ثقافة وفن

أحيانا يُضطر المرء أن يعيش واقعاً لم يتخيل يوماً أنه قادر على العيش فيه … رياض ديار بكرلي: انطباع الناس عن دار «السعادة» أو «المسنين» بأنها دار المرضى أو المهملين اجتماعياً

| سوسن صيداوي

البيئة المحيطة هي دائما المحرّض الأكبر لما نحن عليه اليوم، وهذه البيئة رغم بساطتها وشعبيتها إلا أنها كانت حارة بمشاعر الاندفاع وبالأفكار الطموحة، لشباب قل نظيره في الوقت الحالي ويصعُب أن يفكر من هم في نفس العمر بنفس الطريقة، هذه الطريقة كانت ممزوجة بحيوية الشباب وحبه للحياة وسعيه لاكتساب كل ما هو جميل سواء بالثقافة والالتزام، المترافق مع الضحك واللعب، إذا البيئة الشعبية مع البساطة والمحبة شكلّت إنسانا هو رياض ديار بكرلي، المخرج التلفزيوني الذي دأب على الطموح منذ نعومة شبابه، متدرجا في عالم الثقافة والإعلام ثم الفن، عاشقا للدراما الاجتماعية التي مكنّته من أن يكون أول من يحرّض أو يسلّط الضوء على الدراما العائلية العربية في مسلسل «الأخوة»، المخرج رياض ديار بكرلي تفتّح عطاؤه الفني وكان رغم كل شيء كالـ«ورود في تربة مالحة»، كما أثبت رغم محدودية المستطاع في الإمكانيات و«الخطوات الصعبة»، بأن «تلك الأيام» هي بصمة حقيقية وليس من السهل محوها لأن الفن بالنسبة له كان إبداعاً وليس وظيفة، وبالطبع شخصيات ذلك الزمن لم تكن «شخصيات على ورق» ولن يتجرأ أحد على التفكير في نسيانها وبالطبع هذا ليس بمنطق ديكتاتوري بل منطق مهني مبني على معايير وأسس ومفاهيم غير قابلة للتداول.

لماذا أنت هنا في دار «السعادة» للمسنين؟
عندما يصبح الإنسان في مرحلة من العمر يصبح مزاجه صعباً، وبالرغم مما يخطط له الإنسان للمستقبل إلا أننا لا نملك سلطة على الغيب، وبالتفاهم بيني وبين صديقة عمري السيدة «رويدا الجراح» اتخذنا القرار بأن أكون هنا، وأنا هنا ليس لأن هناك اختلافاً أو خلافاً معها على الإطلاق، بل احتراما لرغبتي بأن يكون هناك تباعد… وليس انفصالاً، فوافقت بأن أكون هنا رغم أن الاتصال قائم والزيارات موجودة واللقاءات دائمة، كما أن انطباع الناس عن دار «السعادة» أو «المسنين» بأنها دار المرضى أو المهملين اجتماعياً، ولكن الحقيقة هي غير ذلك، وصحيح أن في الدار أسساً وأنظمة لتسيير العمل فيها، ولكنني بصراحة أنا أخلق في غرفتي حياة خاصة بي، فأنا أقرأ وأكتب وأشاهد التلفاز، كما أنني أزور أصدقائي وأتواصل مع الجميع عبر الهاتف واللقاءات، إذا حياتي أعيشها بشكل طبيعي وكل شيء جيد.

تكوينك النفسي والشخصي وحتى الفني أثرت فيه عدة عوامل سواء البيئة الشعبية البسيطة في ركن الدين، إلى حنو والدتك والانضباط باعتبار والدك ضابطاً في الشرطة، كيف أثرت كلها فيك وخاصة أنك ابتدأت خلال فترة تأسيس التلفزيون كمدير استديو.. تكلم لنا عن هذه المراحل وآثارها..؟
لسوء الحظ لم أعرف والدي، لقد توفي وأنا عمري عامان، في حين كانت والدتي هي الأب والأم، والبيئة التي عشت فيها كانت بيئة شعبية ولكنها غنية جدا، وهي التي أتاحت لي بأن أكون مع مجموعة من الأصدقاء من الحي نفسه، وهؤلاء الأصدقاء أصبحوا أعلاما في حياتهم، وبالمصادفة كانت لدينا كلنا طموحات أدبية وثقافية منذ الصغر، فمثلا أسسنا ونحن بعمر خمسة عشر عاما «ندوة» أطلقنا عليها اسم «ندوة الفكر والفن» أسسها إضافة لي كل من: محمود جبر، وعادل قرشولي، وعصمت شيخو، وعلي برازي، ومروان مراد، وهذه المجموعة من الشباب كان لديها نهم ثقافي كبير بعكس ما نلاحظه اليوم من أبناء الجيل نفسه، والبيئة التي كنا نعيش فيها هي البيئة التي ساهمت كي يعيش طموحنا، واستطعنا فيما بعد أن نصدر جريدة، وقام كل واحد منا بنشر أفكاره وخواطره وقصصه، حتى إننا شكلنا مسرحا من طاولات المطبخ في منزل عادل قرشولي، وكنت دخلت للجو الإعلامي والثقافي وأنا في سن مبكرة جدا فعندما كنت في السادسة عشرة دخلت الإذاعة من خلال برنامج للطلبة يقدمه المذيع «عصام حمّاد»، إذا الاطمئنان للبيئة الحاضنة التي كنا نعيش فيها هي من دفعتنا للجرأة بأن نجرّب وننطلق، وهذا كلّه شكّل عناصر إيجابية ومهمة في تكوين شخصيتي فيما بعد، ولكن بعد أن أنهيت البكالوريا التحقت بالخدمة العسكرية، وفي عام 1958 كانت هناك فورة نشاط، بوقت كانت فيه البلد تعيش في مخاض سياسي، وفي وقتها كانت لدي تطلعات وميول شخصية، وتمّ توقيفي في ليلة رأس السنة في 31/12/ من نفس العام لمدة ثلاثة أشهر بسبب تلك التطلعات التي لم تتعد لكونها مجرد أفكار، وفي مرحلة أخرى من حياتي وقبل التلفزيون ولأن فرص العمل كانت محدودة عملت مدرساً وكيلاً للمرحلة الابتدائية لمدة سنتين، بعدها في عام 1960 بدأت مرحلة تأسيس التلفزيون، وكان اتُخذ قرار في شباط بأنه سيتم إطلاق التلفزيون خلال خمسة أشهر، وهنا كانت الحاجة ملّحة لتشكيل طاقم وتشكيل فريق قادر على إنجاز هذا الاستحقاق في وقته، وتمت الاستعانة بقسم كبير من الإعلاميين العاملين في الإذاعة، فتحولوا للعمل في التلفزيون، وتمّ إرسال البعض إلى بلدان كألمانيا وأميركا، وبنفس الوقت تم استقطاب عناصر محلية لا تحتاج إلى إيفادات فورية مثل مديري الأستديو والفنيين إضافة إلى جميع العناصر التي يمكن ممارستها من دون تخصص، وأنا قُبلت لأعمل ضمن هذه الأسرة وبدأت العمل في أول الشهر الثامن مديراً للأستديو، واستمررت في العمل فيه لمدة ثمانية أشهر تقريبا، ثم تقرر إيفادي إلى ألمانيا وعملت مخرجاً واستمررت في هذه المسيرة.

بالرغم من أنكم أسستم مسرحا بسيطا، كما ذكرت، وقدمتم عددا من العروض التي تابعها الأهل والأصدقاء في الحي، إلى أين ذهب حلم المسرح عنك، ولماذا لم تتابعه؟
في هذه المرحلة كنا كلنا نمر في مرحلة شبابية مغمورة بالانفعالات المتأججة، التي لا يمكن لها أن تتحدد بحدود، فمثلا كنا نريد أن نكتب ونؤلف وبنفس الوقت كنا نرغب مثلا بأن نغني، وبالنسبة لي حينها أنا عزفت على الناي ولكنني لم أتابع، كما تعلمت العزف على البزق، ولم أتابع أيضا، وإذا رغبنا بأن نقوم بكل شيء ولكن كان هناك بيننا الممثل «محمود جبر» الذي كان ميوله للمسرح راسخاً وواضحاً، لهذا أكمل مسيرته معه، في حين الدكتور عادل قرشولي أصبح شاعرا كما أنه أصبح مدرسا في الجامعات الألمانية، وما أريد الإشارة إليه بأنه بعد مرحلة من النضوج، تنفرز طموحات الشباب ويختار كل واحد المسار الذي يرغب في السير فيه، وبالنسبة لي المسرح كان حالة تقليدية أو حالة مرحلية في مرحلة معينة ضمن مناخ معين، وبعد أن تم تأسيس التلفزيون وجدت نفسي فيه أكثر من المسرح.

عند تأسيس التلفزيون السوري كان البث المباشر أربع ساعات وما كان يُعرض أخذ طابعاً «برامجياً» كالمسابقات، في هذه المرحلة كانت الإمكانيات جدّ بسيطة، فإلى أي مدى كان البث المباشر صعباً ضمنها؟
نعم… كان البث أربع ساعات من الساعة السادسة إلى العاشرة، بالفعل كانت ظروف العمل جدّ صعبة، تقنيا ومهنيا، ولم يكن في وقتها بيئة درامية، بل كان الإنتاج التلفزيوني… برامجياً، وهو طبعا كان يأخذ من الجهد أكثر ما تأخذه في الوقت الحالي الدراما، وفي وقتها كان لدي أكثر من برنامج وتأخذ كل وقتي طوال الأسبوع، بعكس ما يتم في الوقت الحالي، وأنا برأيي أي مادة تحتاج إلى تفكير وإلى تمعّن مهما كانت بسيطة ومهما كان نوعها، كي يتم إعطاؤها حقها سواء من الإعداد أو الإخراج…، والمشكلة كانت بفقر المعدّات وشُح الظرف التنفيذي والإنتاجي الذي كان يرمّمه الحماس الإنتاجي عند العاملين، فمثلاً الأستديو كان في جبل قاسيون، وكنا نتواجد فيه من التاسعة صباحا وحتى الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، ورغم ساعات العمل الطويلة إلا أننا كنا ننام لنعود في اليوم الثاني بكل طاقة وحماس لنكمل عملنا، إذا هذا الشعور قادر على أن يرمّم كل ما هو من مصاعب ومشاكل يمكن أن تواجهنا، واستطعنا أن نخلق برامج عديدة نالت إعجاب الناس، وهي لا تزال للوقت الحالي موجودة في أرشيف التلفزيون، والسبب في هذا كلّه أن في تلك الفترة كان هناك أناس يحبون هذه المهنة، ويحبون العمل فيها، كما أنهم يقومون بخدمتها، فالناس لم يعملوا للحصول على أجر مادي، بعكس ما نراه اليوم من تحول الفن من حالة إبداعية إلى حالة وظيفية.

أخلصت للإنتاج التلفزيوني العام على الرغم من أنه لا يسعى للربح، لأنه يلتزم بالكثير من الأمور منها إعطاء المخرج حريته وعدم التدخل في القصة؟
بالطبع… لأن ما يميّز جوهر الأعمال التي ينتجها التلفزيون أنه يقدم موضوعات بصرف النظر إن كان ممكن تسويقها أو لا، فهي تقدّم الموضوع الذي تريده وتقدم الفكرة وحتى الموقف السياسي، لأنها معنية بالدرجة الأولى أن تظهر الفكرة وتنشرها، وهذه المعادلة غير متوافرة في القطاع الخاص والذي بطبيعته قبل أن يقوم بأي عمل، يفكر بإمكانية تسويقه كما يفكر أيضاً في المناطق التي سيصطدم بها، لهذا فهو يحدّ من الأفكار ومن المضامين، بعكس مؤسسة الإنتاج العامة والتي لا يمكن أن تتخلى عن المضمون الفكري وغيره من المضامين، ولابد لي من توضيح الأمر التالي وهو أنه وللأسف الشديد، قسم كبير من الأعمال التي تحمل تواقيع سورية، تنفّذ بأموال غير سورية، وتحمل أفكاراً لا يتبناها السوري، وإذا تمعّنا في الواقع نجد أن الكثيرين يسعَون للإنتاج داخل سورية لأنها توفر الكثير من الشروط مثل البيئة الجغرافية المتنوعة والكلفة المنخفضة، إضافة إلى الاحترافية والكفاءة اللتين يتمتع بهما الفنيون والفنانون، والأجور فهي مقارنة مع الدول الأخرى ممتازة، فلهذا يفكر المنتج بالإنتاج هنا حتى لو لم تكن البيئة بيئته، طبعا هناك عدم ضبط لهذا قد يكون من نقابة الفنانين أو قد يكون من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، إذا يجب على جهة ما أن يناط بها التدقيق في الأعمال التي تمول من الخارج وتنفذ في الداخل.

كنت من المساهمين في الدراما الاجتماعية، ولكن من الأوائل في طرح ما يمكن تسميته بدراما العائلة بالمشاركة مع السيدة المخرجة والمؤلفة رويدا الجراح؟
نعم… هذا كان في الجزء الأول من مسلسل «الأخوة» في عام 1991، ومن بعده تم تنفيذ عدد من الأعمال التي تحمل صفة دراما العائلة، وهناك من يعتقد أنها كانت موجودة ولكن برأيي نحن من قمنا على الأقل بالتحريض على هذا النوع على الرغم من أنها كانت منتشرة في المسلسلات الأجنبية، ونحن أتينا وسلطنا الضوء عليها.

كيف كانت هذه التجربة مع السيدة رويدا الجراح؟
لمسلسل «الأخوة» قصة غريبة، لأنه كُتب في الثمانينيات، وتقدّم للتلفزيون ورُفض، فذهبت بعدها «رويدا» وقدمته في الأردن، وقُبل هذا المسلسل ببيئته وأجوائه السورية، والغريب أن رفضه من التلفزيون السوري لم يكن منطقيا، بعدها في عام 1991 التقينا صديقاً قرر إنتاجه، وفي وقتها كان الإنتاج في المؤسسة العامة وفي العموم يُعتبر مغامرة، وحتى نشّجع صديقنا المنتج، قمت أنا و«رويدا» زوجتي بالمساهمة في الإنتاج، فهي كانت مساهمة في نصِّها، وأنا ساهمت في الإخراج وفي إدارة الإنتاج وفي أجور الفنانين ضمن اتفاق معين، وبالفعل تمّ إنجاز الجزء الأول ونجح بطريقة لافتة للاهتمام، وطبعا عُرض في التلفزيون السوري، الذي رفضه، ثم طُلب منا أن نتابع ونقوم بالجزء الثاني منه، وبالنسبة للتعامل بيني وبين السيدة « رويدا» جميل جدا، ولكن بما أننا من البيئة نفسها، فنحن نصل في العمل إلى نقاط صعبة الحل، فأنا لدي كمخرج رؤية وهي كـ كاتبة ومخرجة لها أيضاً رؤية، وعندما أكون مخرجا للعمل الذي قامت بتأليفه، فعلي وبطبيعة الحال أن أضع رؤيتي عليه، وليس ما تراه، الأمر الذي يؤدي إلى الاصطدام ببعض النقاط وإلى المشاحنات المجانية العادية، بسبب عدم فرز الحقوق والواجبات الفنية والمهنية، ولكنها لم تسبب أي إشكالات، ولدينا العديد من الأعمال المشتركة غير الأخوة بجزأيه، مثل «طقوس الحب والكراهية» وكلها لاقت نجاحاً.

هل أنت ضد الفانتازيا التاريخية؟
كلا أنا لست ضد الفانتازيا التاريخية ولا ضد أي نوع من أنواع أو ألوان الفنون، ولكن الفكرة هي ميل وأنا أحب جدا تذوق الفنون، فمثلا أحب أفلام الخيال العلمي لأنها تخلق نوعا من الخيال والمتابعة والتحريض على التفكير، فالأجناس الفنية لها حقها في الظهور والإنتاج، والمخرج مثله مثل المُشاهد الذي يحب الأعمال الشعبية، والآخر الذي يحب الأعمال الاجتماعية، والآخر الذي يحب الأعمال العنفيّة، وأنا في الأساس ومنذ بداياتي محب ومعجب بالدراما الاجتماعية، فمن خلالها أستطيع أن أقول كل شيء، لأن جرعتها سهلة للمتلقي الذي يشاهد نفسه من خلالها، ويرى بيئته ومحيطه، وحتى عندما كنت أقرأ نصوصا، كنت أطلب من مدير دائرة النصوص بعدم تحويل أي نوع من أنواع النصوص، باستثناء النصوص الاجتماعية، فمثلا مسلسل «ورود في تربة مالحة» كل من يشاهده يرى فيه الحياة المعيشة، سواء أكانت تخص الولد، أم الأم، أم الأب، أم الجد، فالكل فيه جزء من الحياة اليومية، ونجح المسلسل لأنه قريب من الناس وفيه هذه المواصفات.

هل الدراما في الوقت الحالي تلمس هموم المجتمع، وهل هي بهذا القرب؟
في كل موسم رمضاني هناك عدد من المسلسلات التي تلامس الهموم، بصرف النظر عن المرحلة الحالية التي فرضت بالبوصلة التوجه إلى مسار آخر، ولكنني أجد أن الدراما الاجتماعية في القطاع الخاص غير محظوظة، لأن بوصلة القطاع الخاص متوجهة بمعظمها إلى ما يطلبه السوق وليس إلى ما يجب أن نقدمه للمتلقي.

تعتبر أن الكتّاب والمؤلفين في الوقت الحالي تصدّروا، ولكنهم بعيدون عن الكتابة والتأليف لأنهم يقدمون نصوصا استهلاكية وقصصاً بعيدة عن المجتمع السوري؟
المختصون والمتخصصون غير قادرين على تلبية حاجة السوق، الأمر الذي يُظهر في الوقت الحالي دخول البعض من المغامرين، وفي الحقيقة هو أمر متاح ومباح، ومنهم من قدم، ولأول مرة، نصوصا جيدة، ومنهم من له باع سواء بالميدان الصحفي والميدان القصصي والأدبي وحاولوا أن يقدموا للدراما ولكنهم لم ينجحوا، وفي الوقت الحالي ترى عددا من الكتّاب يقولون في هذا الموسم لديّ أكثر من عمل، فهنا علينا أن نفكر من أين له الوقت الكافي لتأليف الصور وخلق القصة وتوصيف الشخصيات ومسارات القصة، إذا هذا نوع من الاستسهال للموضوع بقصد ربحي، هنا المشكلة، وخصوصا أن النص هو مفتاح نجاح العمل أو فشله.

إذا هل مشاكل الإنتاج وترهل النصوص من العوامل التي أبعدتك عن الإخراج منذ عام 2004؟
ما زلت أتمتع بالقدرة والرغبة والحماس أن أشارك، فالشخص بجيلنا وبمعايير جيلنا، وبالوقت نفسه ينظر إلى المهنة بالحقوق والواجبات، صعب عليه أن يُنتج أو يُخرج أو يقوم بعمل من الأعمال التي تتوافر فيها الظروف الراهنة، وخاصة لأن المعايير وحيثيات أخذ القرار أصبحت بأيد غير مهنية، فمثلا لا يمكنني العمل مع شخص يتدرب الآن كي يكون مصورا، فأنا أريد أن أمارس دوري كمخرج من أدق التفاصيل حتى أكبرها، وهذا غير متاح في الوقت الحاضر الذي فيه الكثير من الاختراقات، وخاصة في الوقت الحالي هناك الكثير ممن لهم صفة الدخيلين سواء أكانوا فنيين أم مؤلفين وحتى مخرجين وفنانين، فغير المؤهل يتساهل بالأجر لأنه يريد فرصته كي يتمكن من الحصول على تراكم مهني من خلاله يتحكم بعدها بالأجر، وبالمقابل الجهة المنتجة تريد سعراً أقل، وبالنهاية عندما ينتهي العمل الناس لن يروا المشاكل والعقبات الجوهرية التي واجهت العمل، أنا لا أتكلم بمنطق ديكتاتوري بل بمنطق مهني وبالتالي معاييرنا وأسسنا ومفاهيمنا التي تكوّنا عليها غير قابلة للتداول.

ماذا تقول للناهضين بالدراما في الوقت الحالي؟
أحب أن أشد على أياديهم في الوقت الحالي، وخصوصا لأنهم يسعون لإبقاء الفن حياً في ظل الوقت الراهن، وهذا أمر يسجل لهم، فالظرف صعب جدا، وأطلب منهم أن ينظروا إلى المهنة بشيء من التساهل واللامبالاة بأن يمنح المهنة شيئا من الاهتمام والصدق في التعامل، لأنها سترد لهم هذا الاهتمام بوفاء أكبر وبمردود أكبر، نحن لدينا مواهب من كل التوجهات في المجالات الفنية التقنية، والفنية الإبداعية، وما نحتاجه هو صدق في التعامل وعلى الرغم من كل شيء فأنا متفائل وعندي يقين بأن الغد هو أفضل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن