قضايا وآراء

وماذا بعد عملية «أورلاندو»؟

| صياح عزام 

عملية «أورلاندو» الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية هي عملية قتل جماعية بامتياز، وهي الأكبر من حيث عدد الضحايا في تاريخها، وهي الثانية من حيث حجم الخسائر البشرية المترتبة عليها منذ أحداث الحادي عشر من أيلول 2001.
ثمة مناخات من الغموض ما زالت تحيط بعملية «أورلاندو» وقد يحتاج أمر معرفة مختلف ملابساتها والأجواء المحيطة بها إلى مزيد من الوقت، في الوقت الذي اتضح فيه أن منفذ العملية «إرهابي» متعاطف مع داعش عن بعد على ما يبدو، ومعروف من الأجهزة الأمنية بتطرفه وخاضع لمراقبتها، ولكنها من دون أن يمنعه ذلك من شراء سلاح آلي أو العمل كرجل أمن (خاص).. بالطبع هنا تثار أسئلة متعددة عن «التقصير» في مسألة التعاطي مع الإرهاب في الولايات المتحدة والغرب عموماً.
أياً يكن الأمر، هذه ليست المرة الأولى التي يضرب فيها «الإرهاب المحلي» في الولايات المتحدة، فقبلها بستة أشهر، نفذ زوجان باكستانيان عملاً مماثلاً في «كاليفورنيا».. لكن «النشأة المحلية» للتهديد الإرهابي، لا تعني بحال من الأحوال أنه ليس مُستلهماً من مصدر واحد بعيد آلاف الكيلو مترات… «داعش» التي أعلنت مسؤوليتها عن هذه الجريمة البشعة، تتحول إلى برمجة عملها من جديد، بحيث ما إن تجد بيئة فردية أو جماعية بالمواصفات الضرورية، حتى تبدأ العمل بأعلى كفاءة ممكنة، تاركة خلفها الخراب والأشلاء الممزقة.
لقد قال كثيرون –وهم على حق- إن «داعش» تزداد خطورة كلما اقتربت من خط نهايتها في العراق وسورية، وخطورتها لن تقتصر على البلدين المذكورين، فهي تبحث باستمرار عن أهداف رخوة وعمليات استعراضية في شتى أنحاء العالم، وخاصة في الدول الغربية الكبرى، وذلك بهدف رفع الروح المعنوية لإرهابييها وأنصارها من جهة، ومن أجل التأكيد لخصومها من جهة ثانية بأنها باقية وتتمدد وإن كان ذلك بأشكال مختلفة.
السؤال المهم هنا، كيف سينعكس اعتداء «أورلاندو» الإرهابي على سياسة واشنطن تجاه سورية والعراق والحرب على داعش؟ وهل سيترك الاعتداء أثره على المعركة الانتخابية المحتدمة على الرئاسة الأميركية بين «هيلاري كلينتون ودونالد ترامب»؟
من الصعب أو السابق لأوانه إيجاد أجوبة دقيقة على هذين السؤالين، وعلى أي حال، إن مثل هذه العمليات الدامية والمفاجئة مرشحة للاستمرار والتصاعد، فالحرب على الإرهاب، ولو أنها ليست كما يجب أن تكون فعالة أكثر من الجانب الأميركي، ربما تسهم في تعطيل قدرات «داعش» على تنظيم هجمات منسقة من عناصر منتظمة في صفوفه وتلقوا تدريبات في معسكراته، لكن «الصنف الثالث» من الإرهابيين المتأثرين عن بعد بالتنظيم والمعروفين باسم «الذئاب المتوحدة» سيشكلون التهديد الأبرز للأمن والاستقرار في المرحلة المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن