ثقافة وفن

تقديراً لهم على عطائهم الإبداعي والفكري … الفائزون بجائزة الدولة التقديرية لعام 2016

| وائل العدس

أعلنت وزارة الثقافة أسماء الفائزين بجوائز الدولة التقديرية، حيث منحت جائزة الأدب للكاتبة الدكتورة ناديا خوست، وجائزة الفنون للنجمة سلمى المصري، وللكاتب الدكتور محمد قجة جائزة النقد والدراسات والترجمة.
وبموجب الجائزة ينال كل فائز مبلغ مليون ليرة سورية إضافة إلى ميدالية ذهبية، على أن تقوم الوزارة بالاحتفال بالفائزين في وقت لاحق.
وأحدثت هذه الجائزة بناءً على المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2012 القاضي بإحداث جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية في مجال الأدب والفنون للمبدعين والمفكرين والفنانين تقديراً لهم على عطائهم الإبداعي والفكري.
«الوطن» ترصد لكم أهم محطات الفائزين عبر السطور التالية:

ناديا خوست
كاتبة وأديبة سورية ولدت في دمشق عام 1935، تلقت تعليمها في مدارسها العريقة، ودرست الأدب في جامعة دمشق وأكملت اختصاصها في جامعة موسكو بالأدب العالمي، وحصلت على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن من الاتحاد السوفييتي بعد حصولها على بكالوريوس الفلسفة من جامعة دمشق، وكانت أطروحتها بعنوان (أدب تشيخوف وأثره في الأدب العربي).
ساهمت ومنذ مطلع حياتها في الكثير من الأنشطة الأدبية، منها تأسيس ناد ثقافي، وساهمت في إصدار مجلة مدرسية، عملت مع آخرين في تأسيس رابطة الكتّاب الشباب.
بدأت كتاباتها في الستينيات وأصدرت أول مؤلفاتها وهي «أحب الشام» عام 1967، وهي عضو مؤسس في هيئة دمشق القديمة وعضو في لجنة البناء للجنة دمشق القديمة التاريخية، عملت للحفاظ على العديد من المباني التاريخية في دمشق، شاركت في مؤتمرات سورية ومؤتمرات عالمية عن قضايا المرأة وعن السلام.
تنتمي لجيل الستينيات في الأدب، هذا الجيل الذي اهتم ببناء شخصيته الذاتية والموضوعية، فحمل مسؤولية إثبات الهوية الوطنية والقومية، وأدرك أهمية دوره في العمل على تغيير الواقع وإعادة بنائه بصورة جديدة، وقد مثلت ومازالت إحدى الدعائم الأدبية والفكرية في سورية.
لها الكثير من المؤلفات، ومن مجموعاتها القصصية «أحب الشام» عام 1967، و«في القلب شيء آخر» 1979، و«في سجن عكا» 1984، ومن رواياتها «الهجرة من الجنة» 1989، و«الإمكان للغريب» 1990، و«حب في بلاد الشام» 1995، و«مملكة الصمت» 1997، و«أعاصير في بلاد الشام» 1997، ولها دراسة أدبية بعنوان «كتّاب ومواقف» عام 1983.
مجموعتها «في القلب شيء آخر» ارتبطت بأجواء معبأة بالحرب الأهلية اللبنانية، و«سجن عكا» ارتبطت بأجواء الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، وهناك مجموعات قصصية أخرى ارتبطت بأجواء أخرى.
استظلَّت خوست بعشق دمشقها.. المدينة التي تعطّرت بياسمينها وزنبقها ومختلف ورودها، والتي أعلنت أنها سليلة ليمونها وبرتقالها ونارنجها.. تعبق بهم فينسابون من مفرداتها انسياب الماء الرقراق المتناثر من بحرات بيوتها. ‏‏
وترى نفسها محظوظة لأنها ولدت في حي عريق ومتنور هو حي «ساروجة» الذي عاشت فيه مجموعة من الشخصيات المتنورة والمثقفة الذين تركوا في ذاكرتها الطفلية الانطباع الأول عن دمشق من دون أن تستطيع إدراك أهميتهم ودورهم حينها، ما كان له الأثر الكبير في توجهها للأدب.
وتقول عن دمشق: أراها جميلة كمدينة، ولا أراها جميلة تعصباً لأنني من دمشق، إنما لأنها كنز إنساني، ولذلك سجلت في سجل التراث الإنساني، وللأسف دمشق ليست داخل السور فقط، وإنما أيضاً الأحياء العربية خارج السور وفيها أيضاً جماليات خاصة رغم كل ما دمر منها، لذلك يجب أن نحافظ على هذا التراث ونحترمه كثروة معاصرة يجب أن تصان، خاصة في زمن صراع الهويات لأن الهوية هي شهادة تاريخية لنا أمام الصهيونية وأمام العولمة التي لا هوية لها.
تحدثت في أحد لقاءاتها عن المرأة في مسلسلات البيئة الشامية، فناقضتها واعتبرت أن «المرأة كان بيتها مملكتها، صحيح أنها لم تكن تعمل بشكل عام، لكن كان هناك عاملات بالسكاكر والحلويات، هي كانت حرة… تحكم أولادها واقتصاد بيتها ومال زوجها، وتحكم حتى العلاقات الاجتماعية»، ورأت أن هذا «الدور تراجع الآن لأن المرأة خرجت للعمل وأصبحت تقاسم الرجل بكل شيء، وهذا سلبها إلى حدّ ما هالة القداسة التي كانت تعيشها، وللحقيقة المرأة الآن تتحمل أعباء أكثر من الرجل لأنها لا تزال مسؤولة عن بيتها، وبخروجها للعمل زادت أعباؤها وقل احترامها لأنها تعمل».

سلمى المصري
نشأت في أسرة فنية دمشقية، فجدها هو عازف العود الشهير عمر النقشبندي، بدأت طريق الفن من خلال برامج الأطفال، بعدها انتقلت إلى أدوار الفتاة المراهقة وبعد مرحلة الثانوية كانت النقلة النوعية فقدمت بأعمال أكثر نضوجاً، وبدأت بعدها البطولات المطلقة.
بعد أن تخرجت في كلية الحقوق من جامعة دمشق دخلت عالم الأضواء والشهرة عام 1976 وانتسبت إلى نقابة الفنانين، وفي العام نفسه شاركت بالتمثيل في العديد من الأعمال.
وفي رصيدها ما يقارب مئة عمل درامي، إضافة إلى أعمال في المسرح والسينما، ومن أبرز المسلسلات الدرامية التي شاركت فيها: «الفصول الأربعة»، و«حمام القيشاني»، و«الطير»، و«مذكرات عائلة»، و«مرايا»، و«عائلتي وأنا»، و«أبناء القهر»، و«ذكريات الزمن القادم»، و«أشواك ناعمة»، و«بقعة ضوء»، و«كسر الخواطر»، و«حارة عالهوا»، و«الخبز الحرام»، و«نساء من هذا الزمن»، و«الجمل»، و«صلاح الدين»، و«العشق الحرام».
ومن مسرحياتها «كاسك يا وطن»، و«شقائق النعمان»، و«الملك لير»، و«زواج على ورق طلاق» و«لأ».
في الإذاعة شاركت في العديد من الأعمال التي لا يمكن حصرها، ولها في السـينما أفلام «مقلب من المكسيك»، و«الاتجاه المعاكس»، و«المتبقي»، و«الآباء الصغار»، و«العشاق»، و«الهوية».
حصلت على الكثير من الجوائز، منها جائزة أفضل ممثلة في مهرجان اتحاد الإذاعات العربية في تونس، وجائزة التميز والإبداع الذهبية من نقابة الفنانين في سورية، ونالت في مصر جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة التلفزيوني عن دورها في مسلسل «الجمل»، وفي أميركا جائزة العطاء من النادي السوري الأميركي في ولاية لوس أنجلوس، إضافة إلى جائزة كركلا التكريمية في مهرجان الجزائر السينمائي، وجائزة مهرجان دمشق السينمائي، وتكريم من اتحاد المنتجين العرب.

محمد قجة
ولد محمد قجة في عام 1939 في مدينة حلب لعائلة عريقة، عاش طفولته كمعظم الأطفال في تلك الأحياء الشعبية، وكان الكتاب مدخله الأول لنهل العلم والمعرفة من خلال دروس تحفيظ القرآن، ومن ثم تدرج في تحصيله العلمي متنقلاً بين حلب ودمشق والجزائر، فنال شهادة دراسات عليا في تاريخ الأندلس وبلاد الشام من جامعة الجزائر، وإجازة في الأدب العربي، ومؤهلاً تربوياً من جامعة دمشق، قبل أن ينخرط في الحقل التربوي بين مدرس للغة العربية ومدير لعدد من المدارس الثانوية الحكومية والخاصة، وفي عام 1974 انتسب إلى جمعية العاديات التي أسست في عام 1924 وهي أقدم جمعية في العالم العربي تهتم بالتراث والآثار وفي عام 1994 انتخب رئيساً لهذه الجمعية وما زال رئيساً لها حتى يومنا هذا، إلا أن المحطة الأبرز كانت عمله مديراً لثانوية المأمون العريقة، كما يقول: شاءت المصادفة أن أكون مديراً لها في العام ذاته لمرور الذكرى الماسية لتأسيسها (75 عاماً).
انطلق في حقل الإعلام والصحافة، حيث كان له العديد من المشاركات من كتابات ومقالات في عدد من الصحف والدوريات وإعداد برامج في عدد من الاذاعات والتلفزيونات المحلية والعربية.
يعد الدكتور قجة من أهم الباحثين والدارسين للتاريخ العربي والإسلامي وهو أيضاً مفكّر وشاعر وأديب.
شغل عمره بخدمة قضايا الثقافة العربية الأصيلة والدفاع عن ثغورها المهددة، وتسلم عدة مناصب منها: «الأمين العام لاحتفالية ‎حلب عاصمة الثقافة الإسلامية»، و«رئيس لجنة السجل الوطني للتراث الثقافي غير المادي»، و«رئيس ‎جمعية العاديات في ‎سورية»، و«المستشار الثقافي لمحافظة حلب»، و«رئيس التحرير والمدير المسؤول لمجلة العاديات الفصلية وكتاب عاديات حلب- السنوي».
له مئات الدراسات والبحوث في الدوريات، إذ تحوي مكتبته المنزلية ما يزيد على اثني عشر ألف عنوان، عدا مؤلفاته التي تجاوزت العشرين كتاباً في الدراسات الفكرية والتاريخية والأدبية عن «بلاد الشام والأندلس».
ألقى العديد من المحاضرات في أكثر من 46 دولة حول العالم، إضافة إلى نشر الكثير من الدراسات والمقالات والأبحاث في مختلف المجلات والجرائد السورية والعربية.
ومن مطبوعاته من الكتب والدراسات: «الظاهر بيبرس»، و«طارق بن زياد»، و«معركة المنصورة»، و«محطات أندلسية»، و«الحياة الفكرية في حلب في العهد الأيوبي» و«المتنبي في حلب».
ومن الصعب بمكان الإحاطة بعطاءات وإنجازات الباحث الموسوعي الأستاذ محمد قجة، في ميادين الفكر والأدب والفن والتاريخ والثقافة، حيث يشكل قامة إبداعية في تلك المجالات عزّ نظيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن