قضايا وآراء

ليبرمان وزير «دفاع» إسرائيل، لماذا؟!

| تحسين الحلبي 

حين استقال الجنرال يعالون من وزارة الدفاع ولم يقبل بوزارة الخارجية بديلاً صور الكثيرون من المحللين تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع واحتجاج يعالون عليه وكأنه تغيير باتجاه تبني سياسة إسرائيلية أكثر يمينية وتطرفاً فظهر يعلون بصورة المعتدل أمام ليبرمان والحقيقة التي تظهر في سجل يعالون تدل على أنه أبرز من يمثل أشد المغالين باتجاه التطرف وأكثرهم خبرة فهو الذي قال حين كان رئيساً للمخابرات العسكرية وحين أصبح رئيساً للأركان بعد ذلك: «إن الفلسطينيين لديهم جينات تدفعهم لقتل الإسرائيليين ولذلك لا حل إلا بتصفيتهم» وهذه العبارة لم يجرؤ ليبرمان الذي يحمل الهدف نفسه على قولها.. والمهم أن هذا التغيير في حكومة نتنياهو في وزارة الدفاع وتسليمها لليبرمان الشخصية المدنية التي لا تحمل سجلاً عسكرياً استراتيجياً يطرح سؤالاً هو: لماذا ليبرمان ولماذا فضل يعالون الاستقالة من المنصب وليس من السياسة؟
يرى المحللون الإسرائيليون أن أسباباً عديدة فرضت عليه إجراء هذا التغيير الوزاري أهمها أولاً: إبعاد أي تهديد بحجب الثقة عن حكومته الائتلافية وإسقاطها فحكومته تتمتع بتأييد (61) عضواً في الكنيست من مجموع (120) وبوسع أي عضو أو اثنين من أحزاب الائتلاف الحكومي التهديد بالانسحاب منها وإسقاطها. ووجد نتنياهو أن انضمام ليبرمان وحزبه سيوفر لها زيادة عدد أعضاء الائتلاف إلى (66) عضواً وفي هذه الحالة يضمن نسبة أكثر في استقرار الحكومة.
ثانياً: يترافق هذا التغيير وخصوصا لجهة تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع أي أنه المسؤول الأول عن جميع الأراضي المحتلة في الضفة الغربية مع ظهور نوايا إسرائيلية تحدث عنها مركز (جروزاليم للشؤون العامة) (جي سي. بي أي) تتطرق إلى رغبة إسرائيلية- أردنية مشتركة توفر مشاركة الأردن المباشرة في أي حل يجري الإعداد له بين الضفة الغربية والمملكة الأردنية.. وبالإضافة إلى ما نشره (مركز جروزاليم) كانت الصحف الإسرائيلية (وخصوصاً هآريتس) قد نشرت أفكاراً تتداولها حكومة نتنياهو لإجراء تبادل للأراضي يشترك فيه عدد من الدول العربية المجاورة لإسرائيل بما في ذلك السعودية عند البحر الأحمر وبحيث تضمن إسرائيل السيطرة والسيادة على الضفة الغربية والجولان مقابل تبادل للأراضي بين عدد من هذه الدول العربية لمصلحة الخطة الإسرائيلية، والمعروف أن (ليبرمان) وزير الدفاع الجديد سيحتاج نتنياهو إلى مقاعده في الكنيست وإلى دوره في أي خطة من هذا القبيل طالما أنه كان الداعي علناً لسياسة تبادل الأراضي من أجل إنهاء «النزاع الفلسطيني الإسرائيلي» بما يضمن أمن إسرائيل، كما أن ليبرمان نفسه كان الداعي علناً حين تسلم منصب وزير الخارجية في حكومة نتنياهو السابقة (2013-2014) إلى فرض تطبيع بين دول النظام الرسمية العربي وبين إسرائيل قبل الانتظار للحل النهائي للنزاع. ويبدو أن إسرائيل تنظر الآن للظروف التي تمر بها المنطقة مع تزايد قدرتها على التأثير على دول النظم الرسمي العربي كفرصة سانحة لتنفيذ أخطر مرحلة في مراحل تصفية القضية الفلسطينية بمشاركة عربية.
فليبرمان كان يحلم بفرض تبادل الأراضي منذ عام 2004 وكان يحلم بفرض تطبيع منذ عام 2013 مع عدد من الدول العربية ولذلك يجري التداول الآن بأنباء تتحدث عن محاولة إجراء تعديل على الخطة السعودية العربية التي تبنتها الجامعة العربية عام 2002 للتطبيع الشامل مع إسرائيل.. لكنه من المؤكد بالمقابل أن تظل أحلام ليبرمان والتواطؤ مع أحلامه مجرد أوهام تدور في رأسه وليس على الأرض.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن