من دفتر الوطن

من دون عنوان!

| عصام داري 

لن أعنون زاويتي لهذا اليوم، سأترك لكم اختيار العنوان المناسب، فالموضوع يدور حول ملاحظات شخصية وعامة، ربما تستحق الاهتمام.

«1»
منذ سنوات قليلة خلت كنت في زيارة لألمانيا، ولأن شقيقي في إسبانيا فقد دعاني بإلحاح لزيارته ما دامت الفيزا التي على جواز سفري تخولني زيارة دول الاتحاد الأوروبي جميعها.
وفعلاً أردت الحصول على بطاقة طائرة من برلين إلى مدريد، فاكتشفت أن الطائرات لا تصل إلى العاصمة مدريد، بل إلى مدينة بالما في جزيرة مايوركا الإسبانية، ومن هناك «أمتطي!» طيارة أخرى إلى مدريد.
وهكذا صار، وعندما وصلت إلى بالما سألت عن سبب عدم وجود رحلات للطائرات بشكل مباشر «دايركت» من برلين إلى مدريد فجاءني الجواب مفاجأة لي: معظم المتقاعدين الألمان يتوجهون إلى مايوركا لتمضية بقية حياتهم في هذه الجزيرة الخلابة، والألمان بشكل عام يقضون عطلتهم الصيفية في هذه الجزيرة!.
ابتسمت، بل ضحكت، وعندما سألوني عن السبب قلت: «متل عنا بفرد شكل».. المتقاعد عندنا يبدأ البحث عن عمل قبل بلوغ سن التقاعد بسنة، أو أشهر!!.

«3»
قبل بلوغي سن التقاعد بأشهر بدأت أبحث عن عمل في إطار الإعلام الذي لا أجيد سواه، وكنت قد أبلغت شخصية سياسية وثقافية بارزة جداً بأنني لا أريد التمديد كما يحدث مع «آخرين!» بل أريد تقاعداً هادئاً.
لكن المفاجأة جاءتني عندما صدر قرار تقاعدي قبل السن القانونية بخمسة عشر يوماً! هل كنت أسبب الإزعاج لأحدهم إلى درجة التعجيل بتقاعدي وإحالتي إلى المعاش من دون انتظار ما يعرف بالاستلام والتسليم وهي فترة لا تتجاوز الشهرين؟ والطريف أن أحدهم أراد أن يهون علي الأمر فقال: اعتبر الخمسة عشر يوماً بمنزلة إجازة لك!! يا رجل.. أنا ذاهب إلى إجازة العمر كله، ولا ضرورة للبحث عن كلمة فارغة لا معنى لها.
«3»
بعد التقاعد سألني صديقي الدكتور عبد الفتاح التباع، وهو كان طبيب منتخب ألمانيا الغربية بكرة السلة، ويقضي حياته بين ألمانيا وسورية وجولاته حول العالم، سألني: ما الامتيازات التي حصلت عليها بعد التقاعد وقد أمضيت ثلث قرن في الإعلام؟.
عندما شرحت له ما حدث معي أصابته الدهشة، وقال: في ألمانيا أعرف بطلاً حصل على برونزية أولمبية في الملاكمة يحترمونه حتى اللحظة، وهو القاسم المشترك في كل الاحتفالات الرياضية التي تقام حتى اليوم!.
«متل عنا بفرد شكل»..

«4»
أتابع بين فترة وأخرى القنوات المصرية المتعددة، وأشعر بالفرح عندما أشاهد برامج تتحدث عن كتاب وأدباء وإعلاميين وفنانين، بل إن هناك مبالغات في هذه البرامج، فالصحفي محمد التابعي هو«أمير الصحافة» ومحمد حسنين هيكل لا يتحدثون عنه إلا ويسبق اسمه لقب «الأستاذ» وأمير الشعراء وكوكب الشرق والعندليب.. وهكذا.
«متل عنا بفرد شكل»..

«5»
من يعرف نصوح بابيل وحبيب كحالة وأحمد عسة ونجيب الريس وجلال فاروق الشريف، والقائمة تطول.
من ينصف أدباء وكتاب وشعراء وإعلاميي بلدي؟، وهل نحتاج إلى تذكير وزارتي الثقافة والإعلام ونقابتي الفنانين والصحفيين كي نكرم عمالقة مروا في السماء السورية؟
مجرد أسئلة ولا أنتظر إجابات، فلا مجيب، تلك هي المشكلة!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن