سورية

وسط تحفظ روسي ومصري.. مؤشرات إيجابية تركية جديدة تجاه موسكو ودمشق والقاهرة

يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قرر العودة إلى سياسة «صفر مشاكل» لكن من دون منظرها أحمد داود أوغلو، الذي أرسل خليفته في رئاسة الوزراء التركية بن علي يلدريم أكبر إشارات ودية إلى دمشق وموسكو والقاهرة من أجل إعادة علاقاتها مع أنقرة إلى «مستواها الطبيعي».
ولم تصدر دمشق أي رد على الإشارات التركية. وقبل أيام، طالبت وزارة الخارجية والمغتربين مجلس الأمن الدولي بمحاسبة تركيا وقطر والسعودية على دعمها للتنظيمات الإرهابية وذلك في رسالة وجهتها عقب التفجيرات التي هزت مدينة السيدة زينب. وتوعد الرئيس بشار الأسد في كلمة أمام مجلس الشعب مؤخراً، بهزيمة أردوغان هزيمة ساحقة في حلب، التي ستكون «مقبرة» لأحلامه العثمانية في سورية. وطرأ تحول على الخطاب التركي تجاه روسيا وسورية، بعد إقصاء داود أوغلو مهندس سياسة «صفر مشاكل». وهو ما يؤشر إلى تبلور رغبة لدى أردوغان في تهدئة التوترات التي جلبتها سياساته وداود أوغلو مع دول الجوار التركي خلال السنوات الخمس الماضية. ويبدو أن السلطان أردوغان قرر التضحية بصدره الأعظم السابق، داود أوغلو، لإقناع الأطراف الخارجية بجديته وإخلاصه في تنفيذ التحول المطلوب.
وسمحت سياسة «صفر مشاكل» لتركيا، وخلال عقد من الزمن، ببناء علاقات ممتازة مع جميع دول جوارها من روسيا والعراق وإيران وسورية واليونان وأرمينيا. وانقلبت هذه السياسة رأساً على عقب جراء الموقف التركي من سورية، والذي أسفر عن توترات مفتوحة مع دمشق وموسكو وطهران وبغداد، حتى بات يطلق على هذه السياسة في تركيا من باب التندر «صفر جوار».
وخطا أردوغان وصدره الأعظم الجديد خطوة أولى الأسبوع الماضي في اتجاه موسكو، عندما أرسلا برقيتي تهنئة إلى نظرائهم الروس بمناسبة العيد الوطني لروسيا. ولم تجد الخطوة الصدى الذي توقعه صناع القرار التركي لدى نظرائهم الروس. وقبل أيام تحدث يلدريم عن ضرورة تقليل المشاكل مع الجوار. وانتقل أول من أمس إلى الصراحة معلناً عن ضرورة إعادة العلاقات بين تركيا من جهة وكل من سورية ومصر وإسرائيل وروسيا من جهة أخرى إلى مستواها الطبيعي، بذريعة أنه «لا يمكن البقاء في حال عداء دائم» مع تلك الدول المحيطة بالبحرين الأسود والمتوسط، مشيراً إلى أن حكومته قامت بعدد من «الخطوات لتحسين العلاقات مع هذه الدول» من دون أن يوضح ماهية تلك الخطوات.
وأكد رئيس الحكومة التركية عزم بلاده على منع أي ممر كردي في شمال سورية والعراق باتجاه المتوسط، قائلاً: «[تركيا] لن تسمح بتحقق هذا الأمر على الإطلاق»، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. وأكد مسؤولون في حزب العدالة والتنمية الحاكم أنه وبغض النظر عن الموقف التركي من الحكومة السورية، فإن هذه الأخيرة تعارض أي مشروع لإنشاء إقليم كردي في شمال البلاد، وهو أمر تتلاقى فيه دمشق مع أنقرة تكتيكياً. وتتخوف كل من سورية وتركيا من وجود مساعٍ وخطط غربية لإقامة هذا الإقليم تحت غطاء محاربة تنظيم داعش، وكلتاهما تتوجسان عميقاً من تواجد قوات غربية (أميركية فرنسية ألمانية) في شمال سورية وتنسيقها معارك قوات سورية الديمقراطية ضد مسلحي التنظيم المتطرف في مدينة منبج بريف حلب، وقبلها في تل أبيض وبقية مناطق ريف الرقة وسد تشرين والشدادي بريف الحسكة.
وترددت أنباء عن عقد لقاء بين مسؤولين سوريين وأتراك في الجزائر. ولم ينفِ أي من الجانبين هذه الأنباء.
كما دعا يلدريم إلى تطوير العلاقات التجارية بين مصر وتركيا مشيراً إلى إمكانية تطوير العلاقات بينهما على الصعيد السياسي والاقتصادي على الرغم من محافظته على موقف أردوغان من الحكم القائم في مصر. وانتقد أردوغان ثورة 30 يونيو التي تفجرت على حكم الرئيس السابق محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، ووصف ما جرى بـ«الانقلاب»، وهو وصف كرره يلدريم يوم الجمعة.
واستقبلت الأوساط المصرية تصريحات يلدريم بتحفظ وطالبوا بأفعال لا أقول. ودعا نواب مصريون إلى أفعال من جانب السلطات التركية من خلال وقف استضافة عناصر الإخوان داخل أراضيهم، ووقف هجوم أردوغان المستمر ضد القاهرة، وأن تعيد تركيا رسم سياستها في الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن