الحكومة ترد على أعضاء مجلس الشعب
تستمر جلسات مجلس الشعب بمناقشة قرار رفع أسعار المحروقات لليوم الثاني على التوالي دون أي جدوى فوزراء الفريق الاقتصادي ومن خلال ردودهم على مداخلات نواب المجلس أكدوا أن قرار رفع الأسعار لم يكن مفاجئاً بل جاء بناء على بيان الحكومة وعلى دراسة متأنية حسب ما صرح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام الجزائري وأكد أن قرار رفع الأسعار غير مفاجئ وأن الحكومة مستمرة في عقلنة الدعم وفي إطار ممنهج وضمن حزمة من الإجراءات المتكاملة تطبق على حوامل الطاقة وغيرها وتعديل أسعار بعض المشتقات النفطية لا يحظى أي تأييد في كل المراحل لكونه يمس معيشة المواطن بشكل مباشر لكن ارتفاع أسعار النفط عالمياً هو الذي استدعى ذلك وهو خيار إجباري وليس اختيارياً ولا سيما أن سورية أصبحت خلال الفترة الراهنة تستورد القمح وغيره من المواد الأساسية، إضافة للمشتقات النفطية مقابل انخفاض حجم التصدير.
وزير المالية د. إسماعيل اسماعيل قال مسوغاً قرار رفع أسعار المشتقات النفطية: إن عجز الموازنة قد تجاوز الخطوط الحمراء من زمن وقد دفعت الحكومة أكثر مما تحققه من وفورات الأسعار مؤكداً أن عجز الموازنة قد بلغ 34.800 مليار ليرة جراء التعويض المعيشي الأخير.
وأشار إلى أن سورية هي البلد الوحيد الذي يدرس أبناؤه بشكل شبه مجاني وأسعار النفط كذلك بالدول المجاورة أعلى بكثير مما هي عليه في سورية وهل نعيد الكرة ونترك أموالنا تهرب إلى الدول المجاورة أم نقوم بمعالجة الأمر وتصحيح ما نحن عليه؟ وأشار إلى أن النفط كان يشكل 38 بالمئة من إيرادات الخزينة قبل الأزمة والآن يتم استجرار المواد والمشتقات النفطية بتكلفة أعلى من الأسعار العالمية نتيجة الحصار الاقتصادي المفروض على سورية، إضافة إلى تدني المنتجات الزراعية وكمياتها، مبيناً أن المصدر الوحيد للخزينة حالياً يعتمد على الرسوم والضرائب وموارد بعض المؤسسات العامة الرابحة، واصفاً سعر الصرف الحالي والوضع النقدي في ظل الحرب الإرهابية التي تعانيها سورية بالمتوازن الممتاز، معتبراً أن ما قامت به الحكومة من إجراءات تدخلية مؤخراً في سوق القطع الأجنبي كان محاولة مهمة لضبط السوق وخاصة مع وجود عجز بالموازنة وبالتالي تمويل بالعجز.
وأضاف: هناك محاولات دائمة للموازنة بين الاحتياجات الأساسية وإمكانيات التمويل لاستجرارها وإن ما دفعته الحكومة عبر التعويض المعيشي أكبر مما تحققه من وفورات رفع أسعار المشتقات النفطية ولفت إلى أن المنطقة الشرقية كانت تشكل المورد الاقتصادي الرئيسي لسورية واستهدافها جزء من المخطط التآمري ويسعى بالدرجة الأولى إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني.
لافتاً إلى وجود خلل بين العرض والطلب على بعض السلع فسورية بعد أن كانت مصدرة للحبوب أصبحت تعاني زيادة مستورداتها على حساب الصادرات منها وبالتالي استخدام الاحتياطات لتلبية الاحتياجات فضلاً عن العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على سورية التي طالت المصارف الحكومية وبعض المصارف الخاصة.
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شاهين لم يتعب نفسه بالإجابة والتعليل على قرار رفع الأسعار بل اكتفى باستعراض ممل لإنجازات الوزارة التي وعد بأنها لن تتساهل بحق كل من يحاول العبث بقوت المواطنين عبر الإجراءات العقابية والجزائية، مبيناً أن الوزارة اعتمدت حلولاً إبداعية من خلال الحجز على البضائع في حالات الاحتكار والبيع بسعر زائد وقد نظمت 900 إغلاق وأكثر من 5 آلاف ضبط خلال عشرين يوماً، معتبراً أن ذلك إنجاز للوزارة مضيفاً: إن الوزارة تعمل على تأمين المواد الغذائية الأساسية عبر التوسع أفقياً بإحداث مؤسساتها ومراكزها جغرافياً، إضافة إلى تسيير سيارات في الأرياف والمناطق البعيدة عن مراكز المدن.
من جهته وزير النفط والثروة المعدنية سليمان العباس قال: عبء قطاع النفط كبير لذلك لا بد من مراجعة الأسعار لأنه من بداية 2015 وحتى شهر آذار أسعار المشتقات النفطية كانت أدنى من التكاليف وكنا في صدد دراسة الأسعار لكن مع بداية شهر آذار كما قلنا والارتفاع الجنوني لسعر الصرف وصل ارتفاع من 28 دولاراً إلى 50 دولاراً سعر البرميل وصل الدعم خلال هذه الأسابيع القليلة المازوت المدعوم إلى 127 ليرة فوق الـ135 ليرة والبنزين 161 فوق 160 والغاز المنزلي 1174 ليرة فوق 1800 عندها كان لا بد من مرجعة الأسعار أما الرواتب أو تحريك الأسعار فكان هذا الإجراء لزيادة أسعار المشتقات مؤكداً أن رفع الأسعار ليس هو المرة الأولى ولن تكون الأخيرة لأنه من الصعب على الحكومة الاستمرار.
إلا أن قطاع النفط كان دعامة الاقتصاد الوطني ولكنه استهدف من خلال تدمير إرهابي ممنهج في الداخل وعقوبات اقتصادية في الخارج، مبيناً أن هناك حاجة إلى 2.4 مليار دولار سنوياً لتأمين احتياجات قطاع النفط ويتم تأمين نحو 1.2 مليار منها من الخط الائتماني الإيراني لشراء المشتقات النفطية المطلوبة على حين بلغت خسائر قطاع النفط جراء الأزمة حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري نحو 26 مليار دولار، مؤكداً أن انخفاض أسعار النفط عالمياً إلى أدنى مستوياته في نهاية شهر آذار الماضي ساعد في تحمل الأعباء لتأمين المشتقات حيث بقيت أسعار المشتقات ضمن الحدود المقبولة وكنا بصدد دراسة تخفيض أسعار المحروقات لأن أسعار التكلفة كانت أقل من سعر المبيع، مضيفاً: لكن ارتفاع أسعار الصرف وأسعار النفط العالمية دفعنا إلى تعديل الأسعار وفي حال انخفاض الأسعار العالمية سيتم خفض أسعار المحروقات وإعادة النظر بها من جديد.
بدورهم أعضاء مجلس الشعب اعتبروا أن ما قدمته الحكومة من مسوغات غير منطقية، مطالبين بضرورة طي القرار وتخفيض الأسعار وبشكل فوري.
عمار بكداش قال: إن القرار دستوري ولكنه غير أخلاقي ولا مهني وإن إستراتيجية الحكومة تتركز على إيجاد أي حل على حساب الشعب وليس لمصلحته وإن الخطوة تأتي لمصلحة المضاربين نتيجة القفزة التضخمية الجديدة الناجمة عن رفع أسعار المحروقات ولا سيما مادة المازوت، مؤكداً أن المواطنين لا يمكنهم التحمل وهم يرون المضاربين يزداد دخلهم بشكل خيالي، مبيناً أن السياسة الاقتصادية ضربة للعمال والفلاحين والصمود الوطني.
النائب حسين حسون أكد ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لضبط آلية السوق لسعر الصرف والحد من ممارسات السوق غير النظامية وضبط حركتي العرض والطلب والحد من المضاربات وإلغاء مكاتب الصرافة وإتاحة الدور للمصارف العامة وتشكيل مجلس استشاري أعلى لرسم السياسات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتخطيط.
وتساءل عضو المجلس نضال شريطي: ما الفائدة من طرح هذا الموضوع أمام حكومة تصريف أعمال؟ داعياً إلى ضرورة انتظار الحكومة الجديدة.
بدوره عضو المجلس زياد سكري اعتبر أن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية يجب أن يناقش من منطق العقل والتعرف على المسوغات هذه الإجراء للاطلاع على الحيثيات والأسباب الحقيقية على حين اعتبر عضو المجلس عمر أوسي أن القرار سينعكس تراجيدياً على المواطنين، مؤكداً حق أي عضو بإبداء آرائه في المجلس.
من جهة أخرى دعا الأعضاء إلى مراجعة وإعادة النظر في قرار رفع أسعار المحروقات كله وخاصة مادة المازوت التي ستشكل عبئاً إضافياً على المواطن وخاصة غير الموظف. مؤكدين أن القرار جائر بحق المواطنين ولقمة عيشهم الأمر الذي ينذر بكارثة اجتماعية ما يستدعي العمل على درئها ومنع حدوثها.
الكزبري: الضرورات تبيح المحظورات
في تصريح خاص لـ«الوطن» قال النائب أحمد الكزبري: إننا اليوم بحالة حرب والحرب على سورية مفتوحة على كل الجبهات على الليرة والرغيف وإن صدور قرار رفع أسعار المشتقات النفطية هو قرار حكومي مدروس بامتياز ولا يصدر من وزير وإنما صدوره لا يسر أحداً لا الحكومة ولا قيادة ولا أعضاء مجلس الشعب ولا الشعب لكن يجب ألا ننسى أننا في حالة حرب والضرورات تبيح المحظورات ويجب ألا ننسى أننا كدولة كان لدينا نفط نحو 386 ألف برميل يومياً اليوم 9 آلاف برميل وسورية كانت دولة مصدرة للقمح اليوم نستورده إضافة إلى انعدام السياحة وعائداتها وانعدام التصدير وانخفاض القيمة الشرائية لليرة بفعل الإرهاب اليوم لم يبق أمام الدولة لتأمين رواتب الموظفين إلا نقطة وحيدة هي الرسوم والضرائب ومن ثم يجب تخفيف فاتورة الدعم المقدم للمشتقات النفطية، مشيراً إلى أن آلية توزيع الدعم لا شك أنها مهمة وعلى الحكومة أن تقوم بتأمين المادة وتأخذ هي الفرق بين السعر الحقيقي والسعر الذي يصل للمستهلك أفضل من أن يصل هذا الفرق إلى التجار والمتلاعبين بقوت المواطن لكن السؤال المهم: ما الآلية التي يجب أن تتبعها الحكومة لضبط التلاعب وخاصة أن مشكلتنا الأساسية تتعلق بسعر الصرف والفكرة الآن ليست أن نكون مع قرار رفع السعر أو ضد الفكرة الأساسية أن هناك أولويات والأولوية اليوم لدعم الجيش ثم المواطن.
ولفت الكزبري إلى أنه للأسف هناك العديد من القرارات الخاطئة التي تصدرها الحكومة والتي لها انعكاسات سلبية وتخبط في الأسواق، وأشار إلى أنه على الحكومة أن تلجأ إلى خلق الحلول علماً أن حل مشكلة رفع الأسعار المحروقات موجود وبقانون رسمي لكن هناك تجاهل مقصود من الحكومة أو عدم دراية وخاصة أن نص القانون واضح وقد جاء بناء على رفع أسعار المحروقات في العام 2009 وحصل أثناءها اعتراض من مجلس الشعب وبناء عليه صدر القانون القاضي في مادته الأولى بأن يتم بقرار من مجلس الوزراء وبسبب تعديل أسعار المشتقات النفطية اعتماد الإجراءات اللازمة والتعهد الخاص بتوزيع مبلغ الدعم النقدي لمادة المازوت.
المادة الثانية: تحديد المبالغ المراد توزيعها بشكل نقدي على المواطن السوري المقيم إقامة دائمة ومن في حكمهم من أرباب الأسر المستحقة للدعم ممن يحملون بطاقات عائلية، مطالباً بتطبيق القانون مباشرة.
نحن بحاجة إلى فريق اقتصادي قوي وأن تعيين وزير المالية رئيساً للجنة الاقتصادية لا يجوز لأن وزير المالية جابي الحكومة لا يجوز أن يكون رئيساً للفريق الاقتصادي الذي من المفترض أن يكون وزير الاقتصاد هو المعني مؤكداً أن مشكلتنا الأساسية اليوم تكمن بعدم وجود فريق اقتصادي قوي.