قضايا وآراء

ماذا تخبئ السياسة الأميركية في الوقت المستقطع..!؟

| عبد السلام حجاب

بات واضحاً.. أن جبلاً من الصبر ووقتاً آخذاً بالنفاد، قائماً بين إرهاب بغيض يتطلب تعاوناً دولياً نزيهاً لدحره ولإحباط مسارات تشظيه، وبين العملية السياسية لحوار السوريين في جنيف وجوهرها محاربة الإرهاب. ما يعني أن أي عملية سياسية لا تبدأ وتستمر وتتوازى وتنتهي بالقضاء على الإرهاب، لا معنى لها. ما يجعل عين جنيف المعطل بفعل فاعل بنى حساباته على الإرهاب. تراقب متغيرات السياسة الأميركية وماذا تخبئ في الوقت المستقطع. حيث الانتخابات الرئاسية على الأبواب وازدواجية المعايير حيال مصدر الإرهاب والمنخرطين فيه كأنظمة حكم بني سعود ومشيخة قطر والسفاح أردوغان، هي الآن على محك المعايرة واختبار جدواها. من دون أن ينفي ذلك على استحياء مشوب بأنواع شتى من النفاق والمماطلة السياسية ما تشي به مفردات الوقت المستقطع بأن مقاربات سلبية وإيجابية تحصل على صعيد محاربة الإرهاب. منذ بدء عاصفة السوخوي الروسية في أيلول العام الماضي بطلب سوري شرعي والانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري ومحوره المقاوم في الميدان.
ولعل من قرأ في نتائج اجتماع طهران لوزراء الدفاع لكل من سورية وروسيا وإيران يدرك أن الأوهام توشك على الزوال أمام إرهاب لا وطن له ولا دين وبأن القضاء عليه ضرورة ومسؤولية وطنية ودولية يجب على الجميع تحمل أعباءها من دون ازدواجية معايير أو انتقائية مسيسة بين أخيار وأشرار.
كما، وفي التحليل السياسي للوقت الأميركي المستقطع، فإن الواقعية تقتضي بأن الذهاب إلى مغامرات غير محسوبة، أمر مستحيل، وأن التخلي عن مصالح أميركية حيوية لمصلحة حسابات الآخرين ولو كانوا أطرافاً في الحلف، فإنه لا يمثل أولوية أميركية. ما دعا الوزير لافروف للإعراب عن الأمل «بانضمام واشنطن لجهودنا الرامية لمنع تعزيز قدرات الإرهابيين في سورية». ويدعو إلى دراسة خطوات إضافية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالوضع في سورية.
بطبيعة الحال فإنه ليس منطقياً البناء على سياسة مزدوجة المعايير. لكنه منطقي توقع الأسوأ في تلك السياسة- وليس هناك أسوأ من الإرهاب بعد أن تم تصنيعه وإطلاقه باعتراف كلينتون المرشحة للرئاسة الأميركية بدعم أوباما نفسه. ولكن هل الاستمرار في هذا المسار ممكن بعد أن أصبح عاراً وفضيحة سياسية وأخلاقية. ثم هل يمكن أن يكون خياراً رابحاً في ضوء المتغيرات التي يشهدها العالم. علماً بأنه صحيح أن الأميركي يهوى المغامرة، لكنه لن يكون سعيداً بالخسارة والهزيمة. وربما فإن أحداً لن يصدق الوزير الأميركي أشتون كارتر حين يريد أن يجعل من حكايا العجائز التي يطلقها حول روسيا والصين، أسطورة ملهمة لدى الآخرين في حلف الناتو والمستثمرين في الإرهاب وهو لا يمتلك كل مقومات ومقررات تلك الأسطورة في الوقت المستقطع.
لكن واستطراداً يبقى السؤال قائماً بشأن ما تخبئه السياسة الأميركية لتخطي ضغوطات وقتها المستقطع وتداعياته. ومن بينها:
1- الالتزامات التكتيكية والإستراتيجية تجاه الكيان الإسرائيلي. الحليف الاستراتيجي في مشروع الشرق الأوسط الجديد. وما إذا كان واقعه الراهن عاملاً مساعداً لتخفيف الضغوط أم مصدر قلق مرده الانخراط العلني بدعم الإرهاب!؟
2- كيف التملص من التعهدات من دون التخلي عن العلاقات مع أطراف مثلث الإرهاب السعودي والتركي والقطري وقد أصبح عبئاً سياسياً ومادة انتقاد واسعة لسياسيين وإعلاميين أميركيين بعد أن تخطى الواقع الأميركي ليصل إلى هيئات الأمم المتحدة!؟
3- هل يمكن الثبات على اتفاقاتها مع الشريك الروسي المفترضرغم ما تتعرض له تلك الاتفاقات من انتهاكات للإرهابيين ورعاتهم بهدف الإطاحة بها!؟
4- لابد من السؤال عن مصير القرارات الدولية التي شارك الأميركي إلى جانب الروسي في صياغتها وإقرارها. ولاسيما القرار 2253 الخاص بمحاربة الإرهاب وتجريم التعامل معه أو القرار 2254 المتعلق بحق السوريين في تقرير مستقبلهم بقيادة سورية ودون تدخل خارجي أو شروط مسبقة!؟
يبدو أنها مهمة صعبة ومعقدة لكنها ليست مستحيلة بحكم ما تمتلكه السياسة الأميركية في جرابها الأسود. بما يجعلها قادرة على تفكيك المعادلات التي قامت بتصنيعها والمحافظة على موقعها كقطب دولي ذي شأن وفاعلية إلى جانب الأقطاب الدولية الناشئة حديثاً.
ولا جدال بأنه إذا كانت المراهقة على حلول تنطلق من أجندات إرهابية يمثل سياسة خاطئة. وهو ما تتداركه أميركا مؤخراً حيث أعلن البنتاغون زيف التمييز بين معتدلين وإرهابيين في المجموعات المسلحة، فإن المناورات العسكرية غير المسبوقة التي تجريها مع حلف الناتو على مقربة من الحدود الروسية تشكل خطوة أخرى خاطئة تستوجب إعادة النظر والتوضيح لما تمثله من تصعيد خطير في مسارات الحرب الباردة ولن يسمح العقلاء بتحويله إلى حرب ساخنة.
ما يعني أن الطريق الذي يسلكه الجانبان الروسي والأميركي عبر دبلوماسية الهاتف يفتح الباب أمام فرص سياسية أكثر نجاعة لتذليل العقبات وإنجاح المقاربات للقضاء على الإرهاب وحذفه من أن يكون وسيلة ابتزاز سياسي في معادلات فرض شروط من خارج السياق على حقوق السوريين السيادية.
لقد ذكر الوزير لافروف في محادثاته الهاتفية مع نظيره الأميركي كيري، بأن المسلحين والأسلحة ما تزال تعبر من الأراضي التركية إلى سورية. مشدداً على أن المهلة التي تم منحها للتنظيمات الإرهابية التي لم تعلن انفصالها عن جبهة النصرة الإرهابي قد انتهت وعليها أن تتحمل نتائج موقفها. كما أن وفد معارضة الرياض ما يزال غارقاً في بناء حساباته وفق أجندات التنظيمات الإرهابية مستهدفاً ضرب الاتفاق الروسي الأميركي لوقف الأعمال القتالية في سورية وتعطيل أو تخريب العملية السياسية للحوار بين السوريين في جنيف. ما يحمل الجانب الأميركي مسؤولية تجاه ضبط أداء وحركة حلفائها ومن يغذونهم بالمال والسلاح وهو أمر تجاوز التوصيف إلى حيث أصبحت مواجهته مشروعة لكل أسماء الإرهاب وعناوينه فضلاً عن كونه مساراً يتوازى مع المسار السياسي الذي هو ضرورة لابد منها رغم محدودية النتائج التي أسفر عنها في محادثات جنيف مع الميسر الدولي دي ميستورا.
وعليه فإذا كانت الحرب على الإرهاب التي تتصدى لها سورية جيشاً وشعباً قائمة على مبادئ دولية وشرعية سورية لا يمكن تزويرها بدستور طائفي ولا بخيانات بعض حاملي الجنسية السورية ولا يمتلكها الطرف الأميركي، ولن تغير واقعها الاستعراضات المسرحية. فإن السؤال المطروح إلى متى يمكن لأميركا الاستمرار بغض الطرف عن الإرهاب السعودي والتركي، حيث يواصل السعودي العهر السياسي كما يمارس السفاح أردوغان البلطجة على الحدود السورية علماً بأن تحرير مدينة تدمر مقدمة لتحرير كل شبر في سورية، وكما أكد الرئيس بشار الأسد.. فإن السوريين إخوة في الحياة وفي الاستشهاد لا فرق بينهم ولا تفريق في اتجاهاتهم وأن النصر قادم لا محالة..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن