رياضة

أشبال ويلز يحولون الشياطين الحمر إلى فقاعة ويبلغون نصف نهائي اليورو … التاريخ والجغرافيا مع الديوك لا الآيسلنديين

| خالد عرنوس

تختتم اليوم منافسات الدور الثالث لبطولة كأس أمم أوروبا بنسختها الخامسة عشرة والمقامة في فرنسا بمباراة وحيدة تجمع أصحاب الأرض والتاريخ والعراقة مع الضيف الجديد وبسمة البطولة المنتخب الآيسلندي الذي سيحاول كتابة التاريخ على غرار ما فعل اليونانيون قبل 12 عاماً عندما أبعدوا رفاق زيدان في طريقهم لتفجير أكبر مفاجأة بتاريخ بطولات كرة القدم الكبرى، اللقاء الرابع في ربع النهائي سينطلق في العاشرة من مساء اليوم بتوقيت دمشق على أرض ملعب فرنسا الدولي في ضاحية سان دوني قرب باريس بقيادة الحكم الهولندي بيورن كويبرس.
وكان دور الثمانية شهد تأهل كل من البرتغال على حساب نظيره البولندي بركلات الترجيح عقب التعادل بهدف لمثله بعد 90 دقيقة ولم يتغير الأمر خلال الوقتين الإضافيين لتحسم ركلات الأعصاب الأمر في النهاية لرفاق رونالدو الذي مازال أمامه فرصة لكتابة التاريخ، ولحق بهم أشبال ويلز في دور شبه النهائي عقب تغلبهم على شياطين بلجيكا الحمر الذين تحولوا إلى أشباح أمام النجاح البريطاني بتحويل جل الفرص إلى أهداف بلغت ثلاثة مقابل واحد وليتحول لقاء نصف النهائي بين المنتخبين إلى ليلة (ريالية) بامتياز عندما يواجه غاريث بيل رفيقيه في النادي الملكي رونالدو وبيبي.

واقعية بريطانية
استمرت النتائج الغريبة لبطولة يورو 2016 وآخرها فوز ويلز المفاجئ على نظيره البلجيكي بالثلاثة بعد موقعة ستظل محفورة في الذاكرة البريطانية حتى وقت طويل، فبعد تقدم بلجيكي بالنتيجة والأداء وهدف ناينغولان (13) جاء التحول الويلزي الكبير منذ الدقيقة 31 عندما أدرك القائد ويليامز التعادل وعليه انتهى الشوط الأول بتفوق بريطاني في تسيير اللعب.
في الشوط الثاني بدا أن رجال المدرب ويلموتس وعوا الدرس فهاجموا محاولين الضغط والتقدم من جديد لكن بعد 3 فرص وعشر دقائق جاء التقدم ويلزياً على عكس المجريات وبعمل رائع من المهاجم روبسون كانو الذي أعلن تفوق أشبال بريطانيا، ولم تنفع العودة البلجيكية والسيطرة فقد غاب هازار ورفاقه عن مشهد هزّ الشباك ليتلقوا هزيمة قاسية وتاهت كراتهم أمام مربع العمليات الويلزية ولم تنفع تحركات فيلاييني ومحاولات ناينغولان ولا الزخم القوي لفيلاييني ولا تسديدات دي بروين الطائشة ليتلقى كورتوا الضربة القاتلة من الهجمة الويلزية الثالثة فقط في الشوط عبر البديل سام فوكس الذي سجل على الطريقة الإنكليزية بالرأس الهدف الثالث (86) الذي أنهى مغامرة بلجيكا في يورو 2016.

درس للذكرى
كما ذكرنا فإن المنتخب الويلزي أصبح مفاجأة يورو 2016 حتى اللحظة بحجزه مقعداً بين رباعي القارة الكبير في باكورة مشاركاته مخالفاً كل التوقعات وخاصة تلك التي توقعت نهاية مشوار رفاق غاريث بيل في ملعب ليل ميتروبول، فقد انقلب أشبال الإمارة البريطانية الصغيرة إلى تنين لا يقهر ففككوا طلاسم الشياطين الحمر وبعثروا أحلام فيلاييني وزملاءه ووضعوهم خارج فرنسا بعدما ثبتوهم بالثلاثة، وقدم المدرب كولمان درساً كروياً بالعمل من دون ضجيج التوقعات والترشيحات التي أكدت تفوق البلجيكيين على الرغم من أن الويلزيين سبق لهم الفوز على منافسيهم بالتصفيات.
لم يكن غاريث بيل حاضراً بمعنى التفوق الفردي الذي أخذ على منتخب ويلز بأنه فريق النجم الواحد فاشتغل نجم ريال مدريد ضمن منظومة متكاملة من حارس المرمى الذي تألق في إبعاد ما وصله من كرات وانتهاءً بالبديل فوكس ومروراً بالقائد ويليامز وجون آلن والمحنك رامزي فكانت الصورة متكاملة لفريق استطاع التفوق على أرض الملعب على كل أسماء بلجيكا اللامعة ليستحق في النهاية لقب بسمة البطولة.

حظك يا رونالدو
وضرب المنتخب الويلزي موعداً في نصف النهائي مع نظيره البرتغالي الذي كان أول المتأهلين إلى هذا الدور بعدما ابتسمت له ركلات الترجيح على حساب البولندي عقب التعادل 1/1، وحضر ليفاندوفسكي للمرة الأولى في البطولة من خلال تسجيله هدف التقدم البولندي في الدقيقة الثانية (أسرع هدف في البطولة) لكن الشاب الصاعد سانشيز أدرك التعادل (د33) ليستمر حتى نهاية 120 دقيقة حيث لم تحمل الدقائق المتبقية أي جديد مع عدم تميز فريق على آخر فكان الاحتكام إلى ركلات الترجيح للمرة الثانية في فرنسا 2016 منصفاً في النهاية لفريقين خاضا وقتاً إضافياً في دور الـ16 وهناك تصدى باتريسيو (الحارس البرتغالي) لركلة بوشتشوفسكي (الرابعة) ليحمل السيليكسيون إلى نصف النهائي للمرة الرابعة بتاريخه في حين توقفت مسيرة البولندي عند إنجاز غير مسبوق بالوصول إلى ربع النهائي في مشاركته الثالثة بعدما تأكد حدث تاريخي في البطولة ومفاده عدم فوز أي فريق بركلات الترجيح مرتين متتاليتين.

نتائج من دون بريق
في عام 2004 كان الحضور الأخير للأزرق الفرنسي في نصف نهائي اليورو ويومها تلقى صفعة مدوية على اعتباره سقط في رحلة الدفاع عن لقبه يومها أمام فلاسفة اليونان بهدف أسقطهم عن عرشهم، واليوم ستكون الفرصة مواتية لديديه ديشان ولاعبيه من أجل العودة إلى ذلك الدور للمرة الأولى منذ نسخة البرتغال عندما يلاقي الآيسلندي عديم الخبرة في البطولات الكبرى والذي سيبحث عن أي نتيجة تجعل مشاركته في المحفل القاري الأكبر أفضل ذكرى تتحدث عنها بلاد الصقيع.
خلال مبارياته الأربع في البطولة نال المنتخب الفرنسي الكثير من المديح لكنه بالمقابل أصابه الكثير من سهام النقد على أدائه ونتائجه بالدور الأول خاصة فلم يخرج لاعبو المدرب ديشان بنتيجة حاسمة واحتاج الكثير من العمل والتوفيق والحظ ليصل إلى النقطة السابعة وصدارة مجموعته الأولى، ولم يتغير الحال كثيراً أمام إيرلندا في ربع النهائي حيث تلقى الضربة الأولى قبل أن يستفيق مع بداية الشوط الثاني ويخرج فائزاً بالنتيجة الأقل، ويحسب لغريزمان ورفاقه أنهم عادوا من بعيد عندما احتاج الأمر وأبطلوا مفعول المفاجأة البريطانية.

كرة الثلج.. أين تذوب؟
قبل عام واحد كان الجميع ينتظر اكتمال المفاجأة الآيسلندية في التصفيات الأوروبية ذلك أن الفريق الذي يشرف عليه المدرب السويدي لاغرباك بدت عليه علامات التأهل إلى (فرنسا 2016) لكن لم يكن أحد ليتخيل أن الفريق الذي دأب على احتلال المركز الأخير في كل مشاركاته (تصفيات المونديال واليورو) أو وصافة المؤخرة في أحسن الأحوال قادر على تجاوز الدور الأول للنهائيات القارية مع أول ظهور له فيها.
اليوم اختلف الأمر كثيراً فهاهو المنتخب الأزرق تأهل إلى الدور الثاني على حساب البرتغال والنمسا وبالتساوي مع المجر نقاطاً ولم يكتف بمفاجأة تجاوز الدور الأول بل سار على مبدأ كرة الثلج الهابطة من علو فكبرت وضربت أول الكبار التي اصطدمت بها وكان المنتخب الإنكليزي الذي ضاعت أحلامه تحت ضربة هذه الكرة، وهاهي الكرة الثلجية تحاول التماسك أكثر وأكثر بمواجهة الديوك ودهسهم في الطريق إلى خبطة كروية ربما لن يضاهيها إنجاز سابق.
الأسماء غير مهمة كثيراً في حسابات الآيسلنديين الذين تنتهي معظم أسمائهم بـ(سون) فالأهم هو الأداء الجماعي الإيجابي الذي يخدم الفريق وهو ما نجح بفضله الفريق بتجاوز كل المحطات الصعبة التي واجهتهم حتى الآن.
بالمقابل المنتخب الفرنسي المتخم بالنجوم ظهر حتى الآن كما يجب من حيث النتائج وهو الأهم لدى المدرب وفي السجلات ففي النهاية سيتذكر الجميع أن الفرنسيين قد يفوزون باللقب الثالث بعيداً عن الكيفية.
يذكر أن الفائز من لقاء فرنسا وآيسلندا سيلاقي ضمن نصف النهائي الفائز من ملحمة ايطاليا وألمانيا التي أقيمت مساء أمس وذلك يوم الخميس القادم على أن تسبقها مباراة البرتغال وويلز مساء الأربعاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن