رياضة

بعد المغطس الساخن في غرب آسيا … السلة السورية بين صوت الواقع ومقصلة المتربصين

| مهند الحسني

عادت سلتنا من مشاركتها في بطولة غرب آسيا بخسائر متوقعة، وهي نتيجة لا ترقى إلى مستوى طموح عشاق ومحبي اللعبة، ولكنها تنسجم مع واقع منافساتنا المحلية التي أقيمت في ظل شح الإمكانات، وهجرة كم كبير من خيرة لاعبيها وكوادرها ممن كنا نتوسم بهم حمل رايتها في السنوات القادمة.
الخسائر في هذه البطولة ليست مقبولة، ولكن لابد أن نسأل أنفسنا بطريقة معكوسة، على من كنا قادرين على تحقيق الفوز، على السلة الإيرانية المتطورة، وإحدى معاقل اللعبة آسيوياً في السنوات الأخيرة، أم على السلة الأردنية المستقرة والمعززة بلاعبين مجنسين ومدرب أجنبي عالي المستوى وتوافر الإمكانات المادية الكبيرة، أم على السلة اللبنانية التي ما زالت تخرج جيلاً بعد جيل، وربما كان آخر فوز لرجالنا عليها في تسعينيات القرن الماضي؟ فهل يصدق ويتصور البعض أن تكلفة الدوري اللبناني وصلت هذا الموسم إلى عشرين مليون دولار أي ما يعادل عشرة مليارات ليرة سورية؟ وهو مبلغ لا تحلم فيه منظمة الاتحاد الرياضي العام في سورية، إضافة لوجود ثلاثة لاعبين أجانب مع كل فريق بالدوري الذي يعد من أقوى دوريات القارة الآسيوية.
ومع ذلك لم يكن المنتخب اللبناني كما هو متوقع منه أن يكون، وخسر لقبه أمام خبرة المنتخب الإيراني الذي اعتلى منصة التتويج من دون أي خسارة، أم على السلة العراقية التي استقطبت أحد أفضل المدربين في آسيا وصاحب التجربة الكبيرة، ووفرت له كل ما أراد من مقومات اللعبة ومعسكرات خارجية باتت بالنسبة لنا ضرباً من ضروب المستحيل في ظل موجة الغلاء وضعف الإمكانات المادية التي تشهدها المنظمة الرياضية بشكل عام.

لست مداحاً للمنتخب، ولكني في الوقت نفسه لن أكون من الجناة عليه لأننا نعرف (البير وغطاه) وعلينا أن نتحدث بواقعية، ونرى ماذا قدم لهذا المنتخب أسوة بباقي المنتخبات المشاركة، رغم أني لا أؤمن بالمقارنات لأنها تظهر المفارقات، لكن هناك حقائق يجب أن يسلط الضوء عليها.
منتخبنا شارك في هذه البطولة بشكل مجاني بعدما نجح اتحاد السلة في إلغاء رسم الاشتراك البالغ عشرة آلاف دولار كانت المنظمة ستعد للمليون قبل دفعه لولا قرار الإلغاء، وربما كان هناك سيل من الأعذار والحجج من أجل إلغاء المشاركة بحجة عدم توافر الإمكانات، ولم تتوقف جهود اتحاد السلة عند هذه الحدود بل نجح في تأمين معسكر خارجي للمنتخب في إيران بعدما بات كوكب المريخ أقرب إلينا من معسكرات تكلفتها المادية عالية، حيث قام الأمين العام للاتحاد الآسيوي (آغوب) بتقديم معونة مالية قيمتها خمسة عشر مليون ليرة لسلتنا الوطنية، التي من خلالها تمت المشاركة في غرب آسيا.
ولم تتكلف منظمة الاتحاد الرياضي العام على المنتخب سوى تذاكر الطائرة، وهذه حقيقة يجب أن يعرفها القاصي والداني.
فوارق فنية

ويجب ألا ننسى الفوارق الفنية بين لاعبي منتخبنا الذين لعبوا من دون وجود أي لاعب مجنس، لكون التجنيس يتنافى مع مبادئنا الرياضية، على عكس باقي المنتخبات التي لعبت وبين صفوفها أفضل اللاعبين المجنسين الذين كانوا بيضة القبان مع فرقهم.
على حين كان بين صفوف منتخبنا لاعبون أمثال (وليد فرح، ونديم عيسى، وطارق الجابي، ويامن حيدر، وأنطون بكر)، لم يشاركوا في أي بطولة قوية وأعمارهم ما زالت صغيرة.
وأكبر دليل على صحة كلامنا أن اللاعب ميشيل معدنلي المحترف في عدد من الدوريات العالمية اكتسب الخبرة التي تؤهله ليكون قائداً ناجحاً للمنتخب وسجل نصف سكور المنتخب في كل المباريات، وهو يعادل بخبرته هؤلاء اللاعبين المجنسين الموجودين بصفوف باقي المنتخبات.
منتخبنا لم يكن خارج التغطية، ونجح في مجاراة المنتخبات المشاركة، وخاصة اللبناني ولو توافرت الخبرة لدى بعض لاعبينا لكانت نتيجة المباراة لمصلحتنا.
عموماً هذا هو مستوانا، وهذه هي حقيقة سلتنا.
وعلينا أن نكون واقعيين ولا نغالي في طموحاتنا وتطلعاتنا أكثر ونحن نعيش في مرحلة صعبة بكل النواحي.

خلاصة
لم نستكن للواقع الحالي، ولن نقبل به، ولكن الأصوات المتعالية من الصفوف الخلفية، ومن المتربصين الذين تناسوا كل الألم والعقبات التي ألمت بسلتنا وانتظروا كبوتها ليطلقوا مقاصل ألسنتهم.
اتحاد كرة السلة لم يهيئ للمنتخب ظروف إعداد مثالية كما نريد ونتمنى, ولكنه بذل أقصى ما بوسعه للحفاظ على بصيص نور كي لا تنطفئ جذوة سلتنا.
والمطلوب من محبي السلة السورية، أن يشكروا جهود اللاعبين والمدربين واتحاد السلة بدلاً من أن ينفخوا لإطفاء البصيص الضعيف كي يسرحوا ويمرحوا في ظلام أفكارهم.
للذكرى فقط
حضرت السلة اللبنانية إلى دورات مقامة في سورية في تسعينيات القرن الماضي في ظل حرب أهلية طاحنة، وكانت تتلقى الخسارات بفارق يعادل أضعاف ما تمكنت من تسجيله، وحافظت على الحد الأدنى من وجودها لتعتلي لاحقاً المنصات الآسيوية على صعيد الأندية والمنتخبات.
لكن جهود مفاصل اللعبة لديها تضافرت وساندت اتحاد اللعبة في ذلك الوقت، ووفرت له الكلمة الطيبة لجهوده من توفير ولو صالة تدريبية.
أما في سلتنا الوطنية، فالشاطر هو من أطل علينا بموشحات القصائد الخالية والماهر من استل سكينه ليتشفى من اتحاد بذل كل ما هو بالإمكان، ولا يدخر جهداً في ظروف لا تسمح بأكثر مما كان.

لغة الأرقام
لعب منتخبنا أولى مبارياته أمام منتخب الأردن صاحب الضيافة وخسر أمامه (63-86) والتقى في مباراته الثانية منتخب إيران الأقوى وخسر أمامه بفارق ثلاثين نقطة (63-93) وخسر أمام منتخب لبنان (79-90) وأمام العراق (61- 84) ليودع البطولة ويحتل المركز الخامس، على حين تأهل للنهائيات الآسيوية منتخبات إيران والأردن والعراق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن