ثقافة وفن

بانتظار التقليع

| اسكندر لوقا 

ليس بالأمر الجديد أن يرافق الإعداد لانتخاب الرئيس في الولايات المتحدة الأميركية وفي كل مرة، تقليع معين، إما بدافع السخرية أو بدافع التأييد. ففي العام 1987 على سبيل المثال، رافق المرشح للرئاسة الأميركية «جورج بوش» تقليع هو عبارة عن صنف خاص يباع في أكشاك بيع المثلجات يدعى «بوش آيس» أو «بوش» بتشديد الباء كفعل أمر أي ألمس. كذلك رافق المرشح عن الحزب الديمقراطي «غازي هارت» اسم عشيقته «دونا آيس» قبل أن يسحب ترشيحه. وكذلك فعلت إحدى الشركات بالمرشح «بول دول» عن الحزب الجمهوري إذ أطلقت عليه اسم «توب بانانا »، وإلى آخر هذه المنظومة من أنواع السخرية من هذا المرشح أو ذاك، بغض النظر عن التأييد أو عدمه، ولغاية محدودة هي تحقيق الكسب والربح.
وبطيعة الحال، ندرك أن هذه التقليعات لا تسوَّق بموافقة من المرشح للرئاسة لأن المرشح في الولايات المتحدة دائماً يقاد ولا يقود. وهذه الظاهرة لمسناها على مدار سنوات الرئاسة في الولايات المتحدة. وأحياناً، تستغل بعض الجهات المنافسة، بعضها الآخر، بالإشارة إلى العلاقات الخاصة للمرشحين قبل زمن الترشيح للرئاسة، فتتحدث عن علاقات مشينة في حياته، وقد لا تتردد بنشر صور ملتقطة تشير إلى جوانب من تلك العلاقات، فتؤثر في شعبيته سلبا بين الناخبين في الوقت المحدد للإدلاء بأصواتهم.
بالنسبة للمرشحين الطامحين بسدة الرئاسة في الوقت الراهن، وهما السيدة هيلاري كلينتون ومنافسها العتيد المستر ترامب، لا ندري بعد ما التقليع الخاص بكليهما أو بأحدهما الذي سنقرأ عنه مع اقتراب تاريخ التصويت في تشرين الثاني القادم، ولكن بدايات التراشق بالكلام بينهما حالياً لا بد أن تنبئ بشيء ما، عملا بالتقليد المتبع في مثل هذه المناسبات.
ومهما يكن من أمر فإن صراع الفيلة مع الحمير، هو جانب من هذه التقاليع التي ترافق مناسبات الترشيح لتبوؤ سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، ومن المتوقع أن تزداد فرص استثمار كل من هذين الحيوانين استثمارا له معنى، بشكل أو بآخر، مع اقتراب موعد التصويت على منصب الرئاسة الأميركية.
قد يجد البعض في مثل هذه الظاهرة، عنوانا للحرية والديمقراطية وسوى ذلك من عناوين الضحك على ذقون الناس، ولكن ذلك لن يكون الشاهد الحقيقي أو العملي على سيادة الحرية والديمقراطية في مجتمع سبق أن استغل ظروف ما بعد الحرب العالمية الأولى، فطرح نفسه آمرا في قلب القارة الأوروبية بما يملك من سلاح وعتاد وليس بفكر صاف باستثناء نتاج البعض من مثقفيه ومناضليه الحقيقيين من أجل الحرية والديمقراطية بحق. وأما الآخرون فهم ليسوا سوى صورة عن أي مرشح للرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية منقادا وليس قائدا. ومع ذلك يدعي أرباب السياسية في أميركا بأنهم الأرقى والأذكى من سواهم بين الأمم والآخرون أغبياء أو جهلة.
يقول المناضل الأميركي مارتن لوثر كينغ [1929 – 1960] إن أهل الجهل والتعصب دائماً يتهمون المستنيرين بالكفر والهرطقة.
وهذا هو منطق الأميركي الجاهل الذي يدعي المعرفة بكل شيء ولا يقرّ بجهله كل شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن