الاحتراف المفتوح… نقمة أم نعمة .. تدني مستوى الدوري من الإهمال واللامبالاة
| ناصر النجار
خمس سنوات أو أكثر من عمر الأزمة التي مرت على بلادنا، ومع كل الاحتياطات والإجراءات التي اتخذت حيالها من كل مفاصل الدولة، إلا أن اتحاد كرة القدم ما زال على ما هو عليه من دون أن يتخذ أي إجراء، أو يحدث أي تغيير يتوافق مع الأزمة وتطوراتها.
والكلام يخص النشاطات الداخلية بالذات، فبقيت على ما هي عليه، ولم يتم تعديلها لتواكب المتغيرات التي أحدثتها الأزمة، وأهمها نقص المدربين واللاعبين، وضعف السيولة المالية لقلة الموارد ولضعف الاستثمار.
وأهم المشاكل التي واجهت كرتنا في السنوات الأخيرة عدم تطبيق الأنظمة والقوانين وإلغاء نظام الهبوط الذي ساهم في ازدياد عدد الأندية المشاركة بدوري الدرجة الأولى، ما أدى إلى فقدان الحافز لدى هذه الأندية لعلمها المسبق بعدم تطبيق الهبوط، كما أدى إلى ضعف أندية الدرجة الثانية كحالة طبيعية فرضها وجود هذا الكم الكبير من اللاعبين في الدرجة الأولى، وعدم تسليط الضوء على دوري الدرجة الثانية، فضلاً عن إقامة هذا الدوري بطريقة مسلوقة.
هذه كانت أحد أهم عوامل ضعف النشاط الداخلي، ويمكن أن نضيف إليه العشوائية في التعاطي واللامبالاة في التعامل مع المسابقات، التي أفرزت هشاشة في مضمون كرة القدم أدى إلى التراجع الذي سنعاني منه فيما بعد، وخصوصاً أن كرتنا الآن ما زالت تعيش على جيل ما قبل الأزمة.
الحلول
في البداية لابد من تنشيط المسابقات المحلية بطريقة تنعشها، والتنشيط يكون بتغيير أسلوب الدوري، وتغيير التعامل معه.
والواقع الكروي يفرض نفسه على التغيير، وإذا أردنا النظر بعين الحقيقة والواقع فإن الدوري الأول يجب ألا يزيد على عشرة فرق في الحالة القصوى، وذلك قياساً على المستوى الفني وعدد اللاعبين ونوعيتهم، والعدد نفسه يمكن أن يكون للدوري الثاني، ولاتهم التسمية هنا، إن سمينا الدوري الأول «دورياً ممتازاً، أو دوري محترفين أو…». وما تبقى من أندية تدخل الدوري الثالث ويمكن توزيعها على مجموعات بمقتضى إمكانياتها وظروفها.
المهم أن يقام الدوري الأول والثاني بطريقة نظامية وفي أكثر من محافظة، مع إلغاء طريقة التجمعات والضغط اللذين أثبتا عدم جدواهما والفرق التي لا تتمكن من اللعب على أرضها، يمكنها اختيار الملعب المناسب.
لذلك نجد من الضروري أن يقام الدوري كما عهدنا سابقاً وكما يجري في كل دول العالم، بواقع كل مرحلة في أسبوع، فليس من الطبيعي أن تلعب الفرق الدوري، في شهرين مضغوطين ثم ترتاح بقية الموسم، وهذا لا يطور كرتنا، ولا يرفع من مستوى لاعبينا.
الاحتراف المواكب
منذ دخل الاحتراف كرتنا قلنا عنه احتراف أعوج، بل قلنا عنه انحراف، لأنه اتجه إلى المال فقط واختص ببيع اللاعبين وشرائهم، سواء في عملية البيع المباشر أم الإعارة، والأزمة لم تلغ من هذا الاحتراف إلا العقود الخارجية، فمنعت الأندية من شراء اللاعبين الأجانب والعرب والتعاقد معهم، وربما الظروف هي التي منعت أكثر من قرار اتحاد كرة القدم.
الاحتراف الداخلي هو الذي بقي سائداً في الدوري الكروي بلا ضوابط أو نظم أو قيود، ما أى إلى خلل كبير انعكس على الدوري والأندية وأدى إلى توزيع الأندية إلى غني وفقير، وأدى بشكل غير مباشر إلى عدم الاهتمام بالقواعد وخصوصاً أن اتحاد كرة القدم ألغى بشكل مباشر نشاطات هذه الفئات، فانعدمت الكرة في القواعد، وهذا أدى إلى انقطاع نسل كرة القدم، وباتت أنديتنا تعتمد على لاعبي الأحياء الشعبية في الكثير من الأحياء وعلى لاعبين بلغوا من العمر عتياً مع احترامنا لجميع اللاعبين.
لذلك رأينا أن لاعبي الدوري المتميزين ينحصرون في أندية قلة، وهي الأندية القادرة على دفع عقود ضخمة ورواتب كبيرة مثل أندية الوحدة والجيش والمحافظة والشرطة وهذه الأندية لا تكتفي بشراء اللاعبين الأساسيين بل إن لاعبيها الاحتياط أفضل بكثير من لاعبي الصف الأول عند العديد من الفرق الفقيرة، ما أدى بطبيعة الحال إلى خلل واضح في الأندية، وخلل كبير في الدوري لذلك فالمفترض وضع ضوابط للاحتراف الداخلي، ووضع ضوابط للعقود، وللمال المدفوع على اللاعبين وخصوصاً أن كرة القدم استهلكت الأخضر واليابس ولم تبق لبقية الألعاب ما تستهلكه!
الضوابط والتصورات سنستعرضها بالتفصيل في الحلقة الثانية، وهي تبدأ من عملية تخصص الألعاب الرياضية في الأندية، وأهلية الأندية بممارسة كرة القدم، والتوزيع المنطقي لفرق كرة القدم على المساحات الجغرافية، وقيمة العقود المالية والأجور الشهرية، وتحديد عدد اللاعبين المسموح بالتعاقد معهم، ودعم دوري القواعد، والنظر بمعونات الاتحاد الرياضي للأندية ومن يستحقها.