ثقافة وفن

وترجّل نادر الأتاسي أعتق المنتجين السينمائيين العرب … الرجل الذي عشق السينما فأصبح جزءاً من ذاكرتها الجميلة

| وائل العدس

غيب الموت المنتج السينمائي السوري نادر الأتاسي الذي توفي في بيروت عن عمر ناهز 97 عاماً.
واعتبر الأتاسي شيخ المنتجين السينمائيين العرب حيث أنتج أول فيلم سينمائي لدريد لحام ونهاد قلعي عام 1964 بعنوان «عقد اللولو» كما أنتج أفلام السيدة فيروز مع الأخوين رحباني، إضافة إلى أغلب الأفلام التي جمعت دريد ونهاد وعدد من الأفلام الأجنبية في الولايات المتحدة وفرنسا وكندا.
هذا الرجل الذي ظل محافظاً على وفائه لحلم يستحق الاحترام ورفع القبعة، وهو الذي نقل للشاشة الكبيرة الكثير من المشاريع السينمائية الجميلة والراقية.

وستبقى مغامراته السينمائية النادرة كما اسمه نبراساً لعشاق فن السينما الحقيقي، ينهلون منه معنى الحب والتفاني في تقديم الجهد لما فيه خير السينما السورية.
أسس شركة تعهدات عام 1945، نفذت أكبر المشاريع الهندسية في سورية وأبرزها معمل النسيج في حمص عام 1947، ومبنى البريد والهاتف في حلب عام 1958، ومعمل السكر في حمص عام 1949، مشروع تنقية ونقل مياه الفرات عام 1950، مستودعات ميناء اللاذقية 1956، مبنى الأيتام بدمشق 1957، مبنى البريد والبرق والهاتف بدمشق 1957، معمل الزجاج بدمشق 1958، ومعمل السكر في دمشق عام 1960، وغيرها من المشاريع.
ولد الراحل في حي باب هود حمص عام 1921 وحصل فيها على الشهادة الإعدادية ودرس الثانوية في مدرسة التجهيز بدمشق ومن ثم توجه إلى بيروت إلى الجامعة اليسوعية وتخرج في معهد الهندسة الفرنسي في بيروت بدرجة جيد.
قرر البدء بمزاولة مهنته مهندساً ومقاولاً فكانت المقاولة الأولى له تنفيذ مشروع طريق حمص-السلمية، وانضم إلى جمعية المهندسين السوريين التي أصبحت فيما بعد نقابة المهندسين.
عندما أصدر فيضي الأتاسي جريدة في حمص «السوري الجديد» عين نادر الأتاسي صاحب الامتياز ورئيس التحرير.
وللأتاسي ترجمة في كتاب معالم وأعلام من حمص الشام للشيخاني وكيخيا، وكذلك في كتاب «من هم في العالم العربي» وكتاب «من هو في سورية 1951» لجورج فارس، وقد أصدر الأتاسي سيرته الذاتية بكتاب عنوانه «حياتي ثلاثية الأبعاد».
ويحمل الراحل العديد من الجوائز والدروع التقديرية، وكان الموزعون والنقاد العرب على موعد إلى مائدته عاماً بعد عام في «كان» خلال المهرجان السينمائي.
الأتاسي والسينما

عندما نستحضر من ذاكرة السينما السورية الأسماء اللامعة والمؤسسة، فلا بد لنا من التوقف ملياً عند اسم نادر الأتاسي الذي سطر باسمه صفحات في السينما السورية، فهذا الرجل، الذي أولع بالسينما، وعمل بها، منتجاً وصاحب صالات، وكان صاحب إسهامات كبيرة في السينما السورية، قد قدم خلال فترة عمره الطويلة في السينما الكثير من الأعمال.
في عام 1958 عرض المهندس نور الدين كحالة على نادر الاتاسي مشروع إقامة صالة سينما في حمص وتم ذلك، فامتلك عدداً كبيراً من الصالات.
ففي حمص، بعد سينما حمص امتلك سينما الفاروق والأمير وصالات أخرى كان مشتركاً بها مع جوزيف خوري وهي أوبرا والقاهرة والزهراء.
وفي دمشق: كان يملك سينما دمشق والأهرام استثمار.
وفي حلب: الفؤاد وفريال وريالتو وشريك في سينما الشرق.
وفي اللاذقية: سينما اللاذقية وشهرزاد وأسس لسينما أوغاريت.
في عام2009 قام بتجديد صالة سينما دمشق في قلب العاصمة، لتكون مجمعاً سينمائياً، يعد من أفضل صالات السينما في سورية وافتتحت الصالة بفيلم «سيلينا» المأخوذ عن مسرحية هالة والملك للأخوين الرحباني.
الأتاسي هو الذي أنتج كل المشاريع السينمائية للرحابنة ونقلها من المسرح للشاشة الكبيرة، كذلك فعل مع مشاريع الفنان دريد لحام الذي أنتج له معظم أعماله في السينما، وتعاون مع شركات بلدان أخرى ومع مخرجين ونجوم عرب مشهورين.
هذا المنتج الكبير يملك في سجله أفلام السيدة فيروز منها: «بنت الحارس»، و«سفر برلك»، و«بياع الخواتم»، كذلك فقد أنتج للفنان الكبير دريد لحام: «الحدود»، و«التقرير»، و«الكفرون».
وأنتج أيضاً فيلم «ياسلام عالحب» إخراج محمد سلمان، و«عقد اللولو» أول فيلم ثنائي لدريد لحام ونهاد قلعي، و«غرام في اسطنبول» وكان هذا الفيلم إنتاجاً مشتركاً مع تركيا، و«خياط السيدات» إخراج عاطف سالم، و«الرجل المناسب»، و«اللص الظريف»، و«الصعاليك»، و«1+1»، و«عندما تغيب الزوجات».
ولم يقف نشاطه عند حدود السينما، فأنتج للتلفزيون مسلسل (الملاك الثائر) الذي يتناول قصة حياة جبران خليل جبران، وعرض المسلسل عام 2007 في عدة محطات تلفزيونية.

الإنتاج العالمي
انتقل إلى الإنتاج العالمي وأنتج فيلم «حب مع الأبراج» تأليف تيودور غيتس، وتعاقد مع الموسيقار الفرنسي بيار بيشليه لتلحين الأغنية وتأليف الموسيقا التصويرية للفيلم.
أنتج فيلم «كسارة البندق» وكان تقديم الفيلم في فندق المارتينيز خلال مهرجان كان السينمائي عام 1982.
أنتج فيلم «سيد الوحوش» من إخراج دون كوسكاريللي وعرض الفيلم في 1000 صالة عرض في أنحاء أميركا.
بعد لندن وهوليوود أسس في باريس شركة إنتاج وتوزيع أفلام «فيلماكس» وأنتجت هذه الشركة عدة أفلام أولها: «يوم تعس» إخراج ميشيل فيانيه وتمثيل الممثلة الألمانية برباره سوفوكا التي حصلت في العام نفسه 1982 على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان برلين السينمائي، وفي عام 1984 أنتج فيلماً تلفزيونياً للمخرج الفرنسي فيليب دو بروكا بعنوان «لويزيانا».
ومن الأفلام المهمة التي أنتجها في باريس «دم الآخرين» وكان الفيلم مقتبساً عن رواية الأديبة الفرنسية الكبيرة سيمون دو بوفوار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن