الأخبار البارزة

صناعيون: الشروط ستحول من الحصول على القرض.. تجار: تفيد الحرفيين أكثر.. الحرفيون: الضمانات الكبيرة تمنع الاستفادة منها…شروط تعجيزية للقروض التشغيلية..والحسم بيد المصارف العامة

محمد راكان مصطفى:

على مبدأ «إذا لم ترغب في تزويج ابنتك فارفع نقدها»، ينظر بعض المسؤولين في المصارف العامة إلى قرار مجلس النقد والتسليف السماح للمصارف بمنح قروض تشغيلية لرأس المال العامل، على أن تكون قصيرة الأجل، أي لا تتعدى فترة تسديد القرض السنة الواحدة، فمن يقترض 5 ملايين ليرة لتمويل احتياجات منشأته عليه دفع قسط بحدود النصف مليون ليرة في كل شهر!
وبذلك يشكك العديد من المصرفيين بجدية  منح القروض التشغيلية، التي تشغل معظم وقت المصارف العامة حالياً لإعداد الدراسات اللازمة لتنفيذ القرار.
وجاء في تعليقات أكثر من مسؤول مصرفي في القطاع العام تحدثت إليهم «الوطن» حول تلك القروض، أنه لو أراد المصرف المركزي حقاً منح القروض التشغيلية لدعم الإنتاج المحلي لما وضع شروطاً صعبة، وحمّل مجالس إدارات المصارف العامة مسؤولية تحديد آليات وضوابط وشروط منح هذه القروض، بالإضافة إلى تحديد الضمانات المقبولة.
علماً أن تصريحات حاكم مصرف سورية المركزي كانت واضحة في هذا الموضوع، إذ أعلن أن القرار القاضي بالسماح للمصارف العامة باستئناف منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل، جاء في إطار حزمة من الإجراءات والخطوات التي قام بها مصرف سورية المركزي خلال الفترة الماضية بهدف دعم وتشجيع الصناعة الوطنية وزيادة الإنتاج والتشغيل.
وفي تصريح لـ«الوطن» أكد الصناعي بشار حتاحت عدم الجدية في منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل، وأشار إلى أنه سيتم العمل على إرهاق الصناعي بالطلبات والشروط التي ستحول دون حصوله على القرض.
رأى عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أنه من الممكن لهذه القروض التشغيلية أن تفيد الحرفين أكثر من غيرهم، لكونها محكومة بعدة شروط كمدة السداد.
في حين رأى رئيس الاتحاد العام للحرفيين ياسين السيد حسن أن هذه القروض فرصة جيدة للحرفين الراغبين في العودة إلى الإنتاج، مطالباً مجالس إدارات المصارف بوضع ضمانات منطقية يمكن تقديمها من قبل الحرفيين، مثل المعدات والآلات، مبيناً أنه في حال تم طلب ضمانات كبيرة فسيتعذر على الحرفين الاستفادة من هذه القروض التشغيلية.

في خانة «اليك»
يبدو أن مسؤولية تحقيق الانسجام الصعب بين تصريحات الحاكم وشروط منح هذه القروض أصبحت في ملعب المصارف العامة، إذ ينص القرار على قيام مجالس إدارات المصارف العامة وعلى مسؤوليتها بتحديد آليات وضوابط منح هذه القروض ولا سيما شروط منح هذه القروض، وتحديد الضمانات المقبولة، مع مراعاة الوضع المالي للمصرف ومدى كفاية الأموال المتاحة للإقراض ووضع سيولته ومدى جودة محفظة التسهيلات الائتمانية، مع الالتزام بقرارات مجلس النقد والتسليف المتضمنة النسب الاحترازية وضوابط تصنيف الديون وتكوين المخصصات إضافة إلى مراعاة مخاطر الأنشطة الاقتصادية في ظل الظروف الحالية. ‏
وفي متابعة الموضوع لدى المصارف العامة علمت «الوطن» من مصدر مصرفي مسؤول أن المصرف التجاري يعمل حالياً على دراسة إمكانية منح قروض تشغيلية، والتي من الممكن أن يحدد سقفها بمبلغ 300 ألف ليرة سورية في حال وافق مجلس إدارة المصرف على استئناف منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل.
كما علمت «لوطن» أن مجلس إدارة المصرف الصناعي اتخذ قراراً بعدم استئناف منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل، لكون الشروط والمعايير الموضوعة من قبل المصرف المركزي لا تتناسب مع وضع المصرف، من حيث ضخامة القروض غير المنتجة كنسبة من إجمالي ديون المصرف الصناعي، وارتفاع نسبة الديون إلى الودائع، على أن يتم إعادة النظر في هذا القرار من مجلس إدارة المصرف كل ثلاثة أشهر. علماً أن الإشكالية المتعلقة بسيولة المصرف الضعيفة، والتي لا تمكنه من منح القروض الإنتاجية، قد تم حلّها مؤخراً، من خلال إتاحة المجال أمامه لإبرام اتفاقيات أصولية لإدارة القروض مع المصارف الأخرى التي تمتلك سيولة فائضة، ولا تمتلك الخبرة الكافية في مجال دراسة ومنح ومتابعة تحصيل القروض الصناعية.
وبالنسبة للمصرف العقاري فقد أصدر مجلس إدارته قراراً بتشكيل لجنة لدراسة القرار ووضع الضوابط والشروط لعملية استئناف منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل التي من المتوقع ألا يتجاوز سقفها 500 ألف ليرة سورية، حتى تضمن إمكانية تسديد الدفعات وإتمام سداد كامل القرض ضمن الفترة التي حددها المركزي بعام واحد فقط، بحيث لا يكون هناك صعوبة في التسديد، وبهدف التخفيف من المخاطر بالنسبة للمصرف.
علماً أن كلاً من مصارف التسليف والزراعي والتوفير يقومون حالياً بدراسة الضوابط والشروط لعملية استئناف منح القروض مع مراعاة شروط المصرف المركزي، ومن المتوقع الانتهاء من هذه الدراسات في وقت قريب ليصار عرضها على مجالس إدارة المصارف قبل عرضها على المصرف المركزي.
بالعودة إلى قرار مجلس النقد والتسليف الذي سمح للمصارف العامة استئناف منح القروض التشغيلية قصيرة الأجل لمدة عام واحد فقط، نجد أنه نص بوضوح على أن يكون هذا التمويل من موارد المصارف الذاتية لتمويل رأس المال العامل حصراً لقطاعات اقتصادية محددة وفق الأولويات الاقتصادية المرتبطة بالاحتياجات الراهنة، المتمثلة بالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وقطاع الإنتاج الصناعي وقطاع الحرف اليدوية التقليدية، حيث تم تحديد هذه القطاعات بعد التنسيق مع الجهات المعنية ذات الصلة كهيئة التخطيط والتعاون الدولي ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن