اقتصاد

وزير وحاكم.. ضحايا قناعتهما!

| علي هاشم

لن تبذل الحكومة الجديدة عناء يذكر لدى وضع العناوين الاقتصادية العامة لبيانها المرتقب أمام مجلس الشعب، فما لحق بـ(الفريق الاقتصادي) لسابقتها من انتقادات شعبية ورسمية، يلخص بكفاية ما يجب عمله بشكل طارئ لانتشال الاقتصاد الوطني من كبوته الجاثمة على صدورنا.
ثمة معادلة مقيتة أحكمت قبضتها على عنق الاقتصاد الوطني خلال الآونة الأخيرة، قوامها سلسلة من الخطايا (المفاهيمية) في إدارة دفته بما يتماشي مع استثنائية الواقع الراهن للحرب، نجم عن ذلك، اندفاع قسري نحو سياسة مصرفية انكماشية تتغذى في مشروعيتها على النسب غير المسبوقة للتضخم، ما ساهم بدوره في انزلاق الاقتصاد إلى شلل طوعي عن تفعيل حركيتنا الإنتاجية ذات التأثير المباشر في إنعاش نسب التضخم مجددا.. هكذا بالضبط قضينا سنواتنا الأخيرة هائمين في حلقة مفرغة من المعالجة القسرية للمشاكل بمصائب!! وهذه الأخيرة ما كانت لتتأخر عن إنتاج مشاكلها الخاصة قبل أن نعاجلها بحلول من الطينة المصائبية نفسها!!
ترتبط كلتا قضيتي الإنتاج والتضخم عضويا بمؤسستين وصائيتين هما وزارة الاقتصاد ومصرف سورية المركزي، وهاتان الأخيرتان شهدتا مع التغيير الحكومي الأخير تبدلا دراميا في سدة إدارتهما.
فالحاكم السابق للمصرف المركزي، وهو وزير الاقتصاد الجديد، أفصح مرارا عن انتقاده الرصين لأداء وزارة الاقتصاد، مطالباً (من باطن الحكومة) بضرورة العمل على تفعيل الإنتاج الوطني ودعم التشغيل، وكرر غير مرة أن إعادة حركية القطاعات المنتجة هي القاعدة الأساسية الوحيدة لصمود الليرة على المدى الطويل، موجها إصبعه بطريقة مواربة إلى تقاعس الحكومة عن دورها الطبيعي والتخلي عن مصرفه وليرته (ليقاتلا) في معركة اقتصادية ليس لهما فيها من أدوات سوى متراس نقدي محدود الفعالية!.
الحاكم الجديد، ومدير المصرف التجاري السابق، هو الآخر كان له وجهة نظره في تكتيكات المعركة الاقتصادية، وقد أبدى في مناسبات عدة تحفظه على السياسة الانكماشية التي اتبعها سلفه في المصرف المركزي، لا بل ذهب في أحد الأحيان إلى الغمز مباشرة من قصور سياسته النقدية لوقف التضخم معتبرا أن (الكتلة النقدية كالدماء، يفيد منع دورانها فقط بتوقف القلب «الاقتصادي» عن النبض)!
يبدو كلا الرجلين اليوم في موقعيهما المناسبين: ضحايا بيروقراطية اقتصادية قاصرة ما داما انتقداها في أداء الجالسين السابقين على كرسيهما الجديدين، ولحسن الحظ، فلن يتطلب منهما الخروج من معضلتهما هذه سوى تجسيد قناعاتهما المعلنة سابقا لانتشال الاقتصاد الوطني من لعبة (السحل) القاسية التي تم ربطه -بطريقة سادية فريدة- إلى طرفيها المتعارضين: الركود المتعمق، والتضخم المتصاعد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن