قضايا وآراء

جوانب من «الالتواء القيمي السلوكي» للإرهابيين ورعاتهم

| صياح عزام 

في أعقاب ما سمي –غربياً- بـ«الربيع العربي» لوحظ شيوع أنماط سلوكية مستجدة تماماً في الظروف الاستثنائية التي عاشتها وما تزال بعض الدول العربية وفي مقدمتها الحرب الإرهابية ضد سورية والعراق وليبيا، بحيث تحولت هذه الأنماط إلى توجهات مستقرة وسمات شخصية لدى الكثيرين، وهي ناتجة عن عدم قدرة ذهن هؤلاء على احتمال السيل الإعلامي المتدفق من الخارج إلى الصعيد المجتمعي منذ نهاية 2010 وبداية 2011.
ووفق علم «تحليل النظم»، كانت المدخلات أكبر وأقوى من طاقة القدرة الذاتية لأصحاب هذه السلوكية على استيعاب هذا السيل الإعلامي وتنظيم عملية التفاعل داخل المنظومة لإنتاج المخرجات المناسبة وتوظيفها في الرد على ذلك.
هذا مع ملاحظة أن هذه الأنماط السلوكية شملت غالبية الدول العربية خاصة البلدان التي ضربها هذا الربيع بموجاته اللافحة، وطبعت بطابعها المجال السياسي بما فيه العلاقات بين الأفراد والمجموعات والعلاقة بين الدولة الشرعية وما يسمى «المعارضات، وتركت آثاراً سلبية لها طبيعية «غير سوية»، لتنتهي إلى أعراض مرضية، أو إلى ما يمكن تسميته «الالتواء القيمي السلوكي» لدى الكثير من الأفراد والجماعات. وقد تجسد هذا الالتواء القيمي السلوكي في تفكك عرا الشخصية السوية ولاسيما عند ذوي الثقافة المحدودة/ أو عند بعض ضعاف النفوس ممن لهم طموحات خاصة وضيقة،، الأمر الذي أدى إلى إنحدار على سلم التكوين الاجتماعي للشخص وللجماعة، نزولاً عن مرتبة الانتماء الجمعي إلى مراتب الانتماءات الفرعية بأنواعها، القبلية والعشائرية والطائفية والمذهبية، وكلها نزعات مقيتة تتسم بـ«عدم تقبل الغير» مع سعي أصحابها ورعاتهم إلى تصعيدها عن طريق وسائط التواصل الاجتماعي الإنترنتي والفضائيات المأجورة، وصولاً إلى استخدام المال والسلاح المقدم من دول الخليج وتركيا وأميركا وفرنسا وغيرها، إذ إن هذه الدول ترى لها مصلحة في دعم وتعميم هذه السلوكيات وترجمتها على الأرض بإرهاب غير مسبوق ضد الدولة ومؤسساتها وأبناء شعبها كما يحصل في سورية منذ أكثر من خمس سنوات.
والآن فيما يلي بعض جوانب هذه السلوكية للمجموعات الإرهابية في سورية.
– العمل على إشاعة وتعميم «ثقافة الكراهية»، حيث تحولت بعض الفئات والقوى والعناصر الاجتماعية ومؤسسات الدولة إلى «أهداف» سهلة ومشروعة للتشهير والتدمير والقتل والتهجير.
– الإصرار على الانتقام من الغير أو «الآخر» جرياً على عادة بائدة هي /الأخذ بالثأر/ تذرعاً بالقصاص.
– اللدد في الخصومة مع عدم التورع عن استخدام جميع الوسائل الممكنة على قاعدة «الغاية تبرر الوسيلة».
– التطرف في فرض الآراء وإبداء المشاعر والتعبير عن الرغبات بعيداً عن المنطق والعقل.
– نمو نزعة إفناء الغير، ثم «التشفي» أو «الشماتة» والشعور بالفرح حين وقوع الضرر مثل قتل العسكريين أو المدنيين الأبرياء، أو تدمير وتعطيل مؤسسات واقتصاد الدولة، بل الدفاع عمن يقوم بالتفجيرات الإرهابية وإطلاق القذائف الصاروخية على الأحياء المدنية.
– انتشار ظاهرة «التفكير الرغبوي» أي التفكير بالرغبات الشخصية، ومن ثم تحويل «الأوهام» الذهنية إلى يقينيات لا يقبلها العقل، وهو ما يمكن أن يسمى «تجسيد الوهم».
– السعي لاستدعاء أعداء الوطن للمساعدة على تدمير الدولة واحتلالها، وهذا ما حصل بشكل واضح في طلب المعارضات السورية خاصة منها الخارجية وأدواتها في الداخل من الولايات المتحدة ضرب سورية عسكرياً لإسقاط الدولة فيها كما حصل في ليبيا، وكذلك قيام جبهة النصرة الإرهابية بالتنسيق مع إسرائيل وطلب مساعدتها ضد الجيش السوري.
هذه هي بعض السمات السلوكية لما يسمى بالمعارضات السورية وأدواتها من المجموعات الإرهابية المسلحة، هذا علاوة على اقتتالها فيما بينها كما حصل في المذابح المتبادلة بين ما يسمى «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» في غوطة دمشق الشرقية والتي أودت بحياة أكثر من /700/ إرهابي من الطرفين، فضلاً عن المدنيين الذين سقطوا بالجملة والمفرق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن