رياضة

مسلسل المنتخب الإنكليزي مستمر في المواعيد الكبرى … أداء باهت وخروج غير مأسوف عليه

يجزم الكثيرون أن خروج المنتخب الإنكليزي صفر اليدين من فعاليات النسخة الخامسة عشرة لأمم أوروبا المقامة في فرنسا مفاجئ للكثيرين وخاصة أن المنتخب الفائز لم يكن سوى منتخب مغمور يشارك للمرة الأولى في المواعيد الكبرى وهو منتخب آيسلندا، لكن كل من يتابع الكرة الإنكليزية على طول الدرب يجد أنها باهتة وتقع فريسة سهلة بيد منتخبات مغمورة.
المؤلم أن اللاعبين الذين كانوا مع المدرب هودجسون في فرنسا جيدون بما فيه الكفاية لصنع الفارق، بل يحلم بهم كل مدربي يورو 2016 ولكن المشكلة التي يعاني منها الإنكليز كما كل مرة هي فقدان الثقة بالنفس والإيمان بالقدرات في المواعيد الكبرى، مع العلم أن تشكيلة هودجسون تضم عديد اللاعبين الذين أبدعوا في الدوري الأقوى في العالم (البريميرليغ)، فاللاعبان اللذان تنافسا على لقب هداف الدوري جيمي فاردي وهاري كين حاضران ومهاجم ليفربول ستوريدج شارك بكامل الجاهزية والخبير روني (الذي لم يكن كذلك) موجود وقائد ليفربول هندرسون على مقاعد البدلاء ولم يزج به إلا في مباراة واحدة، والمدافعون كاهيل وسمولنغ ووكر وروز وكلاين معروفون بصلابتهم، ولاعبو الوسط آلي وداير وويلشير ولالانا وستيرلينغ أسعارهم عالية في سوق البورصة، ومع كل ذلك شاهدنا أسماء بلا أجسام، ونجزم أن هذه الأسماء لو امتلكها مدرب من طينة الكبار لصنع المعجزات بدليل أن المنتخبات التي واصلت نحو ربع النهائي ليست أفضل على صعيد الأسماء.
أمر آخر يتكرر مع المنتخب الإنكليزي على الدوام وهو التفريط بصدارة المجموعة، فخلال مونديال 1998 حل خلف رومانيا ليواجه الأرجنتين مباشرة، وخلال مونديال 2002 تعادل مع نيجيريا ليواجه البرازيل في ربع النهائي، وخلال يورو 2004 حل ثانياً ليواجه البلد المنظم البرتغال، وخلال مونديال 2010 جاء ثانياً ليصطدم مباشرة بالمانشافت، مع أنه في كل هذه المناسبات كان الأقرب لصدارة المجموعة.

عادة متأصلة
نؤمن أن الخسارة أمام آيسلندا المغمورة في مجال اللعبة الشعبية الأولى في العالم يعد أمراً مفاجئاً، لكن من يدقق في مفردات التاريخ يجد أن إنكلترا خرجت من دور المجموعات لمونديال 1950 بسبب الخسارة أمام منتخب الولايات المتحدة بهدف مقابل لا شيء، تلك النتيجة التي لم يصدقها من وردهم الخبر عبر الفاكس ظناً منهم أن النتيجة الحقيقية 10/1 في الاتجاه الإنكليزي والواحد سقط سهواً عند إرسال الفاكس.
خلال كأس العالم 1962 أصيب مخترعو اللعبة بالإحباط عندما تعادلوا سلباً مع منتخب بلغاريا الذي كان يشارك للمرة الأولى في محفل كبير.
الرواية لا تتوقف عند هاتين النتيجتين فمنتخب الأسود الثلاثة أخفق في التأهل لمونديالات 1974 و1978 و1994 كما أن المنتخب ذاته عجز عن الانضمام لركب كبار القارة الأوربيين خلال النسخ 1964 و1972 و1976 و1984 و2008 وهذه الأمثلة تقودنا إلى حقيقة لا جدال فيها أن المنتخب الإنكليزي تاريخياً ليس من عمالقة البطولة الأوروبية، وكي تكتمل مأساة الإنكليز فقد خسر المنتخب الإنكليزي مبارياته الثلاث خلال يورو 1988 والأولى كانت أمام منتخب جمهورية إيرلندا الذي لم يسبق له حتى ذاك الوقت الحضور في محفل كبير.

أسباب
• لا خلاف أن المدرب هودجسون ليس قادراً على إيجاد التوليفة المناسبة لإخراج الطاقات الكامنة عند عديد اللاعبين، والأهم من ذلك لم يكن قادراً على إيجاد التشكيل المناسب لكل مباراة على حدة.
• الحراسة الإنكليزية منذ زمن الأسطورة بانكس ثم كليمانس وشلتون لا نجد أنها بمأمن.
• التخبط بدا ظاهراً عند الإنكليز بمجرد تلقي هدف التعادل من آيسلندا فكان الهدف الثاني استكمالاً لحالة التخبط.
• الإنكليز حتى اللحظة يلعبون بفوقية بسبب الغرور الذي يهدم في ساعة ما يبنى في أعوام، الغرور الذي تسرب إلى نفوس اللاعبين إثر التأهل بعلامة كاملة، والغرور بأن النتيجة مضمونة أمام آيسلندا.
• عدم الاستفادة من الدرس المجاني الذي قدمه منتخب آيسلندا خلال دور المجموعات عندما فرض التعادل على البرتغال والمجر ثم الفوز على النمسا.
• عدم الثبات على تشكيل واحد في الخطين الأماميين وكأن المدرب هودجسون رضخ لمطالب الإعلام أكثر من مرة، فمرة يبدأ بفاردي ومرة بستوريدج ومرة بهاري كين.
• الاعتماد على واين روني في منتصف الملعب بوجود من هم أفضل منه لم يكن مفهوماً عند أغلب المتابعين، ومن يشاهد روني في المباراة الأخيرة يجد أنه عاجز عن خلق فرص التهديف للمهاجمين لأنه بالأساس هو من تقدم له الخدمات وتهيأ له الفرص، فبدا أغلب مراحل المباراة تائهاً لا يدري ماذا يفعل؟
– الثقة بالنفس كما قلنا ليست متوفرة عند اللاعبين الإنكليز، بل الإنكليز أنفسهم لم يعودوا واثقين بمدربيهم وكلنا يتذكر الاستعانة بالسويدي إريكسون والإيطالي كابيلو، وكي نكون منصفين نجد أن المنتخب الإنكليزي عاش أفضل لحظاته مع المدرب إريكسون بين 2001 و2006 وبحق كان منتخباً مهاب الجانب وتكفي الإشارة إلى الفوز 5/1 على الأراضي الألمانية والمانشافت وقتها وصل إلى النهائي، كما نتذكر أن إنكلترا ودعت من ربع نهائي اليورو 2004 وربع نهائي 2006 بركلات الترجيح أمام البرتغال رغم صعوبة الظروف في تينك المباراتين، كما أن الخروج من ربع نهائي مونديال 2002 بهدف لاثنين أمام البرازيل التي تسيدت العالم وقتها.
باختصار المنتخب الإنكليزي ليست مشكلته مع المدرب لأن إنكلترا لم تعد تفرز مدربين كباراً بدليل أن أندية المقدمة ليفربول واليونايتد وآرسنال وتشلسي والسيتي مدربوها من خارج إنكلترا وهذا درس بليغ يجب الاستفادة منه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن