حديث عن مأساة تدمر … مأمون عبد الكريم: هناك خطة وطنية لإعادة تأهيل تدمر
| سوسن صيداوي – تصوير: طارق السعدوني
تحت عنوان «تراثنا.. هويتنا» وبرعاية وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف، أقيمت ندوة علمية بعنوان «مدينة تدمر الأثرية بين الواقع والآفاق» في خان أسعد باشا، وابتدأ الندوة المدير العام للآثار والمتاحف مأمون عبد الكريم موضحاً رؤية المديرية حول مدينة تدمر الأثرية، كما شرح ما آلت إليه بعد استرجاعها من أيدي الإرهابيين، وما قامت به الفرق المختصة من أعمال ترميمية وتوثيقية خلال الشهرين الماضيين.
المدير العام للآثار والمتاحف «الكل شاهد ماذا فعلت المنظمات الإرهابية وكيف قامت بأساليبها المدمرة والبعيدة عن منطق العقل والمعبرة عن كل ما يمكن أن يكون فكرا جاهلا أسود بتكسير الآثار، قمنا بمجموعة إجراءات بفضل مجموعة ذهبت إلى المكان مؤلفة من نحو ثلاثين مهندساً وآثارياً، لقد عشنا مأساة حقيقية في مدينة تدمر، فلم يكن هناك أي ظروف مساعدة لنا، بل عشنا ظروفا استثنائية بعدم وجود ماء ولا كهرباء ولا حتى طعام، وبقيت المجموعة في مدينة تدمر نحو الشهرين، وقامت المجموعة خلال المدة الزمنية المذكورة بعمليات التوثيق والإخلاء وما يمكن إخلاؤه، إضافة إلى مجموعة من الإجراءات الضرورية والاحترازية، وكانت مديرية الهندسة وجهات أخرى قامت بوضع لبنات أولى لرؤية وطنية لموضوع إعادة تأهيل مدينة تدمر، ولكي نكون واضحين لقد حدثت معركة إعلامية عالمية خاصة من بعض جهات فرنسية، محاولة إعطاء صورة بأننا نحن السوريين لم نعط معايير علمية وبأننا سنحول مدينة تدمر إلى حديقة ملاه أو «ديزني لاند»، بالطبع كانت العملية الإعلامية مسيسة، لكن نؤكد أنه ستكون هناك خطة وطنية من المديرية العامة للآثار والمتاحف، بالتعاون مع الشركاء الوطنيين، مثل: جامعة دمشق، هندسة العمارة والهندسة المدنية، إضافة إلى جهات أخرى كنقابة المهندسين، ووزارة السياحة، المحافظة والبلديات، مع كل الجهات الوطنية المعنية بقضية تأهيل مدينة تدمر وفق رؤية علمية تحترم القواعد العلمية المتبعة في إعادة تأهيل المدن بعد الحروب والأزمات، حيث سيتم احترام كل تلك الأمور، وبالطبع ومع عودة السلام إلى سورية وعند رصد الموازنات، وإذا كانت الخطة الوطنية مصدقة من قبل اليونيسكو، فسنكون بحاجة إلى نحو خمسة أعوام زيادة أو نقصان لترميم مبنيين وهيكل، فهذه المشاريع ستتم دراستها من قبل أصحابها سواء الإنشائيون أو المهندسون ومن خلال لجنة وطنية دولية وبإشراف اليونيسكو، ولابد من الإشارة إلى أن هناك تحركاً دولياً سواء من ألمانيا أو الاتحاد الأوروبي، وحتى من قبل روسيا، سواء على المستوى التقني أو المالي أو الفني، ومن كل القضايا هناك تحول دولي، ونحن سنسعى في المرحلة القادمة أن يكون هناك مرحلة لما يمكننا تسميته مرحلة «تنسيق الأدوار» حتى لا تكون هناك خسارة للوطن وخسارة للأموال في تشويه الحقائق والواقع، وأؤكد للجميع في خطة تدمر نحن ذاهبون وفق خطة علمية ستحترم مدينة تدمر كمدينة تاريخية، ولن يتم إدخال أي من الأمور المسيئة للعمل الوطني، فالمديرية تأسست منذ قرن من الزمن، ولدينا مئات من مشاريع الترميم ومئات من المهندسين والآثاريين، إضافة إلى آلاف من الأكاديمين المختصيين في قطاعات الدولة، وفق رؤيتنا ورؤية اليونيسكو سنمضي قدما بهذه الخطة، وهناك الكثير من الجهات التي تتعاون معنا وفق اختصاصها فعلى سبيل المثال جامعة دمشق من خلال قسم هندسة العمارة، وجّهت المهندسين الجدد من خلال مشاريع التخرج إلى «رؤية تدمر» والمحاولات الأولى ممتازة حيث كان هناك توجيه كامل لهذه القضية، وصحيح أننا لن نخرج على المعايير العلمية إلا أننا بحاجة إلى الزملاء وبحاجة إلى النصيحة، ونتمنى أن نكون بعقلية إيجابية في تعامل بعضنا مع بعض، رغم أننا جهات مختلفة إلا أننا لسنا جهات منفصلة، فمديرية الآثار هي ملك لكل السوريين وملك لكل العالم من خلال الإرث الحضاري الإنساني، إذا لدينا مسؤولية وطنية لتنسيق الجهود وعلى المستوى الدولي، وهناك تجاوب إيجابي معنا كبداية وانطلاقا من مدينة تدمر، بعدها إلى حلب والمناطق الأخرى، لن نستعجل في أعمال الترميم كما اتهمنا البعض، ولن نُدخل إضافات جديدة في مدينة تدمر فهذا أمر مستحيل، وحول قوس النصر الموجود في تدمر هناك كانت أصوات شاذة تدعي بأننا كمديرية المتاحف أو بأن الحكومة السورية سوف تستبدل قوس النصر القديم بقوس نصر جديد، ولكن ما أود توضيحه والتشديد عليه أنه تم الكلام علانية وتم النشر بأن هذا القوس سيذهب في نهاية المطاف إلى المدينة الحديثة، إلى الساحة التي استشهد فيها «خالد الأسعد»، ونؤكد أننا لن ندخل في الاستعجال، وسيتم طلب كل المشورات العلمية سواء السورية وحتى العالمية، فالعملية في تدمر جدّ معقدة وبحاجة إلى جهود كبيرة على كل المستويات، وبمجهود الجيش العربي السوري تم إنقاذ الآلاف والآلاف من القطع الأثرية، وبالطبع كان بقي بعض القطع الكبيرة التي لم يسعفنا الوقت لفكها وترحيلها قبل سقوط تدمر، ولأنه وبصراحة سقوط المدينة لم يكن متوقعاً لمديرة الآثار والمتاحف».
من جهته أوضح مدير شؤون المتاحف أحمد ديب خلال الندوة الأعمال التي قامت بها المجموعة سواء أكانت الأعمال من توثيق وإخلاء لمتحف تدمر مستعرضاً الأضرار التي أصابت المعالم الأثرية، شارحاً كيفية تدارك ما يمكن تداركه من هذه الكارثة «من خلال الصور التي تم عرضها في الندوة، بينت الأعمال التي قامت بها الفرق لتوثيق الأضرار التي طالت المدينة، حيث تمت الأعمال بالتعاون بين المديرية العامة للآثار والمتاحف، ومؤسسة الخاني التي قامت بالتوثيق باستخدام طائرة، كما قامت الفرق بالتوثيق في المدينة الأثرية وفي المتحف الأثري في مدينة تدمر، وقامت بأعمال إسعافية وإخلاء وتوثيق، ولابد من الإشارة إلى أن المديرية قامت بنقل مجموعة كبيرة من القطع الأثرية وكانت هذه العملية بتوجيه من الرئيس بشار الأسد، حيث تم تخصيص فرقة أو مجموعة من قوات الجيش العربي السوري، والتي قامت بنقل عدد كبير من التماثيل الأثرية المهمة من مدينة تدمر إلى المتحف الوطني بدمشق قبل دخول داعش إلى المنطقة الأثرية، ولكن نحن عند وصولنا إلى المدينة بعد تحريرها من الجيش العربي السوري، تبين لنا وجود أضرار كبيرة في البنية الإنشائية في المتحف وفي الجدران الخارجيه له، فقمنا بإغلاقه بشكل سريع من أ جل البدء بأعمال توثيق الأضرار فيه، وصحيح أن هناك أضراراً طالت تمثال أسد اللات إلا أنه من الممكن إعادة ترميمه من جديد رغم القيام بعمليات ترميم سابقة له».