المحضر الخالي الدسم
| محمد حسين
لا يكاد يخلو اجتماع من «كاتب» يقوم بتدوين النقاشات والأحاديث التي يسمعها بأم أذنه من الأطراف المشاركة في هذا الاجتماع وكثيراً ما نلجأ إليه لتدقيق بعض الأرقام أو العبارات أثناء تغطيتنا للاجتماعات.
وما يقوم بكتابته هذا «الكاتب» يتحول إلى «محضر» يتضمن كل شاردة وواردة في هذا الاجتماع يمكن البناء عليه لاحقاً في إصدار التعليمات والتوجيهات وحتى القرارات التي قد تنتج عن هذا الاجتماع أو غيره.. وقبل كل ذلك يجب أن يكون هذا المحضر (رسمياً) بعد توقيع كل الأطراف المشاركة فيه على ما تم ذكره.
وهنا يتم تعديل الكلمات أو التوصيفات بعد أن يتلى على الجميع ما قام الكاتب بكتابته!! وهذه العملية قد تحتاج ليوم وليلة عادة كما يحدث في اجتماعات مجالس المحافظات أو اللجان الوزارية التي تقوم بزيارات للمحافظات لحل بعض المشاكل الطارئة!! وطبعاً ما بين الشفهي والمدون يتغير الفاعل والمفعول وما قيل قد يتحول إلى نقيضه ومع ذلك تعتبر هذه «المحاضر الرسمية» الوثائق الأهم في عملنا لكونها المصدر شبه الوحيد للمعلومة ولذلك ننتظر توقيعها لكتابة ما نريد إيصاله وهنا المفاجأة فما كنا ننتظره قد لا نجده بعد التوقيع والمحضر تحول إلى «مسحوب الدسم» بلا لون أو رائحة.
ومن الطريف أن سحب دسم المحاضر هذا قد يطول فالقوانين والأنظمة لا تنص على فترة زمنية محددة للتوقيع عليه.
والأسئلة التي تفرض نفسها هنا لماذا لا يتم اعتماد المحاضر المصورة المسجلة ثم يقوم الكاتب بتفريغها وتدوينها كما سمعها.. كي لا يتم تغييرها لاحقاً من قبل قائلها أو غيره.. ألسنا في عصر ثورة المعلومات والاتصالات والجميع يملكون أجهزة تواصل عالية الدقة والسرعة؟!
ألسنا نقول في أمثالنا (الزلمة بينربط من لسانو)؟!.