مصادر ميدانية أوضحت أن الساعات اللاحقة للتفجيرات شهدت ما يشبه الحصار للمدينة إذ تم إغلاق مداخل المدينة بشكل كامل أمام حركة المرور ما منع خروج آلاف الأشخاص إلى قراهم بعدما تقطعت بهم السبل داخل المدينة بعد خروج معظم وسائل النقل إلى خارج المدينة خشية تفجيرات لاحقة، ما دفعهم للمغامرة بالبقاء لدى أصدقائهم أو معارفهم حسبما أكدت إحدى الموظفات.
كما شهدت المدينة عقب التفجيرات بحوالي ساعة توجه نحو 17 شاباً إلى مخيم «الكرنك» جنوب المدينة والمخصص للوافدين من محافظات ساخنة نتيجة العمليات الإرهابية، وقاموا بحرق 14 خيمة وحاولوا الاعتداء على سكانها، وعلى الفور توجه الكثير من أهالي طرطوس وفعالياتها إلى المكان ووقفوا في وجه هؤلاء الشباب «المتهورين» وسحبوهم من المكان، واحتضنوا الوافدين واعتذروا منهم وباشروا بتركيب خيم جديدة لهم بالتعاون مع فرع الهلال الأحمر العربي السوري بطرطوس وتجهيزها.
ونفى محافظ طرطوس صفوان أبو سعدى الأنباء عن اعتداءات على مراكز الإيواء مؤكداً أن شباناً من أبناء المحافظة شكلوا لجانا أهلية لحماية تلك المراكز التي استقبلت المهجرين، معتبراً في تصريحات إذاعية أن «كل الصور التي انتشرت على بعض وسائل الإعلام للخيم المحروقة هي من حريق سابق قبل مدة».