سورية

في كلمة له أمام مجلس الشعب.. انتقد القرارات الدولية وفتح معركة في مواجهة الدستور الطائفي … الرئيس الأسد: الحفاظ على الدستور والمؤسسات واستعادة كامل تراب الوطن غير منقوص

استعرض الرئيس بشار الأسد برنامجاً وطنياً للمرحلة المقبلة عنوانه «الحفاظ على الدستور والمؤسسات واستعادة كامل تراب الوطن غير منقوص»، والاستمرار في نهج المصالحات ومواجهة داعمي الإرهاب وبالأخص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي نعته بـ«السفاح» وتوعده بأن تكون حلب «مقبرة» لأحلامه بعد إخفاق مشروعه «الإخونجي» في سورية.

الرئيس الأسد، وفي كلمة له أمام مجلس الشعب بمناسبة الدور التشريعي الثاني، أشاد بالمشاركة الشعبية غير المسبوقة في انتخابات نيسان، «غير العادية» لأنها أتت «وسط تجاذبات ميدانية وسياسية وإقليمية ودولية كبيرة.. وظروف داخلية قاسية أدت بالبعض أن يتوقع فشلها وعدم إنجازها». وأوضح أن المواطنين أظهروا «مستوى كبيراً من فهم تغييرات الواقع وقيمة التضحيات»، فلأول مرة يصل إلى قبة المجلس أعضاء «أتوا من عمق المعاناة وقمة العطاء». ودعا الرئيس الأسد جميع المسؤولين بمن فيهم أعضاء المجلس إلى أن يكون عنوان عملهم في المرحلة المقبلة «العمل من أجل الغير لا من أجل الذات».

وإذ لفت الرئيس الأسد إلى الجذر الخارجي لما يجري في سورية سواء على الصعيد الدولي أم الإقليمي، قال: «كل ما سبق لا يعني على الإطلاق إعفاءنا كسوريين من مسؤوليتنا فيما يحصل، فلو كان بيتنا الداخلي صلباً وقوياً ومتماسكاً لا يضرب الفساد والخيانة بعض زواياه لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن».

وفتح الرئيس الأسد معركة ضد «الدستور الطائفي». وحذر من أن الدول الداعمة للإرهاب كانت تسعى إلى ضرب وجود أي مفهوم للوطن في سورية، عبر ضرب جوهره وهو الدستور، مبيناً أن ضرب الدستور يؤدي إلى القضاء على دعامتين أساسيتين لأي دولة، المؤسسات وفي مقدمتها، مؤسسة الجيش، والثانية الهوية الوطنية والقومية والدينية المتنوعة لسورية. وبين أن ضرب الدستور يؤدي إلى «الفوضى المطلقة»، التي يكون المخرج منها هو دستور عرقي طائفي يحول السوريين من شعب يتمسك بوطنه إلى مجموعات متناحرة تتمسك بطوائفها وتستعين بالغرباء على أهلها وإخوانها، ما يبرر تدخل الدول الاستعمارية، مستشهداً بتجارب لجيران سورية.

وأشار إلى أن المخاوف من هذا الوضع دفع الحكومة السورية إلى طرح ورقة مبادئ منذ بداية «جنيف 3».

وانتقد الرئيس بشار الأسد القرارات الدولية «المتناقضة مع نفسها» وضرب مثلاً على ذلك بيان جنيف والقرارات المبنية على عملية فيينا، مبيناً أن النص على الهيئة الانتقالية في الأول يتناقض مع السيادة السورية، في حين تساءل عما يعنيه «الحكم ذو مصداقية» المنصوص عليه في القرار 2254 وبيانات فيينا، وأضاف «بالطبع عندما نذهب إلى المفاوضات لن نوافق على أي شيء من هذا القبيل لذلك وضعنا ورقة مبادئ.. وأي طرح خارج هذه المبادئ يعتبر عرقلة وعدم جدية في العمل».

ولفت إلى أن الأطراف الأخرى تهربت من الرد على ورقة المبادئ التي طرحها الوفد الحكومي في جنيف، مشيراً إلى أنه تم «القفز» من فوق الورقة، وطرح الميسر أسئلة من أجل التوصل إلى نقاط مشتركة بين الأطراف بشكل غير مباشر، وأردف قائلاً: «لكن كل هذه الأسئلة التي طرحت علينا هي عبارة عن أفخاخ وكل سؤال فيه مصطلح من المصطلحات التي تمس إما سيادة سورية أو سلامة سورية أو مؤسسات سورية أو الوضع الاجتماعي بمعناه الديني»، ولفت إلى أن رد الوفد الحكومي على الأسئلة كان حاسماً، وخلص إلى أن من وضع تلك الأسئلة «هاو أو مبتدئ في عالم السياسة».

ولفت إلى أن الأطراف الأخرى عملت على الانسحاب من المحادثات لإفشالها وأذاعت دعمها للإرهاب بشكل علني وإيقاف الهدنة، وما تلاها من قصف لمدينة حلب ومجازر وتفجيرات استهدفت الزارة وطرطوس وجبلة في محاولة لبث الفتنة، التي أكد الرئيس الأسد أنها «ميتة»، وأن أرواح شهداء التفجيرات التي لم تفرق بين سوري وسوري تشهد أمام العالم كله أن السوريين أخوة في الحياة وفي الاستشهاد.

وأشار إلى إيجابيات للهدنة بينها المساهمة في إنجاز العديد من المصالحات إضافة إلى فوائد سياسية على الصعيد الخارجي وأخيراً هي سمحت بتحقيق إنجازات عسكرية وتحرير الكثير من المناطق في سرعة أكبر كتدمر والقريتين ومناطق من غوطة دمشق.

وأكد أن الحرب ضد الإرهاب مستمرة وأن سفك الدماء لن ينتهي حتى نقتلع الإرهاب من جذوره أينما وجد ومهما ألبس من أقنعة وتعهد بتحرير كل شبر من سورية من أيدي الإرهابيين كما تحررت تدمر، وأشار إلى أن العمل على المسار السياسي سيستمر مهما تضاءلت احتمالات تحقيق إنجاز ما. وشدد على أن أي عملية سياسية لا تبدأ وتستمر وتتوازى وتنتهي بالقضاء على الإرهاب لا معنى لها ولا نتائج مرجوة منها.
وكرر دعوته لكل من حمل السلاح إلى أن ينضم لمسيرة المصالحات، وحضهم على العودة إلى «وطنكم لأن الدولة بمؤسساتها هي الأم لكل أبنائها السوريين عندما يقررون العودة إليها».
وحرص على التأكيد أن الأمور بين سورية وكل من روسيا وإيران باتت أكثر ثباتاً من قبل والرؤية أكثر وضوحاً بكثير وتمنى عدم الاهتمام بكل ما يطرح في الإعلام حول خلافات وصراعات وانقسامات.
وأثنى الرئيس الأسد على الإجراءات الحكومية التي ساعدت على إعادة الاستقرار لليرة ورفع قيمتها، واعتبر أن حل مشكلتها يكمن بالتعامل الطويل الأمد من خلال الاقتصاد والاستثمار وتشريع الحكومة ومجلس الشعب لقوانين جديدة.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس الأسد:

الانتخابات لم تكن عادية

«بداية أبارك لكم هذا الشهر الفضيل كما أبارك لكل الشعب السوري وأتمنى أن يأتي رمضان القادم وتكون سورية قد استعادت عافيتها.. السيدة رئيس مجلس الشعب.. أيتها السيدات أيها السادة.. ليست هي المرة الأولى التي أقف فيها على هذا المنبر بعد الاستحقاقات البرلمانية وتشكيل مجلس شعب جديد لأبارك لأعضائه بانتخابهم نواباً وناطقين باسم الشعب وحائزين على ثقته وحاملين لمسؤولية وطنية شرفهم بها.. لكن هذه المرة مختلفة وبشكل كبير عن سابقاتها.. فهذه الانتخابات لم تكن انتخابات عادية فقد أتت وسط تجاذبات ميدانية وسياسية وإقليمية ودولية كبيرة. أتت وسط ظروف داخلية قاسية أدت بالبعض أن يتوقع فشلها وعدم إنجازها، وإن أنجزت فبمقاطعة شاملة من قبل المواطنين وبأحسن الأحوال بلامبالاة تجاهها. لكن ما حصل هو العكس، فقد فاجأ الشعب السوري العالم مرة أخرى بمشاركته الواسعة بواحدة من الاستحقاقات الوطنية والدستورية المهمة، فحجم المشاركة غير المسبوق من قبل الناخبين في انتخاب واختيار ممثليهم في مجلس الشعب، كان رسالة واضحة للعالم بأنه كلما ازدادت الضغوط فإن الشعب يتمسك باستقلاله أكثر.. وكلما حاول الآخرون التدخل في شؤونه أثبت إصراره على التشبث بالدستور واستحقاقاته كحامل للاستقلال ورافعة للاستقرار. ولم يتجسد هذا الموقف الوطني في حجم المشاركة فحسب، بل في عدد المرشحين غير المسبوق، الذين عبروا هم أيضاً عن وطنية ووعي كبيرين».

المجلس جاء مختلفاً عن سابقيه.. ففيه لأول مرة.. الجريح، وأم الشهيد، وأبوه، وأخته

وأضاف الرئيس الأسد: «كل ذلك هو رسالة كبيرة ومهمة لكم أنتم نواب هذا الشعب، فهذه المشاركة غير المسبوقة رغم كل الظروف والتحديات والأخطار، تحملكم مسؤولية غير عادية تجاه المواطنين الذين وضعوا آمالهم أمانة بين أيديكم لتصونوها وتحافظوا عليها عبر العمل الدؤوب والصادق والأمين، والذي يجب أن يتناسب مع جسامة التحديات المفروضة على سورية، ومع هذا الإقبال وهذه الثقة التي منحكم إياها الشعب».
وتابع: «وكما أن هذه الانتخابات لم تكن عادية وحجم المشاركة غير مسبوق، فإن هذا المجلس أيضاً جاء مختلفاً عن سابقيه. فالناخبون الذين اعتادوا انتخاب ممثلين لهم، كانوا على قدر المسؤولية والوعي، وعلى مستوى كبير من فهم تغييرات الواقع وقيمة التضحيات. فبالإضافة إلى اختيار الشعب ممثلين عن شرائحه، فقد اختاروا وصوتوا لمرشحين أتوا من عمق المعاناة وقمة العطاء. إن مجلسكم في هذه المرة، ولأول مرة، فيه الجريح الذي ضحى بقطعة من جسده ليبقى جسد الوطن كاملاً، وفيه أم الشهيد، وأبوه، وأخته، الذين ضحى أبناؤهم بأرواحهم لتستمر سورية. فيه الطبيب الذي أبقى المهنة سامية وشعر بالناس وبوضعهم الاقتصادي والمعيشي فعالج المواطنين بالمجان.. فيه الفنان الذي حمل السلاح ودافع عن أرضه وعرضه.. فيه ازداد صوت المرأة والشباب.. فيه ارتفع، وبشكل كبير، عدد حملة الشهادات الجامعية العليا، وفيه من ساهم بأمواله دفاعاً عن وطنه وشعبه».

عنوان عملنا في المرحلة المقبلة «العمل من أجل الغير لا من أجل الذات»

وقال الرئيس الأسد مضيفاً: «وأنا هنا إذ أذكر هذه الحالات فهناك منها ومثلها الكثير لن أمر عليها كلها، فكل عضو منكم قد انتخبه الشعب وأراد منه أن يكون صوته وحاضنته وحاميه. فليكن عنوان عملنا ومنهجنا ودليلنا كأشخاص مسؤولين في مختلف المؤسسات في المرحلة المقبلة العمل من أجل الغير لا من أجل الذات، تماماً كما فعل الشهيد والجريح وكل من ضحى وما زال. كل من مكانه وموقع عمله ومسؤوليته، فمن دون هذه البوصلة لا يمكن لسورية الخروج مما تمر به ومن دونها لا مكان للتقدم ولا مكان للإنجاز لا مكان للأفكار المنتجة والإبداعية، وإن وجدت فلا قيمة لها».
وتابع قائلاً: «عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للغير أولاً، لا للذات، تنتفي العقبات التي يعود سببها إلى الفساد وسوء الإدارة، ويصبح من الممكن، بل من المحقق مواجهة التحديات الناشئة عن الحرب، وعندها يظهر المقصر والفاسد ناتئاً شاذاً، لا يستطيع أن يلقي بأسباب تقصيره وفساده على الظروف السائدة. عندما نفكر ونعمل بصدق وإخلاص للوطن أولاً، لا للذات أو المكاسب الشخصية، تصبح رقابتكم على السلطة التنفيذية فاعلة وحقيقية، قادرة على تقويم أداء بما يخدم الوطن وهذا ما يتوقعه الجميع من مجلسكم الحالي».

الصراعات تنعكس بمستوياتها الدولية والإقليمية والداخلية على عملية جنيف

وأضاف الرئيس الأسد: «أيتها السيدات أيها السادة.. إن تحملكم للمسؤولية الوطنية يأتي اليوم في ظروف غير عادية يمر بها العالم بمجمله نتيجة صراعات دولية جوهرها محاولة الغرب الحفاظ على هيمنته على العالم بأي ثمن، هذا الغرب الذي يرفض أي شراكة معه من أي دولة أو تجمع دولي، ويتعامل معه كأنه قضية حياة أو موت بالنسبة له، هذه الصراعات الدولية أفرزت صراعات إقليمية بين دول تسعى للحفاظ على سيادتها واستقلالها، ودول تعمل لتنفيذ مصالح آخرين ولو كان ذلك على حساب مصالح شعوبها. هذه الصراعات انعكست بشكل مباشر على الوضع في منطقتنا عموماً وسورية بشكل خاص وزادته تعقيداً، لكن بنفس الوقت كل ما سبق لا يعني على الإطلاق إعفاءنا كسوريين من مسؤوليتنا فيما يحصل، فلو كان بيتنا الداخلي صلباً وقوياً ومتماسكاً لا يضرب الفساد والخيانة بعض زواياه لما وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن».
واستطرد قائلاً: «إن هذه الصراعات تنعكس بشكل واضح وجلي بمستوياتها الثلاثة، الدولية والإقليمية والداخلية، على العملية السياسية التي تجري جنيف، وبين الدولي والإقليمي يقبع المحلي بمجموعة ممن يحملون الجنسية السورية، ارتضوا أن يكونوا دمى تحركهم تارة الدولة الأكثر تخلفاً في العالم، وتارةً أخرى دول تحلم بعودة استعمارها القديم لدول منطقتنا ولو عبر وكلاء لها مقابل وعود مادية ووعود واهية. لكن، في مواجهة أولئك الخونة، هناك مجموعة أخرى من الوطنيين السوريين المؤتمنين على تضحيات الشهداء والجرحى يسعون عبر العمل السياسي للحفاظ على أرضهم ووطنهم واستقلال قرارهم».

جوهر العملية السياسية لداعمي الإرهاب هو ضرب مفهوم الوطن عبر ضرب الدستور

وأضاف: «ولم يعد خافياً على أحد أن جوهر العملية السياسية بالنسبة للدول الداعمة للإرهاب إقليمياً ودولياً، كان منذ البدايات وعبر مختلف المبادرات يهدف إلى ضرب وجود أي مفهوم للوطن، عبر ضرب جوهره وهو الدستور، وعبر الضغط المستمر باعتباره غير موجود ولإيقاف العمل به وتجميده تحت مسميات ومصطلحات مختلفة أساسها ما يسمى المرحلة الانتقالية. وطبعاً عبر ضرب الدستور، يتم القضاء على دعامتين أساسيتين لأي دولة، الأولى، المؤسسات وفي مقدمتها، مؤسسة الجيش الحامية للبلاد الضامنة لأمان الشعب حيث بدؤوا بالتركيز عليها بشكل كبير منذ البدايات، وفي أي حديث حول مستقبل سورية ومؤسساتها، أما الدعامة الأخرى فهي الهوية الوطنية والقومية والدينية المتنوعة لسورية، والتي بدؤوا بالتركيز عليها عندما فهموا أنها كانت أساس صمود الوطن في بدايات الأحداث.

المخطط كان أن يسيطر الإرهاب ويعطى صفة الاعتدال

وقال الرئيس الأسد: «كانوا على يقين بأن الأساس في مخططهم السياسي بعدما لم ينجحوا في مخططهم الإرهابي هو ضرب الدستور طبعاً على الرغم من كل ما حققه الإرهاب من تدمير ومن سفك للدماء.. لكن المخطط كان أن يأتي هذا الإرهاب ويسيطر بشكل كامل ويعطى صفة الاعتدال.. ولاحقا يعطى الغطاء الشرعي.. طبعا.. من الخارج وليس من الداخل.. كان مخططهم ضرب الدستور.. وبالتالي خلق الفوضى المطلقة التي يكون المخرج منها هو دستور عرقي طائفي يحولنا من شعب يتمسك بوطنه إلى مجموعات متناحرة تتمسك بطوائفها وتستعين بالغرباء على أهلها وإخوانها.. وما أقوله أعتقد أنه من البديهيات.. لا أقول شيئاً جديداً.. فالتجارب الطائفية الموجودة لو نظرنا شرقنا وغربنا واضحة والأحداث تتكلم عن نفسها ولا نحتاج إلى إعادة تقييم هذا الموضوع بعد عقود من التجارب في منطقتنا».

النظام الطائفي يحول أبناء الوطن الواحد إلى أعداء وخصوم

وتابع موضحاً: «النظام الطائفي يحول أبناء الوطن الواحد إلى أعداء وخصوم وعندما يكون هناك أعداء وخصوم في أي مكان فكل طرف في هذه الحالة يبحث عن حلفاء والحلفاء في مثل هذه الحالة لن يكونوا موجودين داخل سورية أو داخل الوطن.. أتحدث بشكل عام عن أي وطن.. لأن العلاقة مبنية على الشك والحقد والكره بالتالي سيكون الحليف في الخارج.. هنا تأتي الدول الاستعمارية لتقدم نفسها كحام لتلك المجموعات ويصبح تدخلها في شؤون ذلك الوطن تدخلاً مبرراً وشرعياً وعندها ينتقلون في مرحلة ما إلى التقسيم عندما يكون مخطط التقسيم جاهزاً.. لذلك ولتثبيت مخططهم نلاحظ جميعاً أن المصطلحات الطائفية تأخذ حيزاً مهماً في الخطاب السياسي للدول الراعية للإرهاب.. الإقليمية أو الدولية».

المخطط تكريس اقتناع في الخارج وبين السوريين بأن لا حل إلا بدستور طائفي

وقال: «كل ذلك لتكريس هذا المفهوم وجعله أمراً مفروغاً منه بل لا غنى عنه وحلاً وحيداً لا مفر للسوريين منه إن هم أرادوا السلام.. أي يتم تكريس هذا المفهوم أولاً في الخارج.. وبالتالي تقتنع الدول ويقتنع السياسيون في العالم بأنه لا حل إلا بدستور طائفي على اعتبار أن هذه المنطقة متنوعة والصراع هو صراع طائفي وعرقي ولا يمكن أن يعيشوا مع بعضهم البعض وتبدأ الضغوط علينا من أجل الموافقة على هذا المنطق أو على هذا الدستور.. ونقتنع نحن بدرجة ثانية كمواطنين بأننا لا يمكن أن نعيش مع بعضنا البعض إلا من خلال هذا الدستور.. ويقولون لنا كلمة كما نقول باللغة العامية «سكرة» كي نسد جوعنا.. أنتم تريدون وحدة سورية.. طبعاً كل دول العالم مع وحدة سورية ولكن كما نعلم جميعاً الوحدة لا تبدأ بالجغرافيا وإنما تبدأ بوحدة المواطنين فعندما يكون الوطن منقسماً من خلال مواطنيه تصبح قضية التقسيم الجغرافي هي قضية زمن.. أيضاً بنفس الطريقة عندما يأتي وقت التقسيم سيحصل هذا الشيء».

لم ولن نسمح لهم بأخذ سورية إلى الهاوية
وأضاف الرئيس الأسد: «وبما أننا لم ولن نسمح لهم بأخذ سورية في هذا الطريق ليسقطوها في الهاوية فقد طرحنا منذ بداية «جنيف 3» ورقة مبادئ تشكل أساساً للمحادثات مع الأطراف الأخرى.. والآن أعتقد أن الكل يتساءل من هي هذه الأطراف الأخرى.. أي لم نر أطرافاً بكل الأحوال هناك.. كنا نتفاوض إما مع أنفسنا أو مع الميسر.. والميسر وفريقه هم ليسوا طرفاً.. هم ميسر.. هم طرف وسيط.. لذلك إذا قلنا لماذا نضع جملة «الأطراف الأخرى».. هي هنا لضرورة الشعر فقط.. ولكن لا توجد أطراف أخرى.. وبناء على الاتفاق حول هذه المبادئ التي طرحتها سورية أو أي مبادئ بشكل عام يمكن الانتقال لمناقشة مواضيع أخرى كحكومة الوحدة الوطنية والتي بدورها ستقوم بالعمل على إعداد دستور جديد عبر لجنة دستورية مختصة وبعد إقراره عبر الاستفتاء يتم إجراء انتخابات برلمانية».

إذا وضعت حكومة انتقالية تنتفي السيادة

وتابع موضحاً: إن «هذه الفقرة البسيطة جوهرها الذي طرح في عام 2013 في المبادرة التي ذكرتها في خطابي بدار الأسد للثقافة والفنون في الشهر الأول.. والكل اليوم يسأل وبشكل مكرر ما هي رؤيتكم للحل.. إذا تحدثنا عن الحل بالمعنى السياسي فهذا هو الجانب السياسي.. والجانب الآخر هو مكافحة الإرهاب وكل مرة يسألون نفس السؤال وفي كل مرة سنعيد نفس الجواب.. العودة لموضوع المبادئ.. لماذا طرحنا المبادئ.. المبادئ ضرورية في أي مفاوضات وفي أي محادثات بين أي أطراف وأي دول.. لماذا.. لأن هذه المفاوضات دائماً بحاجة لمرجعية.. ويقولون هناك مرجعية.. هناك القرار 2254 كما كان في عملية السلام هناك القرار 242.. ولكن خاصة في هذا القرار عندما تكون القرارات هي عبارة عن تسوية بين الدول الكبرى كل دولة تريد أن تضع المصطلح الذي يناسبها فننظر إلى هذه القرارات نراها متناقضة مع نفسها.. لو عدنا إلى بيان جنيف عام 2012 نرى بأن هناك سيادة سورية وهناك بنفس الوقت هيئة انتقالية.. فإذا كنت تقول سيادة سورية كيف تحدد نيابة عن الشعب السوري ما هي البنية التي يريد.. فإذا ذكرت السيادة تنتفي البنية.. وإذا وضعت هذه البنية التي تسميها حكومة انتقالية أو غير انتقالية يعني نفيت السيادة هذا من جانب.. ومن جانب آخر لا يمكن أن نرى مصطلحات مطاطة ليس لها تفسير».

ماذا يعني حكم ذو مصداقية؟ حكم الإرهاب أو الخونة بالخارج!!

وقال الرئيس الأسد: «ففي هذه القرارات المبنية على مفاوضات أو مباحثات أو لقاءات فيينا هناك على سبيل المثال حكم ذو مصداقية.. ماذا يعني حكم ذو مصداقية.. بالنسبة للإرهاب إذا أتت «داعش والنصرة» والمجموعات الإرهابية الأخرى الموجودة الآن في المناطق المختلفة وحكمت في سورية فهذا حكم ذو مصداقية.. وإذا أتينا إلى الخونة الموجودين في الخارج والذين تحولوا إلى مجرد ممسحة لأقدام أسيادهم ووضعوا حكما يشبههم يحول سورية أو الدولة السورية إلى دولة مرتهنة تعمل على تحويل الشعب السوري إلى ممسحة كما هو وضعهم الآن.. فهذا أيضاً بالنسبة لهم هو حكم ذو مصداقية.. وبالطبع عندما نذهب إلى المفاوضات لن نوافق على أي شيء من هذا القبيل لذلك وضعنا ورقة مبادئ.. هذه المبادئ عندما توضع تمنع أي طرف من أن يطرح ما يريد.. هناك إطار يحدد ما هو أقصى اليمين وما هو أقصى اليسار وما هو السقف الأعلى والأدنى.. وأي طرح خارج هذه المبادئ يعتبر عرقلة وعدم جدية في العمل».

المحادثات الفعلية لم تبدأ حتى هذه اللحظة

وأضاف: «مثلاً أذكر بشكل عاجل المبادئ الأساسية التي طرحت في الورقة.. سيادة سورية ووحدتها ورفض التدخل الخارجي ونبذ الإرهاب ودعم المصالحات والحفاظ على المؤسسات ورفع الحصار وإعادة الإعمار وضبط الحدود.. وهناك نقاط أخرى مذكورة في الدستور الحالي وغيره من الدساتير كالتنوع الثقافي وحريات المواطنين واستقلال القضاء وغيرها من المبادئ.. وهذه المبادئ أي طرح يطرح خارجها لم نوافق عليه بكل بساطة لذلك هم رفضوا.. لم نسمع أحداً يقول لا لكن كان هناك تهرب.. لكن هذه المبادئ من وجهة نظرنا تشكل أساساً حقيقياً لنجاح المحادثات إن كانت هناك جدية ومصداقية وهي تدل في الوقت نفسه ليس فقط على جدية وإنما أيضاً على وجود رؤية واضحة لآلية العمل السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى حل سوري سوري.. لكن المحادثات الفعلية حتى هذه اللحظة لم تبدأ وإنما كنا نتحاور خلال الجولات مع الميسر الدولي وكما قلت هو ليس طرفاً لكي نتفاوض معه ولم يتم الرد على ورقة المبادئ وكان وفدنا يسأل عن ردود الأطراف الأخرى ولم نحصل أبداً على جواب وهذا يدل على ارتهان تلك الأطراف لأسيادها وبات واضحاً للجميع أنها أتت مرغمة صاغرة لجنيف وبدأت منذ اليوم الأول بطرح شروط مسبقة وعندما فشلت أعلنت بوضوح في الجولة الأخيرة دعمها للإرهاب ونسف وقف الأعمال القتالية».

أسئلة الميسر.. أفخاخ..

وتابع موضحاً: «نحن ذهبنا إلى جنيف في الجولة الأخيرة والتي سبقتها ولم نلتق سوى بالوسيط وفريقه وطرحنا ورقة المبادئ ولم يأتنا جواب.. لا سلبي ولا إيجابي.. تم القفز فوق هذه الورقة للوصول مباشرة إلى ما طرح علينا تحت عنوان أننا نبحث الآن عن قواسم مشتركة بين الطرفين وكان هناك اقتراح ليس من سورية.. من الأطراف الدولية نفسها أن تكون في المرحلة الأولى مفاوضات غير مباشرة ويقوم الميسر بدور الوسيط في غرف مختلفة لكل وفد في البناء نفسه.. وهذا الشيء لم يحصل وأن ما طرح علينا هو مجموعة من الأسئلة تحت عنوان الأشياء المشتركة لكن كل هذه الأسئلة التي طرحت علينا هي عبارة عن أفخاخ وكل سؤال فيه مصطلح من المصطلحات التي تمس إما سيادة سورية أو سلامة سورية أو مؤسسات سورية أو الوضع الاجتماعي بمعناه الديني.. بمعنى الهوية بالمعاني المختلفة التي تسمعون بها في الإعلام ولكنها حولت إلى أسئلة وطبعاً في الألعاب الدولية من هذا النوع توضع بنية تسمى ميسراً أو مبعوثاً مع فريق ولكن في الحقيقة نحن نعلم بأن الدول المنغمسة في هذا الموضوع على الساحة الدولية لا يمكن أن تترك هذه البنية تعمل بشكل نزيه ومستقل».

أجوبتنا حاسمة ولم يتمكنوا من تمرير أي مصطلح

وقال الرئيس الأسد: «دائماً يكون هناك مسؤولون لتلك الدول يعملون خلف الكواليس، ونعتقد بأنهم هم من يقوم بوضع هذه الأسئلة على افتراض.. طبعاً افتراضهم هم.. بأن الفريق السوري.. فريق المفاوضين هو فريق لا يعرف شيئاً عن السياسة وغير متمرس فيها.. الحقيقة طبعاً كانت الأجوبة حاسمة ولم يتمكنوا من تمرير أي مصطلح.. ولكن في الحقيقة بالنسبة لنا من وضع هذه الأسئلة كائناً من كان.. سواء كان من الفريق.. فريق الميسر أم من تلك الدول هم إما هواة أو مبتدئون في عالم السياسة».
وأضاف: «وكما قلت الطرف الآخر لم يكن موجوداً أتى رغماً عنه بعد أن فرض على أسيادهم أن يرسلوهم إلى جنيف وأتوا وهم يصرخون وذهبوا وحردوا إلى الفندق ولسنا بصدد تقييم هؤلاء.. هؤلاء هم مقيمون شعبياً.. وهم أقل من أن نتحدث عنهم.. ولكن حقيقة لا توجد أي مفاوضات مباشرة.. يجلسون في فندق آخر ولم يكن هناك جدول أعمال ولا أي شيء مشابه.. كان يوعز إليهم من وقت لآخر من أسيادهم أن يطلقوا تصريحاً ما.. عدا عن ذلك جدول الأعمال الوحيد الذي كان موجوداً لهم والذي تمت المصادقة عليه من الرياض هو جدول أعمال الاستيقاظ والنوم والطعام فقط».

حلب ستكون مقبرة آمال وأحلام أردوغان

وتابع: «طبعاً عندما فشلوا في الوصول إلى ما يريدون كان الإعلان.. طبعاً المرة الأولى.. كان الرغبة في الانسحاب وتحميل سورية المسؤولية ولكن لم يتمكنوا في المرة التي تلتها.. في المرة الأخيرة.. كان ردهم إعلاناً علنياً بدعم الإرهاب وإيقاف الهدنة أو الانسحاب من الهدنة أو ما سمي وقف الأعمال القتالية.. هذا ما شهدناه جميعاً في حلب من قذائف وحشية واستهداف للمشافي والمدنيين والأطفال.. ورغم أن معظم المحافظات والقرى والبلدات السورية عانت وتعاني من الإرهاب وقاومت وما زالت إلا أن نظام أردوغان الفاشي كان يركز دائماً على حلب لأنها بالنسبة له الأمل الأخير لمشروعه الإخونجي بعد أن أخفق في سورية وبعد أن فضحت حقيقته المجرمة والمتطرفة في العالم ولأن أبناءها رفضوا أن يكونوا مطية وأداة في يد الغريب وقاوموا وصمدوا وبقوا في حلب يدافعون عنها وعن الوطن.. وحلب ستكون هي المقبرة التي ستدفن فيها آمال وأحلام هذا السفاح بإذن اللـه.

المجازر والتفجيرات جاءت لبث روح الفتنة لكنهم فشلوا لأن الفتنة ميتة

وأضاف الرئيس الأسد: «واستمرت سلسلة الإرهاب عبر مجازرهم في الزارة وبتفجيراتهم الوحشية في طرطوس وجبلة وحاولوا بث روح الفتنة في سورية وفشلوا وسيفشلون دائماً لأن الفتنة في سورية ليست نائمة بل ميتة، وأرواح شهداء التفجيرات التي لم تفرق بين سوري وسوري تشهد أمام العالم كله أن السوريين أخوة في الحياة وفي الاستشهاد لا فرق بينهم ولا تفريق في اتجاهاتهم.. فتحية لأهلنا في كل مكان في سورية وهم يتحدون الموت والإرهاب ومشاريع الفتنة البغيضة متمسكين بإرادة الحياة والصمود والانتصار».
وتابع: «وفي هذا الإطار الموضوع الذي يطرح دائماً خلال الأشهر الأخيرة هو موضوع الهدنة وكثير منا يحمل الهدنة مسؤولية كل ما يحصل.. لنتحدث بشكل موضوعي لا يوجد شيء في هذا العالم مطلق سوى القدرة الإلهية كل شيء نسبي بالنسبة لنا كبشر.. والهدنة كأي شيء آخر إذا كانت إيجابية ففيها سلبيات وإن كانت سلبية ففيها إيجابيات.. بكل الأحوال هذه الهدنة ليست شاملة لكل المناطق في سورية لكي نحملها السلبيات».

الهدنة سمحت بتركيز الجهود العسكرية وتحقيق إنجازات كتحرير تدمر والقريتين ومناطق بالغوطة

وأضاف: «من الناحية السياسية ما يهمنا بالدرجة الأولى الوضع الداخلي.. بالنسبة لهذه الهدنة أنجزت العديد من المصالحات وهذه المصالحات حمت أو أوقفت الكثير من سفك الدماء بالنسبة للمواطن السوري وبالنسبة لقواتنا المسلحة.. أما على المستوى الخارجي فكان لها أيضاً فوائد سياسية.. لسنا في صدد الحديث عنها اليوم.. أما من الناحية العسكرية فهي سمحت بتركيز الجهود العسكرية باتجاهات محددة وتحقيق إنجازات وكان أول دليل هو تحرير تدمر خلال فترة قصيرة من بدء هذه الهدنة وبعدها القريتين وفي غوطة دمشق مناطق كثيرة تحررت طبعا.. هناك الكثير من المناطق التي تم تحريرها خلال هذه الأشهر التي ربما تجاوزت في سرعة إنجازها أكثر من عام أو ربما عامين من القتال بالنسبة لقواتنا المسلحة والقوات الرديفة فلا نستطيع أن ننفي الإيجابيات الكثيرة في هذه الهدنة.. المشكلة في هذه الهدنة هي أنها تمت بتوافق دولي وبموافقتنا طبعاً كدولة ولكن لم يكن هناك التزام من قبل الطرف الأميركي تحديداً بشروط هذه الهدنة وبتطبيقها وغض الأميركي الطرف عن وكلائه في المنطقة.. السعودي والتركي».

الأميركي لم يلتزم بشروط الهدنة..

وتابع الرئيس الأسد موضحاً: «السعودي أعلن علناً دعمه للإرهاب في أكثر من مرة والتركي الذي يقوم أيضاً علناً بإدخال الإرهابيين عبر حدوده إلى المناطق الشمالية.. وغض الأميركي النظر عما يقوم به أردوغان الذي كما قلنا افتضح في الخارج وأصبح منبوذاً في الداخل ومكشوفاً لدى مواطنيه فكان لا بد له من إثارة الشغب والفوضى فقط ليبقي لنفسه أوراقاً، فأرسل قواته إلى العراق وابتز الأوروبيين بموضوع اللاجئين وقام بدعم الإرهابيين ودفع الآلاف منهم إلى حلب مؤخراً.. يعني عملياً أردوغان لم يبق له من دور سوى دور البلطجي السياسي أو باللغة الفصحى.. الأزعر السياسي.. لذلك أقول: إن تم تطبيق الهدنة بشكل جيد أو وقف الأعمال القتالية ففيها إيجابيات.. المشكلة لا تكمن فيها.. المشكلة تكمن بأن الصراع في سورية جزء كبير منه كما تعلمون هو صراع خارجي دولي وإقليمي».

الإجراءات النقدية مؤخراً أثبتت إمكانية مواجهة الضغوط

وتابع الرئيس الأسد: «هم إذاً لم يكتفوا بإرهاب المتفجرات والقذائف بل دعموه بالإرهاب الاقتصادي عبر العقوبات على سورية وعبر الضغط على الليرة السورية بهدف انهيار الاقتصاد وتركيع الشعب، ورغم كل القفزات المؤلمة التي حصلت ما زال اقتصادنا يقاوم وأثبتت الإجراءات النقدية مؤخراً إمكانية مواجهة تلك الضغوط والتقليل من أضرارها والقدرة على إعادة الاستقرار لليرة ورفع قيمتها.. وأنا متأكد أن هذا الموضوع سيكون من أولى أولويات عملكم في المجلس كما سيكون حتما الموضوع الأهم للحكومة التي ستشكل الآن بعد هذا المجلس الجديد بحسب الدستور.. بالنسبة لليرة كما تعلمون تخضع للوضع الداخلي من خلال تأثيرات الإرهاب عليها سواء ضرب البنية التحتية أو قطع الطرق بين المدن أو ضرب المنشآت الاقتصادية أو إخافة رؤوس الأموال تخضع للإجراءات الحكومية من جانب وتخضع لرد فعل الناس.. طبعاً رد فعل الناس هو نتيجة وليس سبباً ولكن يكون من خلال الهجمة على شراء الدولار أو أي عملة أخرى بدل الليرة السورية وبالتالي ما يوفره من شراء الدولار يخسره من خلال ارتفاع الأسعار».

حل مشكلة الليرة يكون بالتعامل الطويل الأمد

وأضاف: «كما قلنا أثبتت الإجراءات الأخيرة قدرة الدولة على التعامل مع هذا الموضوع ولكن التعامل مع الليرة هو تعامل قصير الأمد.. التعامل الطويل الأمد هو من خلال الاقتصاد.. الاقتصاد تأثر بشكل وبآخر ولكن في بدايات الأزمة هناك من أوقف المشاريع.. المشاريع الصغيرة أو المشاريع المتوسطة أو المشاريع الكبيرة على اعتبار أن هذه الأزمة ستستمر بضعة أشهر.. بعد بضعة أشهر تعود الأمور إلى طبيعتها.. لم يحصل هذا الشيء.. قسم من السوريين بمختلف مستوياتهم في مجال الاستثمار تابعوا بناء أو إنجاز مشاريعهم وبالمحصلة.. الحياة يجب أن تستمر بكل الظروف ولكن جزءاً كبيراً منهم أجل هذا الشيء.. المطلوب منا الآن لاستمرارية دعم الليرة ودعم الوضع الاقتصادي وكلاهما متشابك ومترابط هو أن يقوم أصحاب الاستثمارات بكل مستوياتها الصغيرة ولو كان محلا بسيطا والمتوسطة والكبرى بإنجاز المشاريع والمطلوب من الحكومة بالإضافة للإجراءات أن تبحث القوانين والإجراءات التي يمكن أن تسرع دورة الاقتصاد لأن مشكلة الليرة بالدرجة الأولى هي ضعف الاقتصاد فعلينا أن نفكر سوية كلنا كسوريين.. ما هي الإجراءات الممكنة.. ما هي القوانين الجديدة.. ما هي الأشياء التي تتناسب مع المرحلة التي نمر بها الآن.. نحن نمر بمرحلة عمرها الآن خمس سنوات يعني لم تعد مرحلة جديدة لكي نبدأ بالتفكير من الصفر أصبحت لدينا خبرة في هذا الموضوع.. أعتقد أيضاً أن هذا الموضوع من القضايا المهمة جداً التي يجب على مجلس الشعب أن يناقشها مع الحكومة لكي نقوم بواجبنا إن كانت هناك تشريعات أو قرارات أو غيرها من الإجراءات».

سنستمر بالعمل على المسار السياسي

وقال الرئيس الأسد: «فإرهاب الاقتصاد وإرهاب المفخخات والمجازر والقذائف واحد لذلك أؤكد لكم أن حربنا ضد الإرهاب مستمرة ليس لأننا نهوى الحروب فهم من فرض الحرب علينا.. لكن سفك الدماء لن ينتهي حتى نقتلع الإرهاب من جذوره أينما وجد ومهما ألبس من أقنعة.. وكما حررنا تدمر وقبلها كثير من المناطق سنحرر كل شبر من سورية من أيديهم فلا خيار أمامنا سوى الانتصار وإلا فلن تبقى سورية ولن يكون لأبنائنا حاضر ولا مستقبل.. وهذا لا يعني أننا لا نؤمن بالعمل السياسي.. لأننا إذا توقفنا هنا فسيقولون الرئيس تحدث عن الحرب والانتصار وإلى آخره.. تعرفون.. وهذا لا يعني أننا لا نؤمن بالعمل السياسي.. سنستمر بالعمل على المسار السياسي مهما تضاءلت احتمالات تحقيق إنجاز ما منطلقين بذلك من الرغبة القوية على المستوى الشعبي والرسمي لإيقاف سفك الدماء والتدمير وإنقاذ الوطن.. ولكن أي عملية سياسية لا تبدأ وتستمر وتتوازى وتنتهي بالقضاء على الإرهاب لا معنى لها ولا نتائج مرجوة منها.

الدولة بمؤسساتها هي الأم لكل أبنائها عندما يقررون العودة إليها

وتابع: «أكرر مرة أخرى دعوتي لكل من حمل السلاح لأي سبب من الأسباب أن ينضم لمسيرة المصالحات التي انطلقت منذ سنوات وتسارعت في الآونة الأخيرة.. فالسير في طريق الإرهاب لن يؤدي إلا إلى خراب الوطن وخسارة كل السوريين دون استثناء فعودوا إلى رشدكم إلى وطنكم فالدولة بمؤسساتها هي الأم لكل أبنائها السوريين عندما يقررون العودة إليها. وأضاف: «وأما أنتم يا أبطال سورية في الجيش والقوات المسلحة والقوات الرديفة فمهما قلنا بكم ولكم فلن نستطيع أن نعطيكم حقكم فلولاكم لما صمدنا ولا بقينا ولولا شجاعتكم وعطاؤكم لأصبحت سورية أثراً بعد عين.. فتحية إجلال وإكبار لكم ولعائلاتكم ولرفاقكم الشهداء والجرحى الذين أبوا إلا أن يعمدوا تراب سورية بدمائهم وأجسادهم ونحن جميعاً وأينما كنا ولأجيال قادمة نحمل لكم العرفان بالجميل وننحني أمام بطولاتكم وبطولات عائلاتكم ونعدكم جميعاً بأن هذه الدماء لن تذهب هدراً وأن النصر قادم لا محالة بكم وبأبطال الجيش والقوات المسلحة وبكل سوري أبى إلا أن يدافع عن أرضه وعرضه أينما كان وبأي طريقة ممكنة».

اندحار الإرهاب لا بد أن يتحقق

وشدد على أن «اندحار الإرهاب لا بد أن يتحقق طالما هناك أيضاً دول كإيران وروسيا والصين تدعم الشعب السوري وتقف مع الحق وتنصر المظلوم في وجه الظالم – فشكراً لهم ولثبات مواقفهم المستمر معنا.. فهي دول تحترم مبادئها وتسعى دائماً لدعم حقوق الشعوب في اختيار مصيرها.. وأتمنى هنا أن لا نهتم على الإطلاق لكل ما يطرح في الإعلام حول خلافات وصراعات وانقسامات فالأمور أكثر ثباتاً من قبل والرؤية أكثر وضوحا بكثير.. لا تهتموا فالأمور جيدة في هذا المسار. وأضاف: «لن ننسى ما قدمته المقاومة الوطنية اللبنانية لسورية في مكافحة الإرهاب فامتزجت دماء أبطالها بدماء أبطال الجيش العربي السوري والقوات الرديفة فتحية لهم لبطولاتهم.. لوفائهم».

الثمن المطلوب منا نظير تضحيات الشهداء الحفاظ على الدستور واستعادة الوطن كاملاً غير منقوص

وقال الرئيس الأسد: «أيتها السيدات.. أيها السادة.. تنطلق أعمال مجلسكم الجديد والمهام أمامكم جسام والتحديات كبيرة.. دماء كثيرة طاهرة سفكت.. وعائلات بأكملها خطفت.. بنية تحتية بناها السوريون بعرقهم قد دمرت.. أبطال قدموا أرواحهم وأجسادهم دون أن ينتظروا مقابلا لكن ليس دون ثمن وإذا كانت عودة الأمن إلى سورية والانتصار على الإرهاب واستعادة الأرض وإعادة إعمار الوطن هي ذلك الثمن الذي يجعل دماءهم الطاهرة لا تذهب هدرا فإن مكافحة الظواهر الضارة من فساد ومحسوبيات وفوضى وخرق للقانون هي الجزء الآخر من ذلك الثمن.. هؤلاء الأبطال قدموا أنفسهم دفاعاً عن الأرض والشعب.. عن البلاد بدستورها ومؤسساتها وقوانينها والثمن المطلوب منا هو الحفاظ على الدستور.. على المؤسسات وتطويرها.. تكريس العدل وتكافؤ الفرص.. هؤلاء الأبطال قدموا أنفسهم من أجل استعادة الوطن كاملا غير منقوص.. والوطن كاملا هو كل تلك العناصر مع بعضها البعض.. فكونوا على قدر تضحياتهم.. كونوا كما يأمل الشعب بكم أن تكونوا.. فمهمتكم ليست فقط أمانة من الناخبين بل أمانة من الشهداء والجرحى والأمهات الثكالى وكل من قدم دماً ومالاً وفكراً وموقفاً ليحمي وطنه.. وهي أمانة كبيرة وجسيمة فلنحملها جميعاً ولنكن على قدرها.
والسلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن