من دفتر الوطن

اليساري التائه!!

| عبد الفتاح العوض 

من الشخصيات الكارثية التي فضحتها الكارثة السورية شخصية اليساري الذي تاه عن أفكاره وذهب بعيداً عنها بل في أحيان كثيرة سار عكسها تماماً.
في محيطنا الاجتماعي نماذج من أولئك الذين بدؤوا حياتهم في الماركسية والشيوعية ثم تحولوا تدريجياً إلى الالتزام الديني.
التحول من رفيق إلى حاج يكاد يكون تحولاً طبيعياً في مجتمعنا.
فالأفكار الماركسية والشيوعية وكل ما يرتكز عليه اليسار تعتبر أفكاراً مغرية لفئة الشباب، تكاد تكون المرحلة الأولى من حياة الكثير من الشباب السوري بداية «يسارية» ففي المرحلة التي تبدأ فيها الأسئلة الوجودية مع إشارات الاستفهام الكونية والرغبات بالتحرر من الالتزامات الدينية فإن اليسار يصبح مكاناً ملائماً ومتاحاً ومريحاً.
هؤلاء ليسوا جزءاً من النقاش ضمن الشخصيات الكارثية في الأزمة السورية لسببين أولهما أن هذا التحول من رفيق إلى حاج هو تحول حدث قبل الأزمة يحدث بعدها.
ثم إن هذا النموذج ليس الفئة التي تعبر عن اليسار فعلاً.. هؤلاء مروا مرور الكرام في حقل اليسار ثم مضوا في طرائقهم المختلفة.
ما أتحدث عنه ضمن الشخصيات الكارثية هم «اليساريون» الذين أطاحت الكارثة السورية بهم… والأنكى من ذلك أنهم في تصرفاتهم وسلوكهم كانوا أكثر من خان اليسار وأفكاره.
أول فئة تلك التي تبعت وارتضت بالتبعية لأفكار مناهضة لأفكارها لمجرد الالتقاء بالمصالح أو بالأهداف.
النماذج كثيرة وخاصة من كبار اليساريين السوريين الذين اشتهروا واحتلوا مساحة في الرأي العام السوري بناء على أفكارهم التي تخلوا عنها ما إن بدأت الكارثة السورية.
ولا شك أن هذا النموذج كان صارخاً في المعارضة السورية وخاصة أن الأداة الفاعلة في هذه المعارضة كانت بشكل أو بآخر تمثل الإسلام السياسي بأشكاله المختلفة باللون الموحدة بالهدف والمضمون.
ولا شك أن هذا النموذج بالغ بتغيير لونه وأظهر إسفافاً في تبرير سلوكه… والأهم من كل ذلك أنه أضحى مثيراً للشفقة… والاحتقار!!
النموذج الآخر من اليساري التائه هذا الذي ما إن بدأت الكارثة السورية حتى خلع الرداء اليساري ولبس قميص الطائفية تحت مبررات كثيرة غير مقنعة.
صارت لهجة الطائفية تثير القرف تحت شعارات مطاطة وفجة. والأدهى من ذلك أن هذا النموذج ابتعد كثيراً في التطرف إلى طائفته أو عشيرته معلناً بذلك عن شخصية مصابة «بالشيزوفرينيا» الوقحة.
لا أستطيع أن أجد أسباباً منطقية لتحولات اليسار السوري وتخليه عن الصورة التي حاول رسمها له المجتمع على أنهم مجموعة مثقفين زهاد وحالمين. في الواقع.. لم يكونوا زهاداً.. وخسروا أحلامهم وصرنا نشك في ثقافتهم!!
الخسارة التي مني بها اليسار السوري على وجه الخصوص والعربي على وجه العموم كانت لمصلحة الإسلام السياسي يشاركه في الخسارة النموذج القومي الذي ضاعت بوصلته مع الخلافات العربية العربية وتخلي الكثير من العرب عن أهدافهم العليا بل حتى تخلوا عن مصالحهم.
ليس من المبكر الحديث عن موت اليسار فالضياع بداية النهاية.

أقوال:
• أسوأ من الفاشل من لا يحاول النجاح.
• الغضب ريح قوية تطفئ مصباح العقل.
• عندما تفكر في الغايات يجب ألا تنسى الوسائل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن