ثقافة وفن

الدكتور حكمة هاشم مفكراً جامعياً ومجمعياً … ثقافته منوعة جامعة للثقافتين العربية الإسلامية والغربية الأوروبية

| سوسن صيداوي

قسّم الدكتور محمود أحمد السيد مؤلفه «الدكتور حكمة هاشم مفكراً جامعياً ومجمعياً» إلى خمسة فصول، تناول أولها الدكتور حكمة هاشم نشأة ودراسة وأعمالا ونتاجا فكريا، وعرض ثانيها هاشم مربيا، على حين وقف الفصل الثالث على ترجماته، وتناول الفصل الرابع تدقيقاته ومحاضراته، وجاء الفصل الخامس والأخير ليسلط الأضواء على عدد من المقالات التي نشرها في جريدة النقاد الأسبوعية.

نشأة ودراسة وعملا
أولا: نشأته
ولد حكمة محمود هاشم في دمشق من أسرة معروفة الحسب وحسن السيرة في الوسط التجاري، التحق بمدارس دمشق ثم تدرج بمراحل التعليم حائزا القسم الثاني من فرع الفلسفة عام 1930، وفي عام 1934 نال شهادة مدرسة الآداب العليا وحاز شهادة الحقوق بعد أن تابع دراستها في معهد الحقوق عام 1935، وطموحه في نهل العلم جعله يسابق الزمن لنيل ما استطاع من الشهادات نذكر منها:
– إجازة في الآداب في جامعة باريس
– شهادة فقه اللغة العربية
– شهادات الدراسات العليا في: الدراسات التطبيقية /الأخلاق وعلم الاجتماع/ علم النفس /تاريخ فلسفة العلوم/ الفلسفة العامة والمنطق
– شهادة دكتوراه الدولة في الفلسفة من جامعة باريس بمرتبة مشرف جدا.
– دكتوراه متممة وهي دراسة تحليلية لكتاب بعنوان «ميزان العمل».

ثانيا: الأعمال التي مارسها
التفوق لم يكن ملحوظا فقط في التحصيل العلمي بل كان واضحاً في مراحل حياة الدكتور حكمة هاشم في تنقله الدائم بين المناصب الوظيفية التعليمية والإدارية بهدف تطوير الذات والاجتهاد، فبين التعليم في مناطق دمشق وبعد عودته من الإيفاد وحصوله على شهادة الدكتوراه سوّي وضعه وأحيل إلى الاستيداع ومنح إجازة دراسية من دون راتب، ثم تنقّل كأستاذ مساعد في كلية الآداب بالجامعة السورية وبعدها إلى المعهد العالي للمعلمين في الجامعة نفسها وباشر عمله كمدير، بعدها رُفع إلى وظيفة أستاذ بلا كرسي فيه ثم انتخبه المجلس نائباً لمدير المعهد الدكتور جميل صليبا، وعندما كان الأخير رئيساً للجامعة كان الدكتور هاشم مكلفا بأعمال عمادة كلية التربية، وفي عام 1958 عين رئيساً لجامعة دمشق، ولكن وبسبب مواقفه القومية وتأييده للوحدة بين سورية ومصر في عهد الانفصال بين الدولتين صدر بحقه مرسوم جمهوري يقضي بتسريحه من عمله، إلا أنه غادر دمشق تلبية لدعوة كلية الآداب في جامعة محمد الخامس في الرباط لتدريس الفلسفة فيها لأربع سنين، في عام 1966 تعاقد مع المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ليعمل فيها فعين مستشارا فنيا في المنظمة في نطاق مشروع محو الأمية في الجزائر العاصمة وصار رئيساً لهذا المشروع، وعين بعد ذلك مستشارا فنيا رئيسيا لمشروع «كلية التربية في جامعة ليبيا» وبقي على رأس عمله حتى أحيل إلى التقاعد في منظمة اليونسكو فغادر ليبيا وآثر الإقامة في باريس.
في عام 1953 صدر مرسوم جمهوري بتعيينه عضواً عاملا في مجمع اللغة العربية وذلك لما ظهر من كفاءته في الجامعة السورية ودروسه وتأليفه في الأدب والعلم ولأخلاقه المحمودة الطيبة وضلوعه باللغة الفرنسية إضافة إلى العربية.

ثالثا: نتاجه الفكري
أغنى الدكتور هاشم العديد من المجلات بمقالاته وبحوثه ودراساته الجادة، كما أسهم في حركة التعريب والترجمة من خلال ترجمة كتابين اثنين هما: «المذاهب الفلسفية» لمؤلفه «كريسون» حيث قامت جامعة دمشق بطباعته، والكتاب الثاني هو «علم النفس الجماعي» لمؤلفه «شارل بلوندل» وقامت دار المعارف بمصر بطباعته، كما نقل إلى العربية كتاباً بعنوان: «إعداد المربي» لمؤلفه «روجيه كوزنيه» بالاشتراك مع الدكتور جميل صليبا والدكتور سامي الدروبي وقامت مجلة العربي بطباعة هذا الكتاب على عددين، ومن المجلات التي نشر فيها بعض بحوثه ومقالاته: مجلة المعلم العربي/ مجلة الثقافة/ مجلة كلية التربية/ مجلة الشعلة/ مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق.

