الاستثمار المفضوح في الحرب على الإرهاب
| صياح عزام
تكشف الحرب الإرهابية الكونية التي تُشن على سورية منذ أكثر من خمس سنوات عن مفارقات «عجيبة وغريبة»، ففي الوقت الذي فيه شبه إجماع عالمي وإقليمي على وصف التنظيم الإرهابي لداعش بأن خطره أصبح يهدد العالم أجمع، وأنه «العدو المشترك»، وأن «الأولوية الأولى» هي محاربته، نجد عدة عواصم متورطة بهذا القدر أو ذاك في محاولات استثمار التنظيم والحرب عليه لصالحها، بغية تحقيق أهداف ومكاسب خاصة من خارج جداول الأعمال المشتركة للحرب على الإرهاب وفيما يلي بعض الأمثلة:
أولاً: تركيا في ظل حكم «أردوغان»، هي النموذج الأوضح لهذا الاستثمار الكريه، إذ إن حكايتها مع داعش باتت أكثر من مفضوحة، يعرفها الحلفاء قبل الخصوم، ولا يمكن أن تنمحي فصولها من ذاكرة الأجيال الحاضرة والقادمة، بفعل القصص الخرقاء عن نجاحات الجيش التركي في إلحاق خسائر جسيمة في صفوف التنظيم، إذ ما إن تُطلق المدفعية التركية بضع قذائف باتجاه المواقع الخاصة بداعش في الأراضي السورية، حتى يتساقط إرهابيو داعش بالعشرات..!!
إنه شيء مضحك فعلاً.. فالاستثمار التركي في داعش يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف:
أولها: تدمير وإسقاط الدولة السورية واقتطاع جزء جديد منها (خاصة حلب) لضمها إلى تركيا.
والثاني: منع قيام كيان كردي على امتداد الحدود السورية- التركية.
والثالث: الاستمرار في ضرب الأكراد داخل تركيا نفسها تحت شعار محاربة الإرهاب.
ثانياً: الولايات المتحدة الأميركية استثمرت أو وظفت النفوذ المتزايد لداعش من أجل تحقيق أهداف ومصالح سياسية في العراق وسورية على حد سواء، ففي العراق سعت للتأثير على دور إيران وتحجيمه، وإعادة تركيب وتفكيك العملية السياسية فيه بما يتناسب مع مصالحها.
وفي سورية، يدير البنتاغون حربه على داعش على إيقاع ضبط التوازنات مع روسيا الاتحادية وحلفائها.
ثالثاً- إقليم كردستان لم يخرج أيضاً عن قاعدة الاستثمار في داعش، فالبرازاني رئيس الإقليم، يشترط للمشاركة في معركة تحرير الموصل من داعش «قبض الثمن مسبقاً» وهذا الشرط هو تقسيم نينوى إلى محافظتين واحدة للغالبية المسيحية التاريخية تُسمى محافظة سهل نينوى، والثانية إقليم سنجار، وذلك على أمل ضم هاتين المحافظتين لإقليم كردستان.
رابعاً- السعودية التي استثمرت في تنظيم القاعدة ضد السوفييت في أفغانستان، تريد من جديد الاستثمار في داعش ضد إيران وضد ما تسميه «الهلال الشيعي» كما تستثمر السعودية في جبهة النصرة وأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرها من الفصائل الإرهابية الأخرى لإسقاط الدولة السورية.
باختصار، كثيرون إذاً يستثمرون في داعش وأخواتها، وهم لا يكفّون عن هجاء التنظيم الإرهابي والتحذير من مخاطره وإبداء الاستعداد لاستمرار الحرب عليه قولاً لا فعلاً.