بدعوة أممية سيدات سورية اجتمعن في بيروت.. مؤتمر «صانعات السلام».. دعوة لتشكيل تحالف نسوي لدعم السلام
| بيروت- إنصاف سليطين
اجتمعت 130 سيدة سورية من النساء القياديات والفاعلات من ألوان سياسية مختلفة، في مؤتمر تحت عنوان «صانعات السلام»، بدعوة من هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الـ20 من الشهر الجاري في بيروت بهدف إطلاق دعوة لإيقاف الحرب على سورية وبناء السلام.
وخرج المؤتمر الذي استمر يومين بتوصيات مشتركة تؤكد المشاركة في الألم والأمل والإيمان بدور المرأة في بناء السلام، ودعوة لتشكيل تحالف نسوي واسع داخل سورية وخارجها، لتمكين النساء السوريات من دعم السلام المستدام لبلدهن.
وحضر المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا الجلسة الافتتاحية للمؤتمر عبر الفيديو وخاطب المشاركات بالقول: إنه «يعقد أملاً على جهدهن المشترك فنسبة النساء في سورية 52 بالمئة من عدد السكان. إنها لحظة تاريخية لكن لا أعلم إذا كانت كافية». واستشهد بـ«المجلس الاستشاري النسائي» المتشكل في شهر شباط الفائت ووصفه بـ«المقبول جداً».
وتلقفت النساء السوريات الباحثات عن السلام لوطنهن، أمل دي ميستورا، وحمّلنه بدورهن رسائل ومطالب تراوحت بين الشخصي كإفراج عن معتقل، والجزئي يتعلق بمنطقة بعينها، أو جمعي كالمطالبة برفع الحصار عن الشعب السوري.
وخلال المؤتمر، أقيمت ورشات عمل مكثفة وعرض تجارب نسوية في بناء السلام من كولومبيا وإيرلندا الشمالية ومن جنوب السودان، وتم الخروج بتوصيات مشتركة تؤكد المشاركة في الألم والأمل والإيمان بدور المرأة في بناء السلام، ودعوة لتشكيل تحالف نسوي واسع داخل سورية وخارجها، تلبية لاحتياجات النساء السوريات وتمكينهن دعما لبناء السلام المستدام. وفي تصريح لـ«الوطن»، قالت مديرة قسم الدول العربية في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، هبة قصص: «نحن في هيئة الأمم المتحدة للمرأة نؤمن بأن المرأة وعلى الرغم من تحملها العبء الأكبر في حالة النزاع، لها دور قيادي في صنع السلام إذا عملت سوياً كحركة نسوية موحدة مترفعة عن الانقسامات رغبة في وقف نزيف الدم وتعزيز دور المرأة».
وأضافت: «هذا المؤتمر بما جمعه من نساء سوريات قياديات من المجتمع المدني متنوعات بمرجعياتهن وآرائهن، هو خطوة مهمة، ونحن سعداء جداً بأن النساء قررن العمل على تشكيل تحالف نسوي لتعزيز العمل بهذا الاتجاه، ونحن كهيئة الأمم المتحدة للمرأة هدفنا دعم الدور القيادي للمرأة وتلبية احتياجاتها، وأكدنا استعدادنا لتأمين الدعم لهذه الجهود، وهذا المؤتمر من الخطوات الأولى وهناك الكثير من الدعم الإضافي المطلوب».
بدورها، مديرة مؤسسة الإنتاج التلفزيوني وعضو المجلس الاستشاري النسائي في محادثات جنيف السورية، ديانا جبور، المشاركة في المؤتمر، أشادت بالتفاتة هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى صوت نساء الداخل السوري بعد تغييب دام خمس سنوات. ورأت أن مرد هذه الالتفاتة «قد يكون إدراك المنظمات الدولية والقوى العظمى عقم استبعاد الداخل السوري بمكوناته الثلاثة: موالاة ومعارضة ومستقلون، أو الرسمي والمدني والمعارض، في الحل السوري إن أردناه مستداماً وسورياً، وليس معبراً عن مصالح قوى عظمى وإقليمية، وبالتالي مؤقتاً لأن المصالح تتوزع وتتبدل».
وأضافت جبور: «للنساء دور كبير في العملية السياسية على الصعيد السياسي أو على الصعيد المجتمعي، فإن انخرطت النساء في العملية السلمية قلباً وقالباً، فهذا يعني رفع الغطاء الأخلاقي والعاطفي، أي الشرعي والاجتماعي عن المسلحين، ومن ثم اقتصار اللجوء إلى الوسائل السلمية في التعبير عن الخلاف».
وأردفت قائلة: إن «نجاح النساء، وهن الأقدر على أنسنة السياسة، في اجتراح الحلول وبناء التحالفات يقدم أنموذج عمل في الجولات والمراحل الموازية واللاحقة، إذ لا يمكن القبول بنك الجراح واستمرار نزفها، بل لابد من معادلة رابح رابح رغم ما تعنيه من تنازلات مؤلمة، لأنها ضرورية لمستقبل سورية».
وعن أجواء المشاركة في المؤتمر بينت جبور، أنه «بـاستثناء بعض الأصوات المتطرفة التي كانت نافرة ونادرة، فقد سادت روح المصالحة والغيرية على سورية كوطن واحد مستقل وقوي وآمن يستطيع أن يحمي بذلك كرامة أبنائه، وهذه نقطة تأسيسية يمكن العمل عليها والانطلاق منها».
رسالة السلام التي أطلقها المؤتمر، كان الرد عليها سريعا بسبع تفجيرات في مدينتي طرطوس وجبلة في مشهد يحاكي ما رافق جولات المحادثات في جنيف من تصعيد إرهابي على الأرض في كل جولة، وعلقت على ذلك عضو المجلس الاستشاري النسائي أسماء كفتارو، المشاركة في المؤتمر بالقول: إن «العين لتدمع والقلب ليحزن وإنا على دماء السوريين لمحزونون. بعد جرعة التفاؤل في مؤتمر صانعات السلام الذي بدأنا من خلاله رسم سلام حقيقي، نفجع في صباح اليوم التالي بتفجير تلو الآخر كأنهم يقولون لنا: لن نسمح لكم أن توقفوا عملنا التخريبي»، وأضافت كفتارو: «سورية باقية بشعبها النقي والصادق ولن ينال منها غاشم».
رئيسة ملتقى «سوريات يصنعن السلام» وعضو المجلس الاستشاري النسائي ومدير العلاقات العامة في تيار «بناء الدولة السورية» المعارض، منى غانم، رأت في التفجيرات، «محاولات من جهات عديدة لإفشال العملية السياسية والدفع باتجاه سيناريوهات لا يقبلها الشعب السوري، لذلك من الضروري الانتباه إلى هذا الشر وعدم الانزلاق إلى نزاع بين الأهالي والنازحين والتركيز على أهمية وضرورة الحل السياسي».
واعتبرت غانم إن المؤتمر يشكل «انجازاً في سياق الحرب السورية المريرة»، وأردفت، «لكن من نافل القول أن توحد السوريات لتحقيق السلام سيدعم العملية السياسية بل إنه سيعمل على تهميش الأصوات الداعية إلى الحرب».
وعن العقبات المتوقعة في وجه تشكيل تحالف نسائي أكدت غانم، «وجود العديد منها وأهمها أن البعض لا يريد السلام لأنه يعيش على تداعيات الحرب ومن مصلحته استمرارها، إضافة إلى أن هناك من هو ضد التوجه إلى الداخل بحجة أنه لا يمكن العمل في الداخل». وأضافت: إن «لا قيمة للعمل المدني والسياسي خارج الوطن ما دفعها للعمل على ضم المجموعات النسائية في الداخل والخارج سعياً للتحالف المنشود وبوصلته الوطن الذي يضمن حقوق المرأة».
من جانبها، الأستاذة الجامعية وعضو المجلس الاستشاري النسائي إلى جنيف، إنصاف حمد، المشاركة في مؤتمر «صانعات السلام»، قرأت في التفجيرات «رسالة تعبر عن قدرة الإرهاب على الوصول إلى أي مكان بهدف الدفع والتحريض على ردات فعل انتقامية ضد النازحين في هذه المناطق». واعتبرت أن، وجود مئات الآلاف من أهالي حلب وإدلب وغير مدينة اختاروا اللجوء إلى سوريين مثلهم وإن من طوائف أخرى، هذه الحقيقة كانت تفقأ عين كل من يدعي أن الحرب طائفية وأهلية في سورية، وكل من ادعى يوماً أن «الجيش العلوي الأسدي» يقتل «السنة» كما يزعمون.
وفيما يتعلق بالمؤتمر وأسباب الدعوة إلى انعقاده وإشراك صوت نساء الداخل، قالت حمد: أن «هذا بسبب إدراك الأمم المتحدة أن اقتصارها على تجمعات نسائية معينة لم يمكنها من الوصول إلى شرائح واسعة من النساء السوريات، والإيجابية الأساسية له إتاحة الفرصة أمام نساء مختلفات ومتنوعات من اللقاء معاً، وسماع وجهات النظر المختلفة، وأن تعبر النساء الآتيات من داخل سورية عن آرائهن ومعاناتهن، التي لم تكن مسموعة قبل ذلك على الصعيد الدولي ولا من قبل سوريات أخريات».
جدير بالذكر أن التفجيرات الانتحارية في المدن السورية التي أودت بالمئات بين شهيد وجريح وتحمل بصمات التنسيق بين تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية و«حركة أحرار الشام الإسلامية» حسب التحليلات والتحقيقات الجارية، وتصعيد جبهة النصرة المدرجة على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية التي أعادت تشكيل كتائبها في جنوب حلب وتحشد في الغوطة الشرقية لدمشق، تزامن مع انطلاق أعمال القمة الإنسانية في تركيا، ليبرز السؤال: كيف تترجم دعوات السلام التي تشق طريقها بين الملفات المتشابكة، على الأرض الملتهبة؟
نغوكا: السير مع النساء السوريات خطوة بخطوة حتى الوصول إلى ما بعد النزاع وما بعد ذلك أيضاً
المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فومويلا ملامبو نغوكا، حرصت على الحضور الشخصي للجلسة الختامية قبل توجهها إلى تركيا لحضور مؤتمر القمة الإنسانية الذي بدأ أعماله في 23 من الشهر الجاري. وأكدت نغوكا في كلمتها التي خاطبت بها المشاركات، «حرصها على السير مع النساء السوريات خطوة بخطوة حتى الوصول إلى ما بعد النزاع وما بعد ذلك أيضاً». واستمعت إلى مداخلاتهن ومطالباتهن التي لم تبتعد كثيراً عن تلك التي توجهن بها إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة فومويلا ملامبو نغوكا، حرصت على الحضور الشخصي للجلسة الختامية قبل توجهها إلى تركيا لحضور مؤتمر القمة الإنسانية الذي بدأ أعماله في 23 من الشهر الجاري. وأكدت نغوكا في كلمتها التي خاطبت بها المشاركات، «حرصها على السير مع النساء السوريات خطوة بخطوة حتى الوصول إلى ما بعد النزاع وما بعد ذلك أيضاً». واستمعت إلى مداخلاتهن ومطالباتهن التي لم تبتعد كثيراً عن تلك التي توجهن بها إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.