باحثاً اجتماعياً ومربياً
اهتم الدكتور حكمة هاشم بالمسائل الاجتماعية والتربوية والنفسية واللغوية وبدا هذا واضحاً من خلال البحوث والدراسات والمقالات التي نشرها، ففي عام 1953 صدر عن هيئة الدراسات العربية في الجامعة الأميركية في بيروت كتاب «المجتمع العربي» وكان للدكتور هاشم فيه بحث جاء في أربعين صفحة بعنوان «البيت العربي» تحدث فيه عن واقع البيت العربي ومشكلاته المتأزمة وإمكانات تطوره وتقدمه، وفي ثلاثينيات القرن الماضي وحتى مطلع ثمانينيات القرن نفسه أسهم الدكتور هاشم في إغناء الفكر التربوي فألف كتبا ونشر مقالات وحاضر وأشرف على عدد من الرسائل الجامعية في جامعتي دمشق ومحمد الخامس في الرباط، كما قدم خبرته التربوية إلى المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) ومن الكتب التي خلّفها: دروس القواعد المصورة/ أبحاث في التربية المقارنة/ أبحاث في تاريخ التربية/ الفلسفة العامة.
ومن المقالات التي نشرها في مجلة المعلم العربي الصادرة عن وزارة التربية في سورية (وزارة المعارف سابقا): القراءة المبدعة/ أثر الفكر العربي في الحضارة الإنسانية/ ثقافة الفكر وثقافة الخلق/ التحليل النفساني بين القديم والحديث/ الشعلة المقدسة.
وثمة مقالات نشرها الدكتور هاشم في مجلة الثقافة، ومن هذه المقالات: التنسيق الجامعي في ظل الوحدة/ لماذا لا يكون لنا أيديولوجيا عربية.

مترجماً
سلّط المؤلف الدكتور محمود أحمد السيد في الفصل الثالث من مؤلفه الضوء على أعمال الدكتور حكمة هاشم التي أسهم فيها بشكل كبير في إغناء التربية العربية وبما نقله إليها من ترجمات عن الفرنسية لمؤلفات تربوية ونفسية بأسلوب سهل وسلسل، وفيما يلي سنذكر بعضا من هذه الكتب: عرفان الذات ومركزية الأنا/ كتاب المذاهب الفلسفية للدكتور «أندريه كريسون»/ كتاب المدخل إلى علم النفس الجماعي للدكتور «شارل بلوندل»/ تعريب كتاب (إعداد المربي تأليف روجيه كوزنيه).

مدققاً ومحاضراً
حاول المؤلف في الفصل الرابع عرض جانبين من نتاج الدكتور هاشم، أولهما يتعلق بتدقيقات قام بها حول نقد الغزالي لمذهب المشائين والأفلاطونية المحدثة التي تم نشرها في مجلة المجمع العلمي العربي في المجلد الثاني والثلاثين، وفي أجزائه الثاني والثالث والرابع (نيسان وتموز وتشرين الأول 1957) نشر المقالات الثلاث الأولى، ونشر المقالة الرابعة في المجلد الثالث والثلاثين من المجلة عام 1958.
أما الجانب الثاني الذي عرضه المؤلف في هذا الفصل كان لبعض المحاضرات التي ألقاها محاضرتان الأولى بعنوان «اللذة الفاضلة» ألقاها في مجمع أصدقاء الفنون بدمشق، والمحاضرة الثانية ألقاها في مدرج كلية الآداب الكبير بجامعة الرباط في المغرب عام 1973.

ناقداً
خُتم المؤلَف بالفصل الخامس، والذي صور فيه الدكتور حكمة هاشم كناقد، ليس أدبيا، وإنما كناقد ثقافي لكثير من القضايا التي أبدى رأيه فيها ونشرها في جريدة النقاد وهي جريدة سياسية أسبوعية، عبر مقالات على الشكل التالي:
– في العدد الحادي والعشرين من الجريدة الصادرة عام 1950 نشر مقالا بعنوان «للصحافة فلسفة».
– في العدد الثالث والعشرين من الجريدة الصادر في نيسان عام 1950 نشر مقالا عنوانه: «البشرية بين الحياة والموت».
– في العدد التاسع والثلاثين من الجريدة والصادر عام 1950 نشر الدكتور هاشم مقالا بعنوان: «ما هي المدنية».
– في العدد السادس عشر بعد المئة والصادر في شباط 1952 نشر مقالا عنوانه: «أفكار عن مدرسة الحياة».
– في العدد الثامن والخمسين بعد المئة والصادر في كانون الأول عام 1952 كتب مقالة عنوانها: «العالم المسحور».
في العدد الرابع والأربعين بعد الثلاثمئة الصادر في أيلول عام 1956 نشر مقالا عنوانه: «حول التعبئة الفكرية».
تجدر الإشارة إلى أن الدكتور حكمة هاشم كان مراسلا لمجلة الثقافة العالمية التي كانت تصدر عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت، وقد أرسل إليها ثماني رسائل تم نشرها تحت عنوان (تقارير المراسلين) وشملت كل رسالة على ترجمة موضوعات متعددة منتقاة ومختلفة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن