عربي ودولي

كأس أوروبا 2016 رهان ضخم بمكاسب محدودة لـ«هولاند» … فرنسا تتحرك لمواجهة أعمال الشغب وإضراب الطيارين يهدد سفر المشجعين

جعل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من استضافة كأس أوروبا 2016 لكرة القدم رهاناً مهماً قد لا يعود عليه بربح كبير بل ربما بخسارة وسط الاحتجاجات الاجتماعية العارمة في البلاد، على حين يرى خبراء أنه لن يفيده في الانتخابات الرئاسية 2017.
هذه البطولة هي الحدث الكبير الأخير الذي ينظم في البلاد قبل الانتخابات في ربيع 2017، وانطلقت وسط التوتر الناجم عن هاجس الاعتداءات واحتجاجات اجتماعية وإضرابات لا تبدو أنها ستخبو قريباً.
كما أن الرئيس الاشتراكي الذي يهوى كرة القدم افتتح البطولة على حين وصلت شعبيته إلى أدنى مستوياتها. لذلك تتوالى التساؤلات حول احتمالات نهوضه بثبات مستفيداً من بطولة ينجح في تجنيبها تبعات الأزمة الاجتماعية أو حتى من فوز أو سجل جيد لمنتخب فرنسا. لكن أغلبية الخبراء يشككون في ذلك. وقال المحلل السياسي غاييل سليمان من مؤسسة أودوكسا للاستطلاعات: «كلا، بالطبع لا، ليس وارداً على الإطلاق! لدينا رئيس شعبيته سيئة جداً. لا يمكن لفرنسوا هولاند أن يحصد مكاسب تذكر»، وأضاف: «هذه المكاسب لن تتغير مع بطولة أوروبا، لكن التحدي الكبير هو ألا تنهار شعبيته بالكامل بسبب البطولة».
كما صرح المؤرخ الرياضي بول ديستشي: «إذا تواصلت التحركات الاجتماعية والمشاكل المختلفة والإرهاب، حتى لو فازت فرنسا بكأس أوروبا فلن يعود ذلك إلا بمكاسب ضئيلة على فرنسوا هولاند»، وأوضح: «ستسري البهجة بالطبع، لكنها عابرة، كالكرز والربيع. الفرنسيون أذكياء كفاية لإدراك الفرق بين هذه الفترة القصيرة والحياة اليومية».
وبعد ثمانية أشهر على الاعتداءات الإرهابية في 13 تشرين الثاني 2015 في باريس (130 قتيلاً، مئات الجرحى) بات سيناريو وقوع اعتداء آخر في أثناء بطولة أوروبا كابوساً يقض المضاجع.
لكن ما يبدو أكثر ضرراً هو الاحتجاجات الاجتماعية الرافضة لإصلاح قانون العمل التي تخللتها منذ انطلاقها في آذار أعمال عنف وإضرابات وقطع طرقات توالت في الأسابيع الأخيرة وما زالت مستمرة. والاحتجاجات لم تتوقف إذ بدأ طيارو الخطوط الفرنسية أمس إضراباً يستمر أربعة أيام.
ومع أن رئيس إدارة الشركة فريدريك غاجي وعد بأن الشركة ستتمكن من تسيير 80% من الرحلات فإنه لم يستبعد إلغاء أو تأخير رحلات في اللحظة الأخيرة.
وقالت إميلي ريكييه (35 عاماً): «لا أعرف كيف سنعود إلى البيت» بعد أن جاءت من مدينة نيس الجنوبية إلى باريس لحضور مباراة الافتتاح.
وأكد رئيس «الكونفدرالية العامة للعمل» فيليب مارتينيز أن النقابة التي تعبئ وتحرك الاحتجاجات على تعديل قانون العمل «لن تخضع للابتزاز» بسبب تنظيم بطولة كأس أوروبا، وأن حركة الإضراب ستستمر.
وأكد العاملون في الشركة الوطنية للسكك الحديد أنهم سيواصلون الإضراب خلال عطلة نهاية الأسبوع مع تعثر المفاوضات، على حين يستمر توقف جامعي القمامة ومصانع حرق المخلفات المنزلية عن العمل حتى الثلاثاء.
ومع بذل بلديتي باريس ومرسيليا جهوداً كبيرة لجمع القمامة لا تزال تتكدس على الأرصفة أكوام من الزبالة التي تتصاعد منها رائحة كريهة في بعض الأحياء.
وأكد الخبراء: «لن يغفر لفرنسوا هولاند تقصيره بعدما بدأت النفايات تتكدس في الشوارع وانقطعت حركة القطارات».
وفي الواقع أشار عدد من الاستطلاعات مؤخراً إلى رفض أغلبية الفرنسيين (54%) استمرار الإضرابات والتظاهرات، لكن نحو 60% اعتبروا هولاند ورئيس وزرائه مانويل فالس مسؤولين عن الوضع.
وعم الفرح فرنسا أمس السبت بعد الفوز في مباراة بطولة كأس أوروبا 2016 الافتتاحية لكن الشرطة تستعد لمواجهة أعمال شغب متوقعة بين مشجعي فريقي روسيا وإنكلترا على حين ينفذ طيارو شركة «اير فرانس» إضراباً.
فالإضراب المعلن لربع طياري الخطوط الفرنسية قد يؤثر في سفر المشجعين القادمين لحضور المباريات، على حين تتأخر رحلات القطار في اليوم الحادي عشر من إضراب السكك الحديد.
وعلى حين تعلن فرنسا حالة طوارئ خشية تنفيذ اعتداءات إرهابية كانت أعمال الشغب التي يقوم بها مشجعو فرق كرة القدم الاختبار الأول للشرطة حيث شهدت مرسيليا ليلتين من الصدامات العنيفة.
وحتى قبل مباراة روسيا وإنكلترا اشتبك المئات من المشجعين مع بعضهم وتبادلوا الشتائم ورشقوا الشرطيين بالزجاجات في حي المرفأ القديم. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع وأمرت بإغلاق الحانات والمطاعم في المرفأ وأوقفت سبعة مشجعين.
وافتتحت مباريات كأس أوروبا 2016 بعد سبعة أشهر من اعتداءات تشرين الثاني التي تبناها تنظيم «داعش» الإرهابي وأوقعت 130 قتيلاً في باريس، والاضطرابات الاجتماعية المستمرة منذ أشهر والخلافات السياسية والفيضانات والأمطار الغزيرة.
ومع خضوع ثمانين ألف مشجع بكل طيبة خاطر للتفتيش الأمني الدقيق قبل الدخول إلى ستاد «دو فرانس»، أحبط الخوف من اعتداءات إرهابية حماسة كثيرين فلم تمتلئ منطقة تجمع المشجعين الكثيفة في باريس تحت برج إيفل إلا بنصف العدد المتوقع، وفق الشرطة. ويتوقع أن تجتذب المباريات التي تجري في عشرة أماكن في مختلف أنحاء البلاد نحو مليوني زائر من خارج فرنسا، ما يشكل تحدياً لقوات الأمن.
ونشر نحو 90 ألف شرطي ورجل أمن لحماية اللاعبين والمشجعين بينهم 13 ألفاً في باريس وحدها حيث يمكن مشاهدة الجنود يتجولون بأسلحتهم الرشاشة.
(أ ف ب)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن