معارك رياضية!!
| عصام داري
منذ يومين شهدت بأم العين معركة حامية الوطيس بين أصدقاء محترمين لهم مكانتهم وحضورهم في المجتمع، أو هكذا كنت أظن!.
المعركة كانت بين مشجعي ريال مدريد وبرشلونة، وأتلتيكو مدريد على هامش مباراة الريال وأتلتيكو في نهائي أبطال أوروبا التي حسمها «الملكي» لمصلحته بضربات الجزاء الترجيحية.
بدأت المعركة بشكل مزاح بين الأصدقاء تطور إلى تعليق أحدهم على المباراة وقوله: «حرام أن يصل الريال بهذا المستوى إلى المباراة النهائية ويغيب برشلونة»، فجاء الجواب فيه بعض الخشونة إذ رد آخر بالقول: لولا الحظ حرام أن يحصل برشلونة على بطولة الدوري!.
لن أدخل في التفصيلات أكثر، المهم أن أصف الأجواء العامة المشحونة حتى أصل إلى بيت القصيد، لأن الأمور تطورت وصارت جدية وربما كادت تؤدي إلى ما هو أبعد من ذلك لولا تدخل الحاضرين وانحصرت الخسائر على الماديات وقليلاً من التوتر والتعصيب غير المستحب.
أعترف بأنني عاشق للرياضة، وأشجع العديد من الفرق والمنتخبات، في سورية وعلى الساحتين العربية والعالمية، وبأنني أحزن عندما يخسر فريق أو منتخب أنا من مشجعيه وأنصاره.
لكنني أستغرب أن ينقسم المشجعون السوريون بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة، وعندما نسأل هؤلاء عن منتخب الوطن الذي يستعد لخوض تصفيات حاسمة تؤدي إلى كأسي آسيا والعالم، نتلقى أكثر الردود والإجابات سلبية، ونجد أن لا أحد من هذا الحشد يهتم بأمور المنتخب، إلا ما ندر.
عندما ترى رايات وشعارات الفريقين الإسبانيين الغريمين موزعة في كل الأماكن، حتى على الملابس والسيارات والشرفات وغيرها، وعندما ترى خلال نهائيات كأس العالم أعلام الدول المشاركة تغطي المساحات في كل الأماكن تشعر بالحزن، ليس لأن منتخب الوطن لم يصل إلى هذه البطولة الكبرى وحسب، بل لأن اهتمامات شباب اليوم تتجه إلى الخارج وتنسى الداخل وهمومه ومشاكله.
وعندما يصل الأمر إلى العراك بين هذا المشجع «الريالي»، وذاك المتعصب «البرشلوني»، تكون المصيبة قد وقعت، والمعركة قد بدأت بين أبناء البلد الواحد المجروح والمطعون في الظهر والقلب والعين.
لا أطلب من عشاق الرياضة التوقف عن متابعة المباريات وتشجيع الفرق والمنتخبات، لكنني أتمنى على الجميع الالتفاف حول منتخبنا الوطني وتشجيعه، وخاصة في هذه المرحلة التي يتحضر فيها لأصعب امتحان في تاريخ الرياضة السورية التي قد تكون الفرصة للوصول إلى العالمية.
ولعل ما حققته الرياضة السورية في الآونة الأخيرة في ظل الحصار والعقوبات والحرب التي تشن على سورية أكبر دليل على قدرة السوريين على تجاوز كل الصعاب والتحديات.
وإذا كان تشجيع الرياضة الوطنية واجباً على السوريين دائماً، فإن الأهم هو وقوفنا جميعاً في صف سورية الغالية التي تواجه أشرس هجمة عرفها التاريخ تستهدف تاريخها والحضارات التي رفعت صروحا شامخة على هذه الأرض الطيبة المعطاء، كما تستهدف حاضرها ومستقبلها.
هذه هي سورية، وليست ذلكم البلد الذي أرادوه مقسماً طائفياً مدمراً، فسورية كطائر الفينيق تنبعث دائماً مهما اشتدت الخطوب.