سورية ونقطة اللا عودة
| بيروت – رفعت البدوي
الدورة الحالية لمؤتمر هرتزيليا الذي يبحث مستقبل دولة الاحتلال والأخطار التي تهددها تزدحم بالمشاركين العرب، على رأسهم المدعو أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة إلى سفير الأردن في تل أبيب، وشخص يدعى عصام زيتون ممثلاً «الجيش السوري الحر» وأيمن عودة، النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي، علاوة على مندوبين من قطر، ومصر وتركيا.
هذا الحضور العربي المكثف لمؤتمر يبحث الأخطار التي يمكن أن تهدد دولة الاحتلال يشكل أبشع أنواع التطبيع، ويساهم في تقديم النصائح لها حول كيفية مواجهة قوى المقاومة والممانعة التي تشكل تهديداً مباشراً للكيان الصهيوني.
من المؤلم، أن السلطة الفلسطينية، التي يمثلها السيد مجدلاني في المؤتمر التي باتت الدرع الواقي لحماية إسرائيل ولمستوطنيها في اعتقال الفلسطينيين الناشطين، وكل من يفكر بالعمل على انتفاضة أو أي حراك معاد لها بما في ذلك أعمال المقاومة بأشكالها كافة.
باختصار إنه الهوان بعينه.
ها هي دول عربية نفطية تتسابق نحو تقديم الولاء والطاعة لأميركا والغرب مقدمة أوراق اعتماد خط فيها إقرار صريح بخيانة القضية المركزية للعرب «فلسطين».
ها هي دول نفطية عربية تصوت لمصلحة إسرائيل في ترؤسها رئاسة لجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة ومن يدري ربما يأتي يوم نشهد فيه تصويت تلك الدول العربية لمصلحة ترؤس إسرائيل منصب الأمانة العامة للأمم المتحدة.
عرب النفط يجهدون في التطبيع مع إسرائيل من خلال اتصالات ولقاءات مباشرة وها هم يشاركون علانية في مؤتمر هيرتزيليا الصهيوني ناهيك عن تبادل الزيارات السرية بحجة بحث آفاق السلام مع العدو ومنهم من فتح سفارات وبعثات دبلوماسية وملاحق تجارية لإسرائيل سامحاً بالتبادل التجاري مع العدو الإسرائيلي ومتخلياً عن فلسطين وشعب فلسطين.
بات القرار العربي ومؤسساته مغيباً لا قيمة ولا وزن له في لعبة الأمم منتظراً من يقرر عنه ويأمر وما على عرب الاعتدال المستسلمين إلا التنفيذ حتى لو كانت القرارات والأوامر تأتي عكس مصالحنا العربية.
هل حقاً ضاعت فلسطين؟
إذا أردنا الحصول على جواب من عرب النفط نستطيع الجزم بأن الجواب سيكون نعم، إن الحديث المتداول والجملة المتداولة بين أوساط عرب النفط من نخب ومراكز دراسات حتى على الصعيد الرسمي (خلصونا من فلسطين).
وحدها سورية العربية وحليفها الإستراتيجي إيران والقوى القومية العربية وحزب اللـه ومعهم القلة القليلة من العرب بقوا على ثباتهم مخلصين للمبادئ العربية متمسكين بفلسطين وبحق الفلسطينيين بالثبات والدعم والمساندة نحو بوصلة لا تعرف الانحراف ولا المساومة في الدفاع عن الحقوق العربية.
إن من يتمسك بفلسطين كحق عربي لا مساومة فيه يمسك بالعروة الوثقى ها هي إيران ونتيجة تمسكها بنصرة قضية فلسطين أمسكت بمفتاح الولوج إلى السياسة الإقليمية من الباب العريض مشكلة بالتكافل والتضامن مع سورية وحزب اللـه والقوى العربية القومية الحلف المقاوم لكل مشاريع عرب النفط والغرب وأميركا الهادفة للتطبيع مع العدو الصهيوني منتزعة اعترافاً دولياً ببرنامجها النووي السلمي ما جعلها تكسب نفوذاً قوياً إقليمياً ودولياً لا يمكن تجاوزه.
ها هو حزب اللـه أصبح القوة الإقليمية الرادعة للعدو الإسرائيلي محققاً توازن الردع مع العدو لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي ما جعل الحزب قوة إقليمية وممراً إلزامياً لأي تسوية لبنانية كانت أم إقليمية.
ها هي سورية الجريحة الصامدة الثابتة ورغم حروب العالم التي تخاض على أرضها لأكثر من خمس سنوات متتالية إضافة إلى الإرهاب العالمي المصدر إليها والممول من عرب النفط والاستسلام صارت سورية الدولة القوية صاحبة القرار السوري الحر الرافضة لأي إملاءات من أي جهة أتت أكانت من الحليف أم من الخصم مكرسة دورها الأساسي في قلب المعادلة وحاجة إقليمية ودولية لا بد منها في محاربة الإرهاب العالمي ورسم النظام العالمي الجديد. لاغلو في القول إننا بلغنا نقطة اللا عودة عن قرار قلب المعادلة لاستعادة القرار العربي وإن سورية ستكون رأس حربة في هزيمة مشاريع عرب النفط والهوان الهادفة للتطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني.