لقاء طهران الثلاثي على طريق التنسيق العسكري الشامل
| سامر علي ضاحي
يأتي لقاء اليوم لوزير الدفاع فهد جاسم الفريج ونظيريه الروسي سيرغي شويغو والإيراني حسين دهقان بعد سلسلة تطورات سياسية وميدانية، شهدتها الساحة السورية، كان آخرها عملية الجيش السوري «المباغتة» لاجتثاث تنظيم داعش الإرهابي من محافظة الرقة بغطاء جوي روسي بموازاة عملية أخرى تشنها «قوات سورية الديمقراطية» مدعومة بطيران التحالف الدولي «بقيادته الأميركية» في ريف المحافظة الشمالي لاستعادته من يد التنظيم، التي وصلت شرقاً إلى أبواب مدينة منبج بشمال حلب، وباتت تهدد التنظيم في مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا.
التطور الآخر شهدته محافظة حلب التي يدعم فيها عسكريون إيرانيون «استشاريون» عمليات الجيش وخاصة ريف المحافظة الجنوبي الذي شهد خروقات لاتفاق الهدنة من جبهة النصرة الإرهابية والمجموعات المسلحة المنضوية معها تحت لواء «جيش الفتح».
ومع تأكيد «الديمقراطية» مسبقاً، أن عمليتها لا تشمل مدينة الرقة التي لا يبدو لها أي أهمية إستراتيجية بخلاف ريفيها الشمالي المهم لتركيا وجنوبها المتمثل جزءه الغربي بسد الفرات في مدينة الثورة (الطبقة) وجزؤه الشرقي بحقول النفط والغاز، ليزيد التفاف الجيش على الرقة من الضغوط على واشنطن لتأكيد التنسيق مع موسكو حول مكافحة الإرهاب في سورية لا سيما بعدما بات لأميركا جنود على الأرض يحاربون إلى جانب «الديمقراطية» شمالاً الأمر الذي دفع البيت الأبيض مؤخراً إلى إجراء مشاورات حول تنسيق «مباشر على الأرض» مع الروس في سورية.
وبموازاة ذلك يبقى التعنت التركي لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يرى أن أي استعادة للسيطرة لمصلحة الجيش في مناطق الشمال السوري تهدد أحلامه في منطقة «عازلة» وتهدد مخططاته الإقليمية لبناء عثمانيته الجديدة ولا سيما أن هدفه هذا واجه ضربات عديدة كان أبرزها سقوط نظام الإخوان المسلمين في مصر والرحيل السريع للرئيس محمد مرسي، بموازاة المطبات المنتشرة على طريق اتفاقه مع الاتحاد الأوروبي حول اللاجئين، وكذلك ما قرره البرلمان الألماني باعتبار الجرائم التي ارتكبها العثمانيون بحق الأرمن عام 1915 «إبادة جماعية» ما وضع أردوغان بين كماشة الضغوط العسكرية في الجنوب، مع التمدد الكردي، والضغوط السياسية القادمة من أوروبا.
ويبدو أن دمشق لن تتساهل مع أردوغان، ولو مؤقتاً لسنوات، مع توجيه الرئيس بشار الأسد منذ يومين أقسى العبارات بحقه فاعتبره «أزعر سياسياً» وتوعده بأن «حلب ستكون المقبرة التي ستدفن فيها آمال هذا السفاح بإذن اللـه»، وهذا يظهر مزيداً من التكتيك العسكري في الخطاب السياسي، ففيما تتصعد حدة الخطاب الرسمي السوري حول حلب تتجه قواتها إلى الرقة الأمر الذي يمكن أن يفرض نفسه متحولاً أساسياً في لقاء اليوم الذي قد يتمخض عن خطة يقوم فيها الجيش العربي السوري باستعادة الطبقة تاركاً مناوشة داعش لـ«الديمقراطية» في الشمال تزعج الأتراك، على أن يعود الجيش بعملية التفافية نحو حلب مستفيداً من الغطاء الجوي الروسي لاستعادة ريف حلب الجنوبي والغربي بما يسمح بمحاصرة الفتح في إدلب بقطع جميع طرق الإمداد التركية إليه، الأمر الذي يتيح له تحييد إدلب من الصراع أو تجميد جبهتها مؤقتاً والعودة إلى شرق البلاد بحيث يكون الانتهاء من داعش أولوية تليها التخلص من النصرة.
ويشير عنصر الوقت إلى قرب التنسيق الأميركي الروسي ولا سيما أن الإشارات كانت واضحة في الرقة ولا يمكن تجاهل وجود «تنسيق من نوع ما» هناك خلال تقدم الجيش نحو الطبقة.
وفي حال تم التنسيق الروسي الأميركي ستتحول موسكو فعلياً إلى حلقة وصل بين شريكين غير مباشرين هما دمشق وواشنطن في مكافحة الإرهاب، ما يزيد من الضغوط على الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سورية ستيفان دي ميستورا كما يزيد الضغوط أيضاً على أطراف الأزمة حكومة ومعارضة للانخراط الجدي الفعال في محادثات جنيف المبنية على أساس بيان فيينا مع اقتراب مهلة الأشهر الثمانية لبدء المرحلة الانتقالية من نهايتها وفق بيان فيينا وسط استمرار بتباعد الموقفين فبينما تتشبث الحكومة السورية بحكومة وطنية موسعة تتشبث معارضة الرياض بهيئة انتقالية كاملة الصلاحيات لا دور فيها للرئيس الأسد إلا أن المواقف الأخيرة الصادرة من الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة ونيتها محاورة الأطراف المعارضة الأخرى تعني فيما تعنيه قبولها المبدئي بوفد واحد للمعارضة يضم منصات موسكو والقاهرة والداخل ما يعني اختزال مسافات زمنية من طريق الحل، مع تصاعد الحديث مؤخراً عن قرب إعداد دستور جديد من كل الأطراف رغم النفي المتواصل لذلك.