سورية

في حديث لـ«الوطن».. وصف العلاقات بين البلدين بـ«الجيدة».. وكشف عن دعوة للمعلم لزيارة بغداد.. وأرجع النزاعات في المنطقة إلى «تصارع المصالح الدولية» … القائم بالأعمال العراقي في سورية: موقفنا من سورية قرار وطني ولا نخشى استفزاز الولايات المتحدة أو السعودية

| جانبلات شكاي

اعتبر القائم بالأعمال في السفارة العراقية في سورية رياض حسون الطائي أن التوتر والنزاعات في المنطقة سببها «تصارع المصالح الدولية» وليس فقط الأسباب الداخلية.
وفي مقابلة مع «الوطن» وصف الطائي العلاقات بين العراق وسورية بأنها «جيدة ومتطورة»، وكشف عن دعوة موجهة لوزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم لزيارة العراق.
ورأى الطائي أن إعادة إحياء مشاريع الربط بين سورية والعراق وإيران «جائزة مادامت تخدم مصالح شعبنا في سورية والعراق»، وقال: إن «أي تقدم اقتصادي مرهون بالاستقرار الأمني وعودة الاستقرار إلى البلدين يعزز الكثير من المشاريع الاقتصادية والتجارية بينهما». وأوضح أن سيطرة تنظيم داعش على المناطق الحدودية بين البلدين أدت إلى توقف التجارة بين البلدين وانخفاض التبادل التجاري إلى حد كبير لا يذكر بالمقاييس التجارية ومقارنة بما كانت عليه قبل عام 2014.
وشدد الطائي على أن «موقفنا مع سورية قرار وطني ومستقل وسيادي»، مؤكداً أنه «لا نضع في حساباتنا ولا نخشى استفزاز الولايات المتحدة أو السعودية».
وفيما يلي نص المقابلة…
نتأمل استئناف عملية التبادل التجاري

 حقق الجيش العراقي والحشد الشعبي إنجازات واضحة على الأرض في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي فكيف يمكن أن تنعكس هذه الإنجازات على العلاقات بين البلدين وهل يمكن أن تدفع إلى إعادة فتح المعابر الحدودية؟
 بعد سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي على محافظتي الأنبار والموصل انقطعت كل طرق المواصلات التي كانت تربط بين البلدين ويتم عبرها التبادل التجاري، وبعد أن يتم إنجاز تحرير الأنبار والخط الدولي السريع بين البلدين المار عبر معبر التنف الوليد على الحدود العراقية السورية، نتأمل إن شاء اللـه أن تستأنف عملية التبادل التجاري، وهناك جهود مبذولة من الجهات المعنية في هذا الجانب، وننتظر اللحظة المناسبة لاستئناف التبادل التجاري وبما ينعكس إيجابا في ازدهار البلدين، وذلك مرتبط باستكمال العمليات العسكرية بعد تحرير مدينة الفلوجة ومن ثم تطهير الطريق الدولي بشكل كامل، واعتقد أن هذه المسألة لن تطول لأكثر من بضعة أسابيع.
 هل بحث معكم الجانب السوري إمكانية تخفيف الحصار عن محافظة الحسكة مستفيدين من العمق العراقي لإدخال بعض المنتجات إليها وإخراج الحبوب عبر العراق إلى مراكز الاستهلاك في دمشق؟
 هذه من الأمور التي يمكن الاتفاق عليها بعد استئناف عمليات الاستيراد والتصدير مع الجهات المعنية في وزارة التجارة العراقية ضمن تجارة الترانزيت، ولا يوجد أي إشكال في هذا الجانب.

مستوى التبادل التجاري سيعود إلى سابق عهده

 كانت العراق الشريك التجاري الأول لسورية حتى عام 2011 قبل الأزمة، وكان حجم التبادل التجاري يصل إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار، فما وضع التبادل التجاري بين البلدين حاليا؟
 بعد سيطرة «داعش» على محافظتي الأنبار والموصل أغلقت معظم المنافذ الحدودية وتوقفت التجارة بين البلدين فانخفض التبادل التجاري إلى حد كبير ولا يذكر بالمقاييس التجارية ومقارنة بما كانت عليه قبل عام 2014، ولا توجد إحصائية دقيقة لمستوى التبادل التجاري حالياً لكنها في مستوى متدنٍ وستعود إلى سابق عهدها إن شاء الله.
 يعتقد البعض أن اشعال نار الحرب في كل من العراق وسورية كان مرده الأساس المشاريع التي بدأ البلدان يعملان عليها، إلى جانب إيران، من قبيل الوصل بين البحار الثلاث، سواء عبر سكك الحديد أو أنابيب وشبكات الطاقة والاتصالات، لخلق إقليم اقتصادي، فهل هذه هي أسباب الحرب في سورية والعراق وهي بالتالي لعبة دولية تتعلق بالطاقة، أم هي، كما يتم الترويج، تتعلق بمواضيع داخلية بحتة؟
 إن التأجج في المنطقة له أسباب ودواعٍ كثيرة دخلت فيها مصالح ومخططات دولية، وكلنا نذكر مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي طالعتنا به الولايات المتحدة. إن تصارع المصالح الدولية بالتأكيد هو سبب النزاعات وليست فقط الأسباب الداخلية كما يعتقد الكثير من المراقبين لشؤون المنطقة.
إن موضوع الربيع العربي وغيره، كلها تداخلت فيها عوامل إقليمية ودولية، وما تسارع القوى الدولية للوجود في المنطقة إلا مؤشر على أن المسألة ليست داخلية فقط وإنما لها أبعاد دولية.

تأجيج الصراع الطائفي في المنطقة له أبعاد دولية

 إذاً هل يمكن القول إن سبب أزمات المنطقة هي عوامل دولية منها الصراع على المنطقة وتم تحميلها على قضايا داخلية؟
لا تبتعد المخططات الدولية عن المنطقة لأن الحديث حالياً يجري عن تقسيم العراق وسورية وهذه ليست أبعاداً داخلية إنما أبعاد دولية، وأيضاً فإن تأجيج الصراع الطائفي في المنطقة له أبعاد دولية، وبالتالي فإن العوامل الدولية تداخلت مع العوامل الداخلية، وعمد العامل الدولي على استغلال التحرك الداخلي واستغلت بعض الدول عملاء لها في الداخل لتأجيج هذا النزاع أو الصراع خدمة لمصالحها.

أي تقدم اقتصادي مرهون بالاستقرار الأمني

 ما مصير مشاريع الربط بين دول المنطقة، هل تبخرت، أم إن زيادة التنسيق بين الدول الثلاث على المستويات كافة هي السبيل لإخراج العراق وسورية من الأزمة؟
لا أعتقد أن دولا معينة، سواء كانت جارة أو غير جارة، ، ستسمح بإقامة أي تشكيل وتنظيم جديد يهدد مصالحها، بالتأكيد لن تقف هذه الدول مكتوفة الأيدي وستتحرك لإفشاله من أجل الحفاظ على مصالحها، ولكن إعادة أحياء هذه المشاريع جائزة ولم لا مادامت تخدم مصالح شعبنا في سورية والعراق، وأي تقدم اقتصادي مرهون بالاستقرار الأمني وعودة الاستقرار إلى البلدين يعزز الكثير من المشاريع الاقتصادية والتجارية بينهما.

ستون ألف عراقي في المدن السورية

 لطالما كانت سورية بلد اللجوء الأول للعراقيين خلال العقود الماضية، ووصل عدد العراقيين في مرحلة إلى نحو مليونين تقريبا، لكن العدد تراجع كثيراً مع اندلاع الأزمة السورية، فما تقديراتكم حول عدد العراقيين حالياً في سورية، وأين يقيمون، وما الخدمات التي تقدمها سفارتكم لهم أو للسوريين الراغبين في زيارة العراق؟
قبل عام 2011 كان عدد العراقيين في سورية نحو مليونين ومعظم هؤلاء لجؤوا إلى دولة ثالثة، وقسم منهم عاد إلى العراق، أما الآن فتراجع العدد إلى ستين ألف عراقي موزعين على المدن السورية، والسفارة على اتصال دائم معهم ونقدم لهم كل الخدمات القنصلية.
كما أن لدينا مخيمات للاجئين العراقيين في محافظة الحسكة في مناطق سيطرة الإخوة الأكراد (حزب الاتحاد الديمقراطي)، وأقامت هذه المخيمات مفوضية اللاجئين، والموجودون فيها مسجلون لديها وهي تشرف عليها مباشرة.
فهناك مخيم تم إنشاؤه بعد عام 2014، وثان يسمى «مخيم نوروز» يقدر عدد الموجودين فيه بنحو 1500 عائلة ومعظمهم من الإخوة الأيزيديين الذين هربوا من تنظيم «داعش» بعد سقوط الموصل وسنجار.
كما أن لدينا مخيماً حديثاً آخر يسمى «مخيم روج» وفيه نحو 500 إلى 600 عائلة معظمهم من أهالي محافظة الموصل الهاربين من تنظيم «داعش» الإرهابي.
وقبل نحو أكثر من أسبوعين حصلت موجة نزوح جديدة من الموصل وتقدر بنحو 2500 إلى 3000 شخص موجودين حالياً بمنطقة قريبة من اليعربية.

دعوة للمعلم لزيارة العراق

يسجل للحكومة العراقية أنها ظلت من الدول العربية القليلة جداً التي وقفت إلى جانب الدولة السورية في المحافل العربية قولا وفعلا، ولكن ظاهريا لا تنعكس تلك السياسات على حركة دبلوماسية رفيعة المستوى بين العاصمتين، فكيف يمكن تفسير الأمر؟
موقف العراق منذ بداية الأزمة كان مبدئياً ويعبر عن رؤية مستقبلية وقراءة صحيحة، وكان موقفنا ثابتاً ضد موضوع تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، ورافضاً وقاطعاً لمنح مقعد سورية لما يسمى المعارضة السورية والائتلاف الوطني المعارض بشدة لأننا نعتبر أن هذه الخطوة غير صحيحة من الناحية السياسية ولا من الناحية الدبلوماسية، ومنح المقعد للمعارضة يشكل سابقة خطيرة على دول الجامعة العربية.
استمر موقف العراق ثابتاً بهذا النهج وقد كنا نلام عليه عامي 2011 و2012، إلا أن تطورات الأحداث أثبتت صحة موقفنا.
وعلى مستوى العلاقات الدبلوماسية بات التنسيق الآن أكثر من السابق، وعلاقاتنا جيدة ومتطورة، وكانت آخر زيارة لوزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري إلى سورية في آذار عام 2015، وبعدها جاء إلى دمشق في حزيران وزير الري العراقي.
ثم إن زيارات المسؤولين ترتبط بموضوع أجندة كل منهم وتطورات الوضع في العراق تفرض نفسها فنحن أيضاً نخوض حرباً والعراق ليس مستقراً بشكل كامل، والمسؤولون مشغولون بالوضع السياسي الداخلي، وأيضاً الحال ذاتها بالنسبة لسورية، وأعرف أن هناك دعوة موجهة لوزير الخارجية (والمغتربين) وليد المعلم لزيارة العراق وسيتم تحديدها في أي وقت يرغب سيادته لتحقيق هذه الزيارة ووسائل الاتصال مستمرة وغير منقطعة ولا يوجد أي مؤشر على تراجع العلاقات السياسية بين البلدين.
إن الإعلام والصحافة قد تحكم على العلاقات من خلال بعض المظاهر إلا أن هذا غير صحيح، والتواصل المباشر بين المسؤولين في البلدين موجود، ففي أكثر من مؤتمر واجتماع دولي التقى فيه وزير الخارجية الجعفري والمعلم.

موقفنا مع سورية قرار وطني ولا نخشى استفزاز أميركا أو السعودية

 أي لا يوجد هناك شيء مقصود في عدم إظهار متانة العلاقات بحجة أنها قد تستفز الأطراف المعادية للدولتين؟
هذا غير صحيح، وليس في حساب العراق ما تقصده، وأؤكد لك أنه لا يوجد شيء كهذا لأن العراق لو يضع بحساباته ما تفضلت به لما اتخذ مواقف كثيرة وآخرها موقف وزير الخارجية الجعفري في اجتماع الجامعة العربية عندما رفض تسمية الحشد الشعبي وحزب اللـه بالإرهابيين واتهامهما بالإرهاب.
نحن لا نضع في حساباتنا ولا نخشى استفزاز الولايات المتحدة أو السعودية، وموقفنا مع سورية قرار وطني ومستقل وسيادي لا علاقة له بأي إملاءات دولية أخرى. تواجه سورية والعراق عدوا واحدا يتجسد بالإرهاب «المدعوم والمتبنى» من دول تتهم حركات المقاومة الإسلامية (الحشد الشعبي وحزب اللـه)، كما أعلنه وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في كلمته خلال الاجتماع الوزاري العربي في آذار الماضي، ما دفع الوفد السعودي إلى الانسحاب من جلسة الاجتماع.

السعوديون يعترفون بجهات داخل البلاد تدعم المنظمات الإرهابية

كيف تقيمون العلاقات اليوم بين بغداد والرياض التي لطالما عملت على التدخل بشؤون الدول الأخرى؟ وهل لدى الحكومة العراقية ما يؤكد تبني وتمويل الرياض لـ«داعش» وغيرها من التنظيمات الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حملات التبرعات؟
العلاقات بين العراق والسعودية علاقات طبيعية ولدى السعودية سفير في العراق ولدى العراق سفير في السعودية والاتصالات بين المسؤولين موجودة والزيارات متبادلة لبعض السادة السياسيين، إلا أن الموضوع الذي حصل في اجتماع الجامعة العربية يعبر عن وجهة النظر العراقية الصحيحة لأن موضوع الإرهاب لحد الآن لا يوجد تعريف دولي له ولم تتفق الدول على من هو الإرهابي ومن غير الإرهابي.
إن عملية خلط الأوراق بهذه الطريقة واتهام الحشد الشعبي وحزب اللـه بالإرهاب، له دوافع سياسية وإطلاق مثل هذه التهم لا تستند إلى رؤية صحيحة، ولكبح جماح هذه الاتهامات طالب وزير الخارجية العراقي داخل الاجتماع من الدول التي تروج لمثل هذه الادعاءات أن تكف عن ذلك لأنه قد تكون لهذه الدولة بصمات مباشرة أو غير مباشرة هي بدعم الإرهاب، والدليل على ذلك أن المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية السعودية صرح قبل أيام بأن بعض الجهات الموجودة في السعودية وتحت مسمى إقامة جمعيات مدنية لدعم أطفال الفلوجة ونازحي الفلوجة تقوم بتأمين دعم للتنظيمات الإرهابية وتنظيم «داعش»، وهذا اعتراف صريح من وزارة الداخلية السعودية. في المقابل لا يوجد لدى العراق أي دليل رسمي وقاطع على أن السعودية كدولة أو كحكومة أو كجهات رسمية تدعم الإرهاب، إلا أنه باعتراف السعوديين أنفسهم هناك جهات داخل السعودية فاعلة ومؤثرة تدعم المنظمات الإرهابية وتغذيها تحت شعار المساعدات الإنسانية.
وجاءت مساعدات من السعودية بشكل رسمي قبل أكثر من أسبوعين أو ثلاثة عبر طائرات وصلت إلى بغداد لتقديمها إلى الإخوة النازحين وتم الكشف عليها ولم تكن تحتوي أي أسلحة.
أما الأمور الأخرى التي قد تصل بصورة مهربة بعيداً عن أنظار الدولة وقوات الأمن فهذه تتضمن تهريب السلاح والمخدرات والمساعدات لتنظيم «داعش» الإرهابي وهي تصل بسهولة وخصوصاً لوجود مساحات واسعة غير مسيطر عليها من الحدود تبلغ آلاف الكيلومترات.
عقد اجتماع بين وزراء دفاع سورية وإيران وروسيا قبل أيام في طهران، بغياب العراق، على الرغم من أن الدول الأربع كانت قد شكلت مركزا للتنسيق في بغداد سابقا، فهل هناك من مستجدات دفعت لغياب بغداد؟
وجهت الدعوة إلى وزير الدفاع العراقي للمشاركة إلا أنه وبسبب انشغاله في موضوع الحرب الدائرة حالياً وخاصة في منطقة الفلوجة وعلى القواطع القريبة من محافظة الموصل لم يتمكن من حضور هذا الاجتماع
ألم يكن بالإمكان إرسال مندوب آخر؟
كل القادة العسكريين مشغولون بمعركة مصيرية حالياً وقد يكون وجودهم في ساحة المعركة يخدم أكثر من حضورهم الاجتماع، ولا توجد أي أسباب أو مواقف سياسية أو تراجع في التنسيق.

مركز التنسيق الرباعي ما زال مفتوحاً

 وهل مركز التنسيق الرباعي الذي تم إنشاؤه في بغداد مازال يعمل؟
المعلومات المترشحة عن موضوع مكتب التنسيق الرباعي جداً قليلة ونحن في وزارة الخارجية بعيدون عن الموضوع، لكننا نعلم أن مكتباً أنشئ والتنسيق الاستخباراتي موجود والمكتب ما زال مفتوحاً والهدف منه مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي.
إن المكتب موجود بموجب الشرعية والقرارات الدولية التي توجب على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التصدي لتنظيم «داعش» الإرهابي وتؤكد ضرورة التنسيق بين الدول على مواجهة التنظيم.
ألا تتم زيارات متبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين، وأنتم كسفارة من ينسق لمثل هذه الزيارات؟
نحن كسفارة بعيدون كل البعد عن هذا الموضوع وحتى كوزارة خارجية.
لوحظ تراجع كبير على المستوى الإعلامي لتغطية نشاطات مكتب التنسيق الرباعي مقارنة بازدياد كبير لتغطية نشاطات المركزين الجديدين في حميميم باللاذقية وفي عمان بالأردن، فهل هذا على حساب ذلك؟
لا يوجد شيء يحدث على حساب آخر، وكل مركز يعمل ضمن الأسباب الموجبة التي تم إنشاؤه من أجلها، والتنسيق ضروري جداً بين الدول التي تعاني من إرهاب «داعش»، وأي دولة أو جهة تمد يد العون للعراق وأعتقد حتى إلى سورية لمواجهة هذا التنظيم، أعتقد أنها مسألة مرحب بها.
وأيضاً في إطار هذا التنسيق، كان هناك مشروع آخر يتعلق هذه المرة بوزراء الداخلية، فأين أصبح هذا المشروع هل توقف أو جمد؟
لم يجمد هذا المشروع، وأيضاً من أحد أسباب التأخر به هو انشغال الجهات الأمنية العراقية بموضوع الوضع الداخلي ومواجهة الإرهاب، وأعتقد أن هناك اتصالات مع وزارة الداخلية السورية لعقد هذا الاجتماع والموضوع مؤجل لحين استكمال كل العمليات العسكرية وطرد تنظيم «داعش» من العراق. إن كل القادة الأمنيين والمسؤولين مشغولون على مدار الساعة وحتى رئيس الوزراء حيدر العبادي حاضر يومياً في ساحة المعركة في الفلوجة وهذا يغلب ويطغى على موضوع الذهاب إلى اجتماع.

لا توجد أي ضغوط خارجية على القرار العراقي

 إذاً لا يمكن رد تراجع الحديث بالتنسيق سواء على مستوى وزراء الداخلية أو على مستوى التنسيق الرباعي عبر مركز بغداد، إلى ضغوط خارجية أو إلى توتر العلاقات بين الدول الأربع؟
أؤكد أنه لا توجد أي ضغوط خارجية على القرار العراقي.
تخوض سورية والعراق حرباً مشتركة ضد الإرهاب وضد «داعش»، فهل لهذه الحرب أن تتطور إلى تنسيق عسكري وخصوصاً عند المناطق الحدودية؟ وحتى التنسيق الجوي؟
لا استطيع الحديث عن التنسيق على مستوى العمليات الجوية المشتركة لأنه موضوع سابق لأوانه، وحسب المعلومات المتوافرة لدينا، فإن هذا التنسيق على مستوى سلاح الجو غير موجود. أما موضوع التنسيق بين القوات البرية والعسكرية فإنه عندما كانت الحدود بين البلدين مسيطراً عليها ولم تسقط بيد تنظيم «داعش» الإرهابي، كان هناك تنسيق بين قوات حرس الحدود السوري والعراقي، وتعقد اجتماعات مشتركة لمثل هذا التنسيق والتعاون والإشراف الأمني بين البلدين، وزالت هذه المسائل بعد سيطرة «داعش» على معظم الحدود التي تربط بين البلدين، ولكن إن شاء اللـه وبعد تحرير الرقة والموصل واستكمال تحرير الأنبار وسيطرة القوات الحكومية على الحدود بين البلدين، فستعود الأمور إلى سابق عهدها وسيتم حينها التنسيق.

وجود مقاتلين عراقيين في سورية ليس عملاً رسمياً هو عمل تطوعي

 هناك قوات رديفة للجيش السوري من العراق تحارب إلى جانبه في بعض المناطق السورية فهل هذا يتم عبر تنسيق رسمي؟
 إن وجود مقاتلين عراقيين على الأرض السورية هو بدافع تطوعي بحت وخاصة أنه عندما بدأ تنظيم «داعش» الإرهابي يهدد المراقد المقدسة في سورية هب قسم من المتحمسين من الشعب العراقي للتطوع إلى جانب القوات السورية للدفاع عن هذه المراقد المقدسة في سورية. ولا يوجد أي تنسيق وعمل رسمي في هذا المجال وهو عمل تطوعي بحت.
بلدة السيدة زينت قرب دمشق هي من المناطق التي تعرضت أخيراً لعدد من العمليات الإرهابية الانتحارية، فهل سقط خلال هذه التفجيرات شهداء عراقيون؟
حسب معلوماتنا فإن آخر انفجار حصل وجرح خلاله ثلاثة عراقيين من زوار العتبات المقدسة وهم امرأة ورجلان، على اعتبار أن الزيارات الدينية إلى المراقد المقدسية مستمرة من العراقيين جوا.
ألا توجد لديكم أي إحصاءات عن عدد الشهداء العراقيين من المتطوعين للقتال إلى جانب الجيش السوري؟
السفارة بعيدة عن هذا الموضوع ولا تتوافر لدينا أي معلومات بهذا الشأن.

قرار تحرير الموصل قرار عراقي بحت

 مسؤولون أميركيون يستبعدون طرد «داعش» من الموصل والرقة قبل نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما، وعراقيون أعلنوا أن العام الجاري سيشهد طرد التنظيم من الموصل، فهل هذا مؤشر على عدم تطابق في الرؤى بين واشنطن وبغداد؟
إن الولايات المتحدة تعيش حالياً مرحلة انتخابية تتخللها شعارات وادعاءات كثيرة بعضها واقعي وبعضها بعيد عن الواقع. وقرار تحرير الموصل قرار عراقي بحت، والإرادة العراقية مصرة على تحرير كل شبر من أرض العراق من تنظيم «داعش» الإرهابي، والشعب العراقي تواق للتحرير اليوم قبل الغد، ولا يوجد أي تأجيل لتحقيق هذا الهدف، وليتحدث الآخرون كما يريدون فهذا شأنهم. والقوات العراقية التي دخلت الأنبار وحررتها لم تكن بإرادة أميركية وإنما بإرادة عراقية مئة بالمئة والإرادة العراقية حالياً المتوجهة لتحرير الموصل تتحرك إن شاء اللـه بأسرع وقت وستكون تلبية لإرادة عراقية وليس تحت شعارات انتخابية لأحد.
شهدت بعض المدن الغربية أخيراً أكثر من هجوم إرهابي تبناها تنظيم «داعش» فهل يمكن للغرب استخدام هذه العمليات لتنفيذ أجندات غربية في منطقتنا؟
 إن تنظيم «داعش» الإرهابي ليس وليد اليوم فمنذ عام 2003 وإلى اليوم نعيش تحديات مع هذه التنظيمات الإرهابية وجاءت تحت مسميات مختلفة، ومنذ تلك الفترة حصلت حملات انتخابية في الولايات المتحدة وذهب رئيس وجاء غيره وظلت التنظيمات الإرهابية موجودة ولم تختلف نشاطاتها من تنظيم القاعدة بزعامة المقبور أبو مصعب الزرقاوي، إلى التوحيد والجهاد، والتنظيم في بلاد الرافدين، إلى تنظيم الدولة اللاإسلامية التي يتزعمها الإرهابي أبو بكر البغدادي، وبالتالي فإن العمليات الإرهابية مستمرة وغير مرتبطة بالحملات الانتخابية الأميركية.
إن انتشار هذا السرطان الذي يهدد كل دول العالم، إنما هو دليل على أن هناك من يغذي الإرهاب لتأجيج الصراعات وخلق مسوغات للتدخل الدولي بالدول الأخرى.
هل يمكن استغلال عملية فلوريدا كمسوغ لدفع الإدارة الديمقراطية لمزيد من التدخل بالمنقطة؟
إن التدخل بالمنطقة لا يتم عبر رغبة أشخاص وإنما هناك قرارات دولية لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي وجبهة النصرة وتنظيمات القاعدة وتفرعاتها، أي هناك قرارات دولية والدول تتحرك تحت هذا الإطار. نحن نسمع عن وجود قوات فرنسية وألمانية مؤخراً ولكن كل هذا قد يأتي ضمن القرارات الدولية لمكافحة الإرهاب لأن تلك القرارات تلزم جميع الدول بالتعاون والتنسيق لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي والتأخر عن مكافحة ومواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي هو تقصير بالالتزامات الدولية. نحن لا نستغرب أن تنتفض دول غربية لمواجهة «داعش» لأن هناك قرارات دولية في هذا الخصوص وإنما نستغرب من التأخر في القيام بأي دور لمواجهة هذا التنظيم الإرهابي؟
وماذا عن الدول التي تساعد أو تغض النظر عن وصول مساعدات لهذا التنظيم؟
هذا شأنها وهي تتحمل مسؤولية تاريخية، والتاريخ يسجل مواقف لكل من يقف مع أو ضد الإرهاب.

عملية التحرير التي يقوم بها الجيش والحشد الشعبي عملية مقدسة وليست ثأرية

يتم تقديم الحشد الشعبي على أنه تنظيم شيعي تدعمه إيران لمواجهة السنة في العراق، وذلك في إطار تسعير الحرب السنية الشيعية، فما مدى صحة هذا الأمر، وهل تحرك المعارضة العراقية الذي تطور لاحقا إلى أقصى درجات الراديكالية عبر ظهور «داعش» هو في جانب منه حركة ضد «ظلم» الشيعة للسنة كما يعمل البعض على تقديمه وترويجه؟ وهل باتت الطائفية محتمة على دول المنطقة بدءا من لبنان ثم العراق واليوم في سورية؟
من يتحدث بهذا الطريقة هو من يهدف إلى زرع الفتنة الطائفية داخل الشعب العراقي، فالحشد الشعبي انطلق بداية استجابة لفتوى من المرجعية الرشيدة في العراق سماحة آية اللـه العظمية السيستاني عندما وصل إرهاب تنظيم «داعش» على أبواب بغداد، وكانت الفتوى الرشيدة هي مفتاح الحل لمواجهة هذا التنظيم وكان تنظيم «داعش» الإرهابي يسيطر على أكثر من 40 بالمئة من مساحة العراق، وحاليا انحسر إلى أقل من 12 بالمئة بفضل هذه الفتوى التي وحدت العراقيين ولم تقسمهم.
استجاب الكثير من أبناء الشعب العراقي لهذه الفتوى، وأثبتت التجربة تطورها وفعاليتها، ما شجع الكثيرين من أبناء الشعب العراقي من جميع الطوائف شيعة وسنة ويزيديين وأكراد ومسيحيين، للانضمام إلى هذا الحشد.
إن عملية التحرير التي يقوم بها الجيش العراقي والحشد الشعبي هي عملية مقدسة لتحرير الأرض وليس عملية ثأرية، والإعلام الذي يروج عن وجود بعض الحالات الفردية الطائفية لا ينشر الأخبار عن عمليات إنقاذ الآلاف من العوائل النازحة من الفلوجة وغيرها، وللأسف تتم التغطية على الجوانب الإيجابية كما يظهر الظواهر السلبية وقسم منها أيضاً مفبرك.
هذا ما أقصده أن هناك خطة عمل ممنهجة للدفع باتجاه تكريس الطائفية في لبنان أولا ومن ثم العراق، ثم سورية حيث يتم العمل بشكل كبير لتحويل الصراع إلى صراع سني شيعي وعمليات تصفية وتهجير، فهل باتت الطائفية محتومة على دول المنطقة أم يمكن مواجهة هذا المشروع؟
هناك الكثيرون الذين لا يريدون الخير لسورية أو العراق أو لبنان، ولكن إرادة الشعب ووعيه سوف يسقط هذه المخططات ولن يكتب لها النجاح وحتى لو ظهرت في بعض المراحل إلا أنها ستنتهي والواقع الراسخ في العراق وسورية هو أن الشعب واحد وبعيد عن الانقسامات الطائفية ولن يكتب لها النجاح.
هناك من يقول إنه ومع بداية العهد الجديد في العراق تم تكريس الواقع الطائفي عبر استئصال البعثيين من دوائر الدولة وخصوصاً من الجيش على اعتبار أن معظمهم كانوا من السنة، ولاحقا ظهرت دعوات لتجاوز هذه المرحلة فهل تم طي هذا الموضوع؟
أرجو ألا يتم التعاطي مع الطائفة السنية بأمر اجتثاث البعث فلا توجد أي علاقة ولا أي ربط بين الأمرين، فما عرف بقانون بريمر لاجتثاث البعث وتم تعديله إلى قانون المساءلة والعدالة، تراجع كثيراً عن بداياته وتتم إحالة أي شخص إلى هيئة المسائلة لتكشف إذا كان مرتبطاً بجرائم معينة أو الإثراء على حساب أموال الدولة، ومن يثبت أن لديه أي ملف يأخذ موقعه الطبيعي، وهناك الكثيرون عادوا إلى الدولة بعد أن ثبت عدم علاقتهم بأي جرائم سابقة وهؤلاء أخذوا تقاعدهم أو عادوا لوظائفهم في الدولة. والكثير من العراقيين الذين كانوا في سورية وبعد اتخاذ القرارات في هيئة المساءلة ومن باب المصالحة الوطنية عادوا إلى العراق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن