ثقافة وفن

جدل ثنائي… ملامح الأنثى تعددت وتشابهت … إسماعيل نصرة لـ«الوطن»: هويّتي التشكيليّة استقرت في ملامح وجه الأنثى الخاصّ بي

| عامر فؤاد عامر

تستقبلك وجوه الأنثى منذ النظرة الأولى إلى لوحاته، مزدانة بالألوان الجاذبة واللافتة، وإن كانت تقشفاً في قسمٍ منها فهي تدور في فلك الأنثى المسيطرة في حضورها، والعاشقة، والحالمة، وآسرة اللوحة، والمحور الذي تجتمع فيه كلّ مزايا وأفكار اللوحة التشكيليّة التي تخصّه، الفنان التشكيلي «إسماعيل نصرة» وفي معرضه «جدل ثنائي» المشترك مع النحّات «وائل دهّان»- سيكون لنا وقفة معه قريباً- والمُقام في غاليري «ألف نون» في دمشق، نتحدّث إليه حول جديده في هذا المعرض وحول علاقة لوحته بالحرف والرقم وعن الأنثى بملامحها الخاصّة التي تجمع لوحاته.
يعتمد المعرض على بورتريه مشترك، فكان وجهاً بملامح متقاربة، في كلّ اللوحات تقريباً، وعن هذه الملاحظة جاءت بداية حديثنا مع الفنان التشكيلي إسماعيل نصرة» فشرح لنا موضّحاً: «كلّ فنان يمتلك في مخيّلته صورة تخصّه، وكأنّه يقوم برسم شيء يخصّه أو يرسم نفسه بالأحرى، فهذا الوجّه الذي يظهر يسيطر في حضوره عبر اللوحات منذ بداية التجربة، وهذا ما لمسته في تجربتي أيضاً؛ بل ينطبق على تجربة أهم الفنانين التشكيليين العالميين، لدرجة أن هناك فنانين يمكن معرفة لوحاتهم فوراً من خلال البورتريه أو الوجه الذي يرسموه في لوحاتهم والملامح الخاصّة والثابتة دائماً في هذا الوجه، وهو أمر خارج عن الإرادة، فتظهر الملامح من دون قصد، وعلى الرغم من تشابه الملامح في كلّ وجوه المرأة التي رسمتها في اللوحات إلا أن الملمح يختلف بين صورة وأخرى وبين لوحة وأخرى فأستطيع تمييز حالتها وموضوعها في كلّ مرة أرسمها وأجسدها في لوحة».

التقشّف والحلم والأمل
اختلفت خلال سنوات الحرب ملامح الأنثى، والوجه، وألوانه في لوحة الفنان التشكيلي «إبراهيم نصرة» وعن ذلك يصف: «المرأة موضوع ثريّ جداً في الفنّ التشكيلي وهو يمنح اللوحة قيمةً فكريّةً ومعنويّةً وروحانيّة، ومزيد من الرموز والدّلالات، والاختلاف الحاصل عبر هذه السنوات تجلّى في الخط واللون والشكل والتعبير، فلدي لوحات في هذا المعرض مثال على ذلك لوحة «سورية الآن» المؤلّفة من لوحتين على الخشب تُجسدان وجهاً متكرراً يحمل حالة من الألم المتجدد، وفي الوجه وضعت عدداً من المسامير الحديديّة المنغرسة في الجبهة والمتناثرة في باقي أجزاء اللوحة، ولم أزد في اللون بل كان هناك نوع من التقشّف وكلّ ذلك دلالة على الحزن وعلى الألم المتكرر، وفي لوحات أخرى بقي الحلم والأمل موجودين فالوجه نفسه الذي يتألم ويتعذب يمكنه أن يحلم ويستجر الأمل وصولاً للهدف والراحة والسعادة».
واقعيّة مبسّطة

جُمعت لوحات هذا المعرض بين عامي 2009 و2016، لكن لكلّ معرض ما يميّزه عن غيره، وعن الجديد في هذا المعرض وما يحمله من اختلاف عن باقي المعارض التي أقامها التشكيلي «نصرة» يقول: «يحمل المعرض تجربة جديدة، ونضجاً في التقنيّة وفي المعالجة، فالشكل المقصود في اللوحة بدأ يبرز ويظهر في تكاليف أقلّ وعبر أدوات ناضجة بسبب التجربة وتراكم الخبرة، فتغدو الصيغة في اللوحة أكثر نضجاً والأشكال تحمل نوعاً من الاختزال ولم يعدّ يعتمد على التفاصيل المتزايدة، بل هناك واقعيّة مبسّطة، وهناك تقشف في اللون وغنى في المشهد العام ومع مساحات من التنفس والتعبير».

الرقم والحرف ونزار
يستخلص المتلقي مجموعة من الرموز والأشكال والإشارات في لوحات معرض «جدل ثنائي» فهناك أرقام وأحرف عربيّة وأجنبية وخطوط عريضة وأخرى رفيعة وكثير من التعابير والرموز التي تخدم الخط العام الذي يجمع كلّ تلك اللوحات، وحول هذه الأفكار يضيف لنا: «الرقم والحرف مصدران لتشكيل اللوحة لديّ، وفي معارض سابقة كان لي أكثر من تجربة فيها، وأذكر منها العلاقة بين لوحتي وقصيدة الشاعر الكبير «نزار قباني» فكنت أضع النص في اللوحة بصيغة المفردات التشكيليّة لوناً وحرفاً مع ترجمة مباشرة في القصيدة، لتتجلى أنثى «نزار» عبر اللوحة، أمّا الرقم فمدلوله آخر فهو يعبّر عن أحوالنا البشريّة وكأننا مجرد أرقام في هذه الحياة…».

روح شرقيّة
يترك في لوحاته بصمة في ذاكرة المتلقي ومع مرور الوقت باتت الهويّة واضحة لدى الفنان التشكيلي «إسماعيل نصرة» وهي وجه الأنثى بملامحه الخاصّة والقريبة من نفسيّة المتلقي والذي يترك أثراً مريحاً في داخل من يتابع تطور اللوحة لديه عبر ممارساته وتجاربه، وفي نهاية لقائنا نستذكر معه هذه الكلمات: «دائماً لدي الجديد، وأحبّ التجربة، فمعرضي اليوم حمل الرقم 13 وهناك مزيد من الأفكار لطرحها في معارض متجددة وتجارب قادمة، وأنا أحبّ رسم الإنسان في لوحتي، إضافة إلى رموز أخرى تشترك معه، لكن الأهمّ هو الروح الشرقيّة في اللوحة، وهذه هي هويّتي وأيقونتي، وفي وقتنا الراهن من الصعب أن يتفرّد الفنّان بشيء يخصّه، ولاسيما في زحمة الأساليب وتكاثرها في الفنّ التشّكيلي اليوم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن