شخصيات كارثية «1»
| عبد الفتاح العوض
الموظف الغاضب
أتناول هنا نماذج من شخصيات الكارثة السورية… هؤلاء الأشخاص الذين انخرطوا بشكل أو بآخر في هذه الأزمة من بداياتها، أو ظهروا خلالها وتباين حجم حضورهم وكذا تأثيرهم من وقت لآخر، ففي مراحل كان لهم تأثير واضح وأحياناً لهم حضور صارخ بغير تأثير أو بتأثير محدود..
أرجو ألا تبحثوا عن أسماء محددة لكن كلاً منّا يعرف عدداً منهم وربما كان على صلة بهم وفي كل حال فإن الحديث عن هذه النماذج هو مجرد جزء مما يستحقونه بعد مشاركتهم في ما وصلنا إليه، لأني على قناعة أن الجزء الأكبر تحرك بدوافع شخصية بحتة وليس اجتهاداً وطنياً، تبين لاحقاً أنه على خطأ، أول من أبدأ بالحديث عنهم ما يمكن أن نسميه الموظف الغاضب.. هذه الشخصية كانت تعمل في واحدة من مؤسسات الدولة… قسم من هؤلاء غضبوا من رؤسائهم لسبب أو لآخر… البعض كان مسؤولاً وتم التخلي عنه، وقسم كان صغيراً وظن في نفسه أن مؤهلاته غير مقدرة ولم يتم الاعتراف بها… قسم فاسد وأراد أن يقوم بعملية غسيل سمعة.. وقسم قادته انفعالات عاطفية وتأثيرات شخصية إلى اتخاذ موقف ومع الوقت لم يعد ممكنا التراجع عنه.
نموذج الموظف الغاضب غني بتنوعاته…. متشعب بغاياته لكن السلوك واحد.. غضب من المسؤول عنه فتحول غضبه إلى حقد على الوطن.
صار ينظر إلى المسؤول عنه كبر أم صغر على أنه الوطن… تحول موقفه من السلطة إلى موقف من الدولة… وصار خراب الدولة ثأراً شخصياً. لا أستطيع أن أقلل من حجم تأثير مثل هؤلاء وخاصة في مراحل الأزمة الأولى عندما كان خروج هؤلاء على الفضائيات عملاً له قيمة… الآن نسأل أين هم؟ فلن تجد فيهم إلا شخصيات مكتئبة تجتهد في البحث عن خبر يطمئن مخاوفها.
أسوأ من في هذا النموذج هم المسؤولون السابقون.. وهم بما قاموا به حالة عدم وفاء صارخة، ولكنهم في الوقت نفسه شهادة تؤكد المؤكد على سوء اختيار المسؤولين بالدولة.
فعندما تختار مسؤولاً من نعومة أظفاره يتدرج من موقع إلى موقع، ومع هبوب العاصفة يقفز للضفة الأخرى، فهذا ليس إلا شهادة على خطأ الاختيار أصلاً، النموذج المنافس بالسوء هم هواة المناصب الذين لم يتمكنوا من الحصول عليها على الرغم من محاولاتهم الفجة. هؤلاء ظنوا أن الجهة المنافسة سوف تجد فيهم كنزاً وبالمحصلة لم يجدوا غير الاحتقار مجدداً. ربما كل منا سيجد أسماء تماثل نموذج الموظف الغاضب لكن الشيء المفيد أنه كيف يمكن التعامل معهم في المستقبل… هل يتسع لهم حضن الوطن؟؟؟.
آخر الكلام
إذا أخطأ العاقل تأسف.. وإذا أخطأ الأحمق تفلسف.