اقتصاد

خبير زراعي لـ«الوطن»: إيقاف الزراعات الشرهة للمياه

| علي محمود سليمان

مع نهاية الموسم الشتوي لهذا العام فإن التوقعات لا تبشر بالخير بالنسبة لكميات الهطول والعجز المائي والمساحات الزراعية المروية، حيث يتوقع أن تنحسر المساحة الزراعية المروية إلى 900 ألف هكتار مروي، بينما كانت عليه خلال العام الماضي نحو 1.100 مليون هكتار مروي، وحسب الخطة الزراعية لوزارة الزراعة فيتم التخطيط كل عام لمساحة مروية تصل إلى 1.530 مليون هكتار ولكن واقع ما يتم زراعته مروياً لا يتعدى 1.300 مليون هكتار.
الخبير الزراعي محمد حسان قطنا بيّن في حديث خاص لـ«الوطن» أن أسباب انحسار المساحة المروية يعود إلى خروج عدد من الآبار من الخدمة مع ارتفاع أسعار المحروقات وصعوبة تأمينها وعدم وجود سيولة كافية مع الفلاحين ما اضطرهم للاستغناء عن مساحات مروية، بالإضافة إلى الأسباب الأمنية المرتبطة بعدم ضمان الفلاح أن يصل إلى أرضه لسقاية محصوله وجنيه في الوقت المناسب، فإذا تأخر عن السقاية ضاع المحصول وخاصة الزراعات الصيفية وإن لم يضع فإن الإنتاج سيكون ضعيفاً ولن يحقق عائداً ربحياً للفلاح.
ولكن السبب الرئيسي لانحسار المساحة المروية حسب قطنا يعود إلى تراجع الهطول المطري عما كان متوقعاً وتعتبر السنة الحالية سنة جافة وقاسية ولم يتم اتخاذ أي إجراءات لهذا الأمر من الوزارات المعنية، حيث وصلت نسب الهطول في المحافظات إلى قيم متدنية مقارنة مع العام الماضي فكانت في السويداء 99% وفي درعا 99% وحلب 82% وحمص 76% وحماة 72% وطرطوس 69% والقنيطرة 66% ودمشق 54% وإدلب 52% واللاذقية 44% والغاب 56% أما في حين الرقة فلا معلومات عن نسب الهطول فيها كونها خارج السيطرة، ولذلك ستكون الموارد المائية شحيحة للري، والمحافظة الوحيدة التي كانت نسبة الهطول فيها جيدة جداً مقارنة مع العام الماضي هي الحسكة فكانت النسبة 133% وبالتالي لا خوف على المحاصيل المروية في الحسكة كالقمح والشعير والمحاصيل الأخرى كاليانسون والشمرة والكمون ولكن للأسف فإن هذه المحاصيل تهرب إلى تركيا ونخسرها كما أن الفلاح أصبح يزرع الشعير بدلاً من القمح نتيجة الحاجة للأعلاف في ظل ارتفاع أسعارها ولأن الشعير لا يحتاج إلى الري كما القمح.
وحذر قطنا من ارتفاع العجز المائي حيث كان يتراوح سابقاً ما بين 3 و3.5 مليارات م3 ماء سنوياً ومع هذا الانخفاض في الهطول فالمتوقع أن يزيد العجز المائي حيث إن نسب التخزين في السدود تعكس انخفاض معدلات الأمطار كون الأمطار تتجمع في السدود وتتسرب إلى المياه الجوفية، وبالنظر إلى نسب التخزين نجد أنها في اللاذقية 56% وفي حماة 19% وطرطوس 59% والقنيطرة 19% وحمص 46% والحسكة 16% وهي النسبة من الطاقة القصوى لتخزين السدود وفي إدلب 11% ودرعا 9% والسويداء 8% ودمشق 5%، وهذا التراجع في المخزون المائي ينذر بكارثة مائية حقيقية لهذا العام.
واعتبر قطنا أن هناك إجراءات إسعافية يمكن العمل عليها سريعاً للحد من توسع العجز المائي وتتمثل في منع زراعة المحاصيل الشرهة للمياه على الآبار في هذا العام كمحصول القطن أو تخفيض المساحات المزروعة بها، بالإضافة إلى دعم الفلاح لزراعة المحاصيل في المناطق البديلة كالغاب مثلاً، والتوجه لزراعة الخضار على المياه السطحية بدلاً من المياه الجوفية.
ويمكن العمل على إنتاج كميات من المحاصيل التي تتناسب وحاجة السوق المحلية فقط ولا داعي لإنتاج كميات فائضة مع عدم وجود إمكانية للتصدير في ظل الظرف الحالي والواقع الراهن للمعابر الحدودية البرية، ولذلك يجب زراعة المحاصيل بما يتناسب وانخفاض عدد السكان وتغير توزع السكان وانخفاض القدرة الشرائية للفرد واختلاف السلة الغذائية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن