الأولى

السعودية.. لقوات عربية في سورية!

| بيروت – محمد عبيد 

كان لافتاً أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة في الرابع عشر من الشهر الجاري إلى السعودية عدم الإشارة إلى لقائه صاحب القرار الفعلي في النظام السعودي محمد بن سلمان، مع أن مصادر دبلوماسية مطلعة أكدت أن هذا اللقاء قد حصل فعلاً على يخت الأخير في منطقة على الساحل الشمالي للمملكة السعودية.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن كيري فوجئ بسؤال محمد بن سلمان له عن موقف الولايات المتحدة الأميركية في حال قررت السعودية التدخل العسكري المباشر في القتال الدائر في سورية، ليستدرك وزير الدفاع السعودي موضحاً أنه يفكر في إنشاء قوة عربية مشتركة على غرار ما يسمى «التحالف العربي في اليمن» وليس السعودية فقط، فَرَّدَ كيري متسائلاً عن الهدف من هذه الخطوة وعن الجهة التي ستقاتلها هذه القوة: أهي «النظام السوري» أم تنظيم «داعش» والمجموعات المسلحة الأخرى؟. فأوضح محمد بن سلمان أنها مجرد فكرة حتى الآن وتحتاج إلى مزيد من الوقت لبلورتها.
قد تكون هذه الفكرة الجنونية «مجرد فكرة» مرت في خاطر هذا الحاكم السعودي، غير أن تسريبها من بعض المراجع الدبلوماسية الأميركية يثير تساؤلات وهواجس فعلية حول تلاقي الأجندات السعودية-الأميركية وتضادها -إن وجِد- تجاه الأزمات القائمة والمُفتعلة في المنطقة وفي مقدمتها الأزمة في سورية.
يبدو أن الإدارة الأميركية الحالية التي تشدد دائماً أنها تركت بصمتها الإيجابية على السلام والأمن الدوليين من خلال نجاحها في تسوية الملف النووي الإيراني، ترغب في ترك بصمة إيجابية أخرى من خلال تفرغها فيما تبقى لها من وقت لمحاربة تنظيم «داعش» حصراً، كما تؤكد مصادرها. وهي لذلك بدأت تمهد لتدخل قواتها العسكرية وقيادة مجموعات مسلحة تحت عنوان محاربة هذا التنظيم في مدينة الرقة وبعض محيطها غير آبهة باعتبار هذا التدخل احتلالاً لجزءٍ من الأراضي السورية نتيجة عدم استئذان مجلس الأمن الدولي أو التنسيق مع الدولة السورية الشرعية أو حتى مع حليفها الروسي الذي كلما تقدم خطوة لملاقاة النيات الأميركية ومحاولة إضفاء شرعية ما عليها صدته تصريحات مسؤولي الإدارة عبر نفي الاتفاق أو حتى التداول بأفكار مماثلة.
لاشك أن هذا التدخل الأميركي سيوسع دائرة الفوضى المسلحة في سورية لما سيتبعه من تسيب أمني مشابه للحالة التي أوجدها التدخل أو الاحتلال نفسه للأراضي العراقية، بعدما أثبتت التجارب في جميع دول المنطقة والعالم أن الإدارات الأميركية المتعاقبة تنجح في قيادة حروب واجتياحات عسكرية لكنها تفشل دائماً وربما عن قصد في إيجاد تسويات سياسية تستثمر فيها نتائج هذه الحروب والاجتياحات، ولذلك تلجأ إلى الانسحاب وترك الأرض لقوى حليفة أو حتى معادية بهدف إنهاك هذه الدولة أو تلك.
وهنا يكمن الخطر الأكبر، ذلك أن النظام السعودي الذي يراهن على كسب مزيد من الوقت من خلال مداراته للإدارة الحالية بانتظار إمساك الإدارة الجديدة بقرار البيت الأبيض، يسعى في الوقت نفسه إلى تعزيز موقعه في مراكز القرار الأميركي من خلال التواصل العلني والمباشر مع كيان العدو الإسرائيلي ومتفرعاته من مجموعات ضغط (اللوبي الصهيوني) في واشنطن تحديداً، ما قد يسمح له بإقناع هذه المراكز بتوسيع دائرة مشاركته في الحرب على سورية والانتقال إلى التدخل العسكري المباشر بقوات سعودية مُطَّعَمة ببعض المرتزقة من دول عربية تمسك الرياض بقرارها السيادي.. يكفي أن نقرأ ما قاله مدير معهد «واشنطن» لسياسات الشرق الأدنى روبرت ساتلوف في توصيفه للحوار الذي دار بين رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور أوائل الشهر الجاري: «إننا ننجح في وضع أجندة لمرحلة طويلة من المفاوضات السعودية-الإسرائيلية التي ستأتي في المستقبل».. لنستنتج أننا أمام مرحلة زمنية فاصلة سيحاول المثلث التركي-الإسرائيلي-السعودي الاستفادة منها بانتظار الراعي الأميركي الجديد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